قدر لشعب العراق ان يعيش خريفه التنويري لوحدة .. بينما عاش بقية العرب ربيعهم الكارثي .. قدر لهذا البلد ان يعانق الحرف .. ويسن قوانين الحياة ويسير بالعالم على عجلة اخترعها بالفكر والوصف .. قدر له ان يرسم معالم الطريق الاولى
للبشرية المعذبة ويسن القوانين من دون تأخير ، قبل سقوط بابل .. العاصمة الاولى لعصر النهضة وعصر التنوير .
كان قدر العراق .. ان تدوس ارضه سنابك خيل الفاتحين ، ورعونة قطاع الطرق من اساطين الجهل والطفيليين .. من كورش الاول زعيم الخفافيش .. الى هولاكو معول التفليش .. الى سلاطنة التشويش .. حتى صارت ارض العراق ضيعة لكل
من هب ودب ، وتدرب وجرب .. من شذاذ الافاق / رعاع التتر .. وبقايا الغجر .. ثم رعاة البقر .
كان الاول من تشرين “2019” عراقيا خريفيا بامتياز .. ومثلما يتساقط ورق تشرين من اشجار عالية يباب .. تساقط الرصاص من الاعالي على الشباب .. فأحدث جروحا ، وثقوبا ، وموتا ، فجرح من جرح ، واستشهد من استشهد ، وتعوق من
تعوق ، لكن انتفاضة تشرين ظلت راسخة في الاذهان ، كانت وما زالت حالة وطنية بإمعان ، لا طائفية ولا توافقية .. تاريخها كتب بالدم الاثير ، وبشجاعة منقطعة النظير ، وببسالة وتحد كبير .. حتى رسخت ذكراها في نفوس العباد ، كأشرف
وانبل انتفاضة في تاريخ البلاد .
آه يا تشرين ..
يا موعد وطن الاجداد .. وطن ضاع بين فك السماسرة ، والانذال وقتلة الشباب ، من الذين باعوه برخص التراب .
في الاول من تشرين يتجدد العهد ، بالود والورد .. ويخرج الشباب كما خرجوا اول مرة .. يرفعون اعلام العراق ، تحت نصب الحرية والتحرير ، وبيدهم يافطات التنوير .. ويبقى العراق الموحد شعارهم الاثير .
قالوا “نريد وطن”
ولم يقل احد منهم : نريد منصبا ، او زعيما ، ولا حزبا ، او اجيرا .. كان الوطن في العينيين حي بلا كفن .
كانوا .. يرددون الاف المرات .. والمرات “سلمية .. سلمية ” من الولادة .. حتى الممات..
د كاظم المقدادي