مقالات

الثقافة في زمن التصحر …..اكرم التميمي

الشبكة مباشر

الثقافة في زمن التصحر

أكرم التميمي
قد يبدو للبعض ان ظاهرة التصحر تشمل الجوانب البيئية فقط بينما تتعدد الإصابات حسب النوع والمكان والزمان وكما يصاب الإنسان بنوبة قلبية أو مرض عضال أو زكام قد يشفى منه ولكن الإصابات اللوكيميا تسري في الدم وصعوبة معالجتها . وكما تصاب الأرض بمرض التصحر وبالتالي قد تصاب بالعقم في العطاء والإنتاجية .
وعندما تكون الأدغال هي الغطاء الأكبر للأرض وما يترتب عليها من يتلبد بهذه الأدغال والأعشاب غير النافعة . ومن ثم تتسرب الأملاح وتتلهف للمياه التي قد تتحسر عليها بقعة من الأمتار حتى يطفو الجفاف فتتعسر ولادة الأرض للنباتات والخضراء وتصبح الزهور أمنية صعبة المنال .
والصورة متشابهة بين هذا وتلك .. وماذا يعني لو توفرت الأقنعة وبسهولة لكي يرتديها البعض من هؤلاء وهو يحمل معه فيروس الإصابة .حيث تفقد تلك الأرض قدرتها على الاحتفاظ بالماء وتوفير الوسط المناسب لنمو النباتات كما تتدهور خصوبتها نتيجة للجفاف الجائر بحيث تتملح أو يرتفع مستوى الماء الجوفي فيها وتنخفض إنتاجيتها أي أنه يمكن القول بان هذه الحالات المرضية هو تدهور كلي أو جزئي لعناصر الأنظمة البيئية من أراضي ومن ماء ومقومات الإنتاج وبالتالي ينجم عنه تدني القدرة الإنتاجية للأرضية التي يراد منها الإنتاج وتحولها إلى مناطق شبيهة بالمناطق الصحراوية بسبب سوء الاستغلال المكثف لمواردها من قبل الإنسان وسوء أساليب الإدارة التي يطبقها بالإضافة إلى عوامل بيئية أخرى. وهنا تتمثل إصابة ثمرة النخيل بإمراض تخص النخيل .
كل ذلك يمكن تمثيله بالواقع الثقافي والتعبوي في العراق وبالتالي فان الميدان التربوي والتنموي للأجيال القادمة ستصاب بنسب عالية في هذه الأمراض لعدم إرساء الأسس الصحيحة والصحية في آن واحد ضمن سياقات المناهج والبرامج التعبوية في التربية والتعليم ولم يكن للمنظومة الثقافية او المؤسسة التنموية والتعليمية دورا متميزا في هذا الحيز لان المرتكزات الاساسية مفقودة اصلا . بحيث يعد البعض ان الثقافة تقتصر على الادب والفن والجانب الاكاديمي بينما تعتمد الثقافة على السلوك الاجتماعي والتعامل الميداني مع مجريات الاحداث بشكل يومي وفق الجانب الاقتصادي والسياسي والاجتماعي و تشكل المناهج والية التعليم والبيئة الاسرية والمجتمعية جانب مهم فضلا عن النظام الاقتصادي للبلد .
ومن المؤكد ان الاستثمارات الثقافية للفرد قد تكون بنوايا استهلاكية للمؤسسة أو الصحيفة أو القناة وبالتالي تفقد المؤسسة الثقافية قيمة الإنتاج ويترتب عليها أمراض بيئية ثقافية تسهم في تدمير الواقع الإنتاجي لثقافة الفرد . حيث يبدأ استهلاك الفرد من الدوران في حلقة مفرغة لعدم وجود منهجية في الجوانب المركزية والسبب يعود الى انعدام الحلقة المركزية التي تنظم عمل المؤسسات الوليدة أو حديثة الولادة وبالتالي فان الرصيد الثقافي والفكري يتعرض للتآكل والانقراض وهذه كارثة أخرى نخشاها . حيث فقدت نكهة الكتابة في مجالات المسرح والسينما والانتاج ومجالات الادب التي فقدت في اشرعتها الواقعية . وهنا يقع اللوم الأول على من يرعى النواة الإبداعية ليروي نموها ويهتم بحضانتها لحين العطاء ولكن ؛ اذا كان المفصل الأول للرعاية الثقافية يعتمد على الجوانب النظرية بدون رسم وتنفيذ المنهاج الإبداعي على الواقع فذلك كارثة كبرى وان اعتمدت المؤسسة الثقافية على الجوانب الشكلية فتلك أكبر ولكن هنا تعتمد الجوانب التفاعلية بين التخصص في الإبداع الثقافي يصاحبها النجاح الإعلامي لأي مشروع ثقافي وفي أي مجال مهما كلف الأمر . هذا من جانب ومن جانب آخر فقد تعتمد عملية البناء الثقافي ومعالجة التصحر على التنمية الثقافية والتي هي بدورها تؤسس لمشروع ناجح دون الإصابة بالأمراض الثقافية الموروثة من تراكمات العهود البائدة والتلوث البيئي الذي حصل من جراء الحروب ونفوذية الانا وثقافة الزحف المقصود على المستوى الطائفي والعنصري .فالثقافة هي سلوك اخلاقي مقرون بالإبداع ومعرفة خارطة النجاح على كافة المستويات .والثقافة هي اللياقة في التعامل الفكري والتنموي في ظل المتغيرات .

الكاتب اكرم التميمي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى