أصبحت غيري !
مضى من العمر دهر
و أنا وحدي أقلب
أمواج الدجون المريب
فتجري متلظية
من شدة حر الوجد
متأججة اللهيب
لجة عند لجة عند اخرى
و تصب بوادي الليل الكئيب
أشعل كل المصابيح
و أضع في كل قنديل
فتيلة أمل عني لا يغيب
لكنها لا تضيء..
لا تضيء..
قصر الروح الرهيب
لا شيء ….لا شيء
غير صمت مرير
يتراءى على الجدران
كطيف غريب
لا شيء….لا شيء
غير أصدائك
أسمعها بالأرجاء
تعلو ثم تغيب
فتعروني رجفة برود
لها بين مفاصلي دبيب
لا شيء غير ظلام
يتسرب داخلي
و يرسمني على وجه
المكان الرتيب
في حلكة القباب
تتطاير صور
ملطخة بسواد الغياب
فيتراءى لي وجه
خريفي
يغشاه الضباب
و أغصان شاحبة
مكسورة الخصر
ترتجف في كف الدجى
منهزمة عارية الثمر
و الريح تدوي بالأعماق
تركض بي بين الأزمنة
عاصفة بالروابي الخضر
كأن أعاصير النهاية جاءت
تنثر أوراق الخريف
على أعتاب العمر
و تسلب الربيع ملامحه
و عطره و أسراب الطير
أو كأن سحب دكناء
أتت من مدائن الضجر
تحاصر الأفق
و تحبس زخات المطر
بؤس غامر
تلبّس بأعضائي
و ملأ بأثواب القحط
حقائب السفر
و سافر بي
في رحلة عناء
بين متاهات القدر
سنوات عجاف
أتلفت سنابلي
و بعثرت عناقيدي
في صحراء الصبر
فصرت لا أعرفني
أنا …لست أنا
أصبحت غيري … !