مقالات

لعبة الكراسي …بقلم كامل الصافي

الشبكة مباشر

لعبة الكراسي إلى اين ،،،

في البلاد والعباد حالة من التشاؤم غير مسبوقة في المشهد العراقي ، نظرات سوداوية تسببت في تكوين عتمات داكنة بالعيون حاجبة للرؤية، عيون كل شرائح الشعب العراقي أفراداً وجماعات، مُتعلِّمهم وجاهلهم، وزيرهم وخفيرهم، أستاذ الجامعة ومُعلِّم المرحلة الابتدائية، فيديوهات وشرائح كاسيت تزخر بها المواقع تُبشرنا بأن العراق يتدحرج صوب الهاوية، إلى العدم ، إنه يُباع الآن في سوق النخاسة وأبناؤه سماسرته في مزادات البيع ! ولن يبقى منه إلا تاريخة الذي نتغنى به ، فساد سطو على المصارف في وضح النهار لسرقة الالف المليارات من العملة العراقية من قبل قراصنة مدعومين من رؤوس سياسية كبيرة ، فضائح وزارة التربية لاستقبال العام الدراسي طالب بدون مدرسة بدون كتب بدون رحلات وبدون مستلزمات الدراسة ، اهوار العراق بلا ماء هجرة نفوق الحيوانات ، تصحر مع سبق الاصرار لا توجد سياسة مائية وزراعية والخ من الاهات والمأسي ،
رغم وجود فائض بالمليارات الدولارات والكاظمي يقول إن العراق الاول بالنمو المالي والاقتصادي من بين الدول اي مهزلة هذه ومن المسؤول عن كل هذا البلاء ،
فلماذا هذه الروح الانهزامية ؟ لماذا يريدون إحداث شروخ في دواخلنا ؟ وإشعارنا بأننا سنصبح مواطنين بلا وطن؟ شذاذ آفاق نضرب في مناكب الأرض على غير هدى؟ ونرتضي لأنفسنا الذل والمهانة أينما اتجهنا ؟ لماذا نتجاوب مع تحليلات المتشائمين ونُصدِّق رجمهم بالغيب؟ يقولون لنا بسخرية يجب أن تصدقوا، فالبلد بلا حكومة، وتخبط العشواء في سياساتها وبرامجها وخططها الاقتصادية، دولة مشدودة من الأطراف ، تغيير هائل، ثروات زراعية ومدنية وحيوانية تموت ، أراضٍ تُنهب، عقول تُهجَّر، موانئ ومنافذ تحت حكم الأحزاب ، أمن يُستباح.. فأي بيِّنة أو دليل تريدون منا تقديمه لكم لإقناعكم بأن السفينة تترنَّح فعلاً وقريباً ستغرق؟ وأي (برهان) لديكم يؤكد على أننا متشائمون فقط وسوداويون؟.
لكن رغم كل هذه الكمية من القرائن المُحبطة، والرؤى المُثبطة؛ إلا أننا نثق في قُدرة عقلائنا وعلمائنا وحكمائنا على تجاوز هذه المحنة، وعلى إنقاذنا من هذا الوضع السياسي المِزري، وهذا التشظِّي الذي أوقعتنا فيه تجربة سياسية غير ناضجة، مُندفعة ومتخبطة، تجربة ظلامية رمتنا بدائها العضال وهي تتشدق استكباراً بأنها المُنقذ ، وأنها حادي ركبنا إلى غد مشرق و إلى وطن آمنٍ قويٍّ مُهاب، ليتنا نُصدِّق!! فالشعب أوشك على فقدان ثقته في كل تجارب الحكومات المتعاقبة منذ الاحتلال 2003 ولحد الان ، وأن ينعى إحساسه بوطنه وهو يتابع بأسى وغيظ (لعبة الكراسي) هذه!
ورغم وطأة الإحباط والإشفاق على وطن ،فالإنسان لا يقدم على التضحية بنفسه من أجل صفقة تجارية؛ لكنه يفعل ذلك من أجل فكرة أو مثل أعلى”.
فأي فكرة ومثل أعلى يحاولون دفع الشعب للتضحية من أجلهما ؟!
خلاصة الأمر، إن المواطن لا يمكن حشده وتحريكه إلا من أجل تحقيق تطلعاته وطموحاته المتعلقة بتيسير سبل العيش والتعليم والصحة والحياة الآمنة والمستقرة، ولا يمكن أن يتفاعل ويدعم خططًا وبرامج وهو يجهل إلى أين يُساق؟ وماذا يجني في النهاية بعد أن تتغيَّر الأوضاع؟ ولن يشعر في الوقت نفسه بالطمأنينة وهناء العيش وهو دائمًا ما يتحسس متوجِّسًا (عُكازته) وربما مسدسه وهو في الطريق إلى المسجد أو المدرسة أو المعمل أو السوق أو مسافرًا بسيارته على طريق عابر.. والسؤال: متى نستعيد المباهاة بالانتماء الوطني والافتخار بالأصالة العراقية ؟ متى يفيق أصحاب العقول الغائبة أو المُغيَّبة من غفوتهم ليحملوا وطنهم على أحداقهم وينافحوا عنه بمهجهم وأرواحهم ؟

كامل الصافي الموسوي
20/10/2022

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى