مشروع التعليم القائم على تنمية المجتمع برحلات تعلم – رحلة (ج)
#الشبكة_مباشر_الخرطوم_بروفيسور الشفاء عبدالقادر حسن
الرحلة ج :
هذه من اجمل الرحلات التي لا زال أثرها باق في نفسي وهي الرحلة إلى قريضة ام ضل وهي فعلا إسم على مسمى لا تكاد ترى ضوء الشمس من ظل أشجار النيم الغزيرة المتشابكة لمسافات طويلة. تقع قريضة في الجزء الجنوبي لولاية جنوب دارفور بين خطي الطول ١٢-١٣شمالا وخطي العرض ٢٦-٢٧ شرقا وتقدر مساحتها حوالي ٦٤٠٠ كم مربع تقطنها مجموعة من القبائل المتعايشة والمتصاهرة والتي تشكل لونا من التعايش القبلي المميز إذ تعيش فيها حوالي ٢٧ قبيلة. تلعب حرفتي الزراعة والرعي الدور البارز في النشاط الإقتصادي لسكان المحلية بجانب حرفة التجارة وتنتج مختلف المحاصيل النقدية والغذائية.
بدأ التدريب بالدورة الحتمية لتدريب الميسرات على منهجية رفلكت والتي قادتها المدربة الملهمة الدكتورة ليلى بشير بجانب المحاضرات في التمويل الأصغر، إدارة المشروعات الصغيرة، ريادة الأعمال،دراسة الجدوى، جودة المنتج، أخلاقيات المهنة، والتسويق. ساهم في هذه المحاضرات مختصون من بنك السودان فرع نيالا.
تم تدريب النساء في قواعد المجتمع واللائي قارب عددهن ٤٠٠ دارسة وهنا أود أن أشيد بالمرأة الدارفورية وشغفها وحبها للعلم وهي بارعة في كل المهارات. تم التدريب على زراعة النباتات الطبية والعطرية واستخلاص الزيوت منها، تصنيع الجلود، مشغولات السعف تصنيع وتغليف الصناعات الغذائية والمخبوزات.
برعت المدربة البارعة الأستاذة سعاد الباقر من مركز أبحاث الأغذية بجامعة الخرطوم والحائزة على عدد كبير من الدورات التدريبية خارج السودان في هولندا وبلجيكا وإنجلترا والمانيا وعدد من الدول. حقيقة لم أرى إنتاج يضاهي المستورد إلا في إنتاج دورات الأستاذة سعاد وأكثر ما يميز عملها الإبتكار. دربت النساء على منتج سريع العائد وهو حبيبات اللوبيا العدسية المملحة المقرمشة وتعبئتها كالفول السوداني المملح ومقرمش الذي يباع في الأسواق الخارجية. وكذلك من مبدعات بلادي الدكتورة سمية حامد التي أبدعت في تصميم السعف وإضافة الجماليات من الجلد والحبال. حقيقة كان إبداع لا بعده. أحضرت النساء حوالي ٤٠ صنف من النباتات الطبية والعطرية التي تنمو عشوائيا في الأودية حوالي قريضة.
شارك في تنفيذ هذه الدورات مشروع حاضنات الأعمال بمعهد تنمية الأسرة والمجتمع بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا ومدربات من مركز أبحاث الأغذية ومدربين من جامعة النيلين وتم تصنيع جهاز إستخلاص الزيوت الطبية والعطرية بواسطة المركز القومي للبحوث والإستشارات الصناعية وتم الدعم المادي بواسطة بنك السودان المركزي.
بقية رحلة قريضة :
سافرت مرة أخرى لجنوب دارفور قبل نهاية الدورات للوقوف على مواقف التدريب وترتيب الإحتفال باليوم الختامي. كما ذكرت مسبقا لدينا إتفاق مع اليوناميد لترحيلنا وسافرت في معيتي الأستاذة هند جعفر مديرة البرامج وكنا نظن ان الرحلة إلى نيالا مباشر ولكن كانت الرحلة إلى الفاشر وهنالك طائرة هيلوكوبتر لترحيلنا إلى نيالا اول مرة نرى طائرة الهيلوكوبتر من الداخل عبارة عن كنبتين طوليات والعفش مربوط بجوارنا ونحن مربطين بالأحزمة.
انا كنت صبورة جدا في هذه الرحلة ولكن هند وصلت درجة من الرعب خفت عليها فهي احيانا تتصبب عرق وأحيانا تكاد تبكي والطائرة تلف على القرى تنزل الركاب واخيرا وصلنا نيالا وكان في إستقبالنا د. فاطمة وإقبال وذهبنا إلى فندق الضمان و
في اليوم الثاني سافرنا إلى قريضة وكان في معيتنا د. نجوى عبداللطيف وكانت من اجمل الرحلات حيث نمر بقرى بها آثار النزاعات من حريق وحيوانات نافقة إلا أن الجو كان جميلا والخضرة تعم الطريق إلا من سواد الأرض المعبدة من سير العربات. وصلنا وإستقبلنا المعتمد القامة السيد السني محمد إمام وإبننا محمد فيصل المشرف على تنفيذ المشروع. وجدنا المعتمد يشرف بنفسه على ضيافة المدربات وراحتهن وأستأجر طباخة لتقوم بإعداد الوجبات وهذه الحرفة تبرع فيها جميع النساء الدارفوريات.
يسكن فريق التدريب في منزل المعتمد المقسوم على جزءين رجالي ونسائي. لفت نظري ان الدكتورة فاطمة والمدربات في قمة النشاط لم تشتكي واحدة منهن حتى من صداع رغم انهن في رحلاتهن السابقة يمرض عدد منهن بسبب الإرهاق. لاحظت للوجبات كانت كلها تحتوي على الدخن عصيدة وكسرة ووجدت لديهن دعم طاقة من نوع آخر بين الوجبات يوجد جردل به عصير دخن مقشور ومسلوق ومخلوط بالزبادي يسمى العجينة والكل يشرب بلا عدد، إذن هذا الدخن هو سبب هذه الطاقة والصحة. نظم أهالي قريضة إحتفالا ضخما حضره المعتمد وكل أعيان وأهالي المدينة تحت الشجر الغزير بالمدرسة الإبتدائية وصحبه معرض للمنتجات و رقصات شعبية نسبة لبعد قريضة من نيالا وسيحضر عدد ٢٠ دارسة مع السيد المعتمد لحضور الإحتفال الكبير .
بروفيسور الشفاء عبدالقادر حسن