مقالات

خريف باريس ..الى/ انعام كجه جي

#الشبكة_مباشر- د. كاظم المقدادي

خريف باريس  ..
لا جدال … فأنت ربيعية الهوى لاروع الفصول ، اما انا فقد عشقت الخريف فصلا ، صورة ، ومعنى ، فليس هناك من شهر يفعمك بالغرابة  والمشاعر غير الخريف، ولا شهر  يأخذك …
الى ابعد نقطة من رومانسية وجاذبية  الارض ، غير هذا الفصل الغرائبي المكنون بالأسرار والإبهار … ولا ادري كيف خفي  على نيوتن فعل الجاذبية على المليارات  من ورق الشجر  ، وهي تتساقط على الارض في شهر الخريف ، بينما ظل منشغلا نحو سقوط  تفاحة واحدة ..!! . 
حسنا .. أدركتم الان صورة الخريف ، لكنكم  تجاهلتم  المعنى،، لهذا ادعوكم الى حدائق الموسيقار  فيفالدي …
ورائعته الممتعة ( الفصول الاربعة )  فهذا العبقري الفذ بموسيقاه  اشعرني انه معي بحديقة  لوكسمبورغ في باريس..كان الورق المائل للاصفرار  يتساقط على راسي وكأنه منشورات  نازلة من سماء
متحزبة لله وحده ، معلنة بداية تجريد الاغصان عن ولاء الورق ، ومغادرة بيت الطاعة ، يومها كنت في باريس اتأمل مندهشا ، اعدو  فرحا .. . في شوارعها ، وأتوقف عند ساحاتها ، واكتشف حدائقها وغاباتها ، واتوسل الراحة في مقاهي الحي اللاتيني .. في عيد متنقل كان قد دعاني اليه من قبل الروائي البارع ارنست همنغواي .
هذا الخريف ، يمنحنا دروسا مجانية، ومفاهيم وجدانية ، ومعان إنسانية ،
الخريف معنى الالتصاق والانعتاق ، ومعنى اللقاء والفراق .
لا ادري ،،  لماذا هذا الخريف الوهاب ، يفتح لي في كل عام صفحة جديدة للميلاد ،
و يضعني  في حيرة من امري، متسكعا او متأملا  ، مستقرا او مشردا ، وحتى مهاجرا نحو  عواصمه ،
نحو وطن  الأشجار ، هناك فقط تلتمع امامي فكرة و معنى سقوط الاوراق ، وهي صفراء فاقعة ، تودع غصونها  بحزن و وجع  شديدين .
وكم ساءلت نفسي : لماذا غادر  الرسامون الانطباعيون / رينوار وسيزان ومونيه …بيوتهم ،
يراقبون في الهواء الطلق حركة الطبيعة بكل فصولها ، و تفاصيلها ، بدفئها وثلوجها ، وهيجانها ، وهدوئها ، ثم يضعون الألوان على ثغور أشجارها .
الخريف  .. يا صديقتي  ، يذكرني بباريس يوم قدمتها  في شهر أكتوبر حائرا ،
متوسلا ، كي تمنحني حياة جديدة ، كان ذاك في
شهر  أكتوبر من عام  ( 1973 )  وهو شهر  خريفي بامتياز 
د. كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى