مقالات

التهافت والتجهيل في الفضائيات العراقية

#الشبكة_مباشر_لاهاي_أدهم إبراهيم

للإعلام دور فاعل في نشر الوعي في صفوف المواطنين من خلال التثقيف والتوجيه ، ويعتبر من اهم أدوات التأثير في صناعة الرأي العام ، ولكننا في المقابل نجد ان كثير من الفضائيات العراقية بقيت في اطرها الضيقة وهي بذلك تشكل عاملا خطيرا في نشر خطاب الفرقة والتجهيل ، في غياب منظومة ثقافية او رأي جمعي للتنوير ومواجهة السموم المبثوثة في عقول الناس .
وقد تضمنت كثير من البرامج التلفزيونية ندوات وبرامج يطغى عليها الاسفاف في الحديث المتهافت البعيد عن مشاكل وهموم المواطن الحقيقية . وقد شاعت البرامج الهابطة ، حتى اصبحنا نعيش في مرحلة الانحطاط الفكري والثقافي العام .
ان الجمهور الواعي لم يعد يحتمل هذا الاستهتار ، وافساد عقول الناس بأفكار متخلفة وترهات لا طائل من وراءها ، أدت الى انتشار العقول المغلقة التي ترفض الاعتراف بالرأي الآخر .

ان اي مراقب محايد سيجد في كثير من الفضائيات الاهتمام الكبير بالطقوس الدينية المبالغ بها ، اكثر من الاهتمام بالقيم والمفاهيم الأخلاقية التي جاء بها الدين الحنيف .
ان حرية التعبير لا تعني نشر الجهل والتعصب الفكري ومصادرة التنوع الثقافي ، كما ان عدم تحديد معايير علمية وثقافية رصينة للخطاب الإعلامي قد فتح الباب على مصراعيه لنشر كل ماهو غث وتافه من القول والنقاش .
ومن امثلة ذلك المناظرة الشهيرة بين إسلامي مستقل ونائبة سابقة عن تيار سياسي في احدى الفضائيات والتي كرست بشكل لا لبس فيه ولا غموض مفهوم الاعلام التافه والتسطيح الفكري المؤدي الى التجهيل على مستوى الجماهير ، وقد لاقت استهجان العديد من ذوي الأفكار التنويرية وخصوصا في مواقع التواصل الاجتماعي ، كما أصبحت مدعاة للاستهجان والتعليقات الساخرة .

ان انتشار الفضائيات للأحزاب والتيارات السياسية وتزايد قدرتها بعيدا عن اخلاقيات الاعلام الهادف قد تسببت في انحراف اغلبها عن النهج التثقيفي السليم ، لكونها لا تخضع لأي شكل من اشكال الرقابة الذاتية او الحكومية . وقد تسببت في نشر كل هذا الجهل والتضليل في صفوف الناس . وبذلك اصبح الاعلام فاقدا لكل الأسس المهنية المتعارف عليها في نشر الخبر الصحيح والتعليق الواعي .
ان التضليل الإعلامي ونشر أفكار متخلفة يهدف إلى إشاعة الجهل والأمية من أجل التحكم في مصائر الشعوب والاستحواذ على مقدراتها .

كل هذا يحدث عندنا في وقت يوجب على وسائل الاعلام المختلفة ان تكون أدوات فاعلة في توفير الحد الأدنى من الثقة والثقافة العامة للمتلقين، الأمر الذي يدعو إلى تأكيد مهامها الأساسية في إعادة بناء الانسان على وفق القيم الوطنية وبحرفية مسؤولة تحقق التعايش بين افراد المجتمع ، وتنشد الأمن والسلام، وتنبذ التطرّف والانغلاق .

ان الحاجة قد أصبحت ملحة لتطوير وتحديث الخطاب
الاعلامي الهادف الى توعية افراد المجتمع ، وتقديم خطابا وطنيا يلتمس الحلول للمعضلات الاجتماعية ، ويحقق مصلحة الوطن العليا ويعزز أمن المواطن ، بدلا من اثارة المسائل والقضايا الخلافية .

مع التأكيد على القيم الثقافية العليا في مواجهة تحديات التخلف والتجهيل ، الذي مازالت تعاني منه المجتمعات العربية والإسلامية .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى