قصة حياتي في هذه الأرض تشبه قصة حياتكم
#الشبكة_مباشر_بيروت_خلود الوتار قاسم

قصة حياتي في هذه الأرض تشبه قصة حياتكم إذا كنتوا ولدتوا وكبرتوا بلبنان ..
قصتنا و قصص تحدياتنا يللي واجهناها كل عمرنا تتشابه ولو كنا من شرق الوطن أو كنا من غربه، لو كنا من شماله جنوبه جبله أو حتى بقاعه كلنا عشنا قصة حرب أهلية شَلَّعِت الوطن وفتفتته ودمرّته وقتلت أولاده وهجّرت أهله
وهدّمت بيوتهم وأحلامهم..
بالرغم من هيدا كله بقيت أنا هالبنت يللي كانت تروح على المدرسة ومن ثم على الجامعة تحت القنص “والعلقات ” يللي بتولّع فجأة..
بالرغم من هيدا درست وبقيت لأني هنا أنا موجودة…
مرضت بالجامعة وكان مرضي خطير ولكني أصرّيت وكافحت لوحدي وقضيت على مرضي وبقيت…
سمّوني ” أم حديد” لأنني أخذت بطولة الجامعات ولبنان بالتايكواندو… في ذاك الزمان خرقت معادلة اجتماعية مُتزمّتة وابتدأتُ أُكوّن عالمي الصغير الغير مألوف بالنسبة للجميع حولي وبقيت وبيّنت هنا لأنني اخترت أن أكون موجودة…
فرص العمل لم تكن مُتاحة وقتها أيضا لذلك هاجر إخوتي الواحد تلو الآخر. استقر إخوتي السبعة في الغربة وأسسوا عائلاتهم وأعمالهم بينما أنا وعائلتي الصغيرة اخترنا البقاء في لبنان … بدأت التحديات تتوالى على الوطن وخاصة بعد استشهاد رفيق الحريري حيث دبّت الفوضى وانقسم الشعب إلى مُعسْكَرين
فخيّمت على حياتنا أجواء الحرب الأهلية الطائفية وضاع الشباب والبنات عن تحقيق أهدافهم وأصبح أقصى أحلامهم حصص طائفتهم من موارد مؤسسات الدولة.. لم أرد هذا لأولادي فسعيت لكي يهاجروا للعمل في الخارج بعد أن زرعتُ في قلوبهم بذور محبة الأرض وأوصيتهم بأن يقوّوا ذراعهم ويكتسبوا ثقافة
الإنسان الذي يحترم نفسه وأرضه والآخرين ومن ثم يعودوا لكي يزرعوا في وطنهم ما اكتسبوه من عِلم وخبرة وقوة…
اخترت وزوجي الطبيب البقاء هنا بالرغم من كل التحديات التي واجهتنا…
آمنت بشدة بأنه من المستحيل أن أعيش خارج حدود الوطن…
اعتبرت نفسي غير موجودة عندما أكون خارج لبنان حتى ولو لزيارة وجيزة..
الحياة بالرغم من حزنها ومآسيها وتحدياتها مليئة بالضجيج العذب على مسمعي هنا… عندما يعلو صوتها ويصدح استطيع ومن خلال معارفي وأصدقائي أن أكون صلة وصل ومحبة بين” من يحتاج “و”من يحب أن يُعطي “وهذا أكسبني سعادة عارمة وخاصة عندما أجد نفسي بأنني استطعت أن أرسم بسمة رضاء
على وجه يائس وحزين…
أصبح هذا التكليف هو الهدف الذي أعمل لأجله.. ولكن حصل ما لم أكن أتوقعه!!!!!
كُتِبَ عليَّ أن أشرب من الكأس الذي يخشاه كل لبناني ولبنانية…
كأس الهجرة!!
هو كابوس عند البعض ولكنه ايضا حلمٌ صعب التحقيق عند معظم اللبنانيين واللبنانيات وخاصة في هذه الأيام…
ولكن أنا!!! أنا التي عايشت حربا ضروسا وتطوعت لأكون مسعِفة ضمن فريق الجامعة فحملت القتلى وأسعفت الكثيرين ولم يستطع أحدهم أن يجبرني أن أترك وطني لأنني هنا أنا موجودة…
الآن وقد أصبح وضعنا مزريا والأعباء على كاهلنا أكثر ما يحتمله زوجي، كان خيار العائلة أن نهاجر…
يالهذا البلد الظالم!!!
اشعر وكأن أحدهم يريد أن يقتلعنا من جذورنا!! المصيبة بأننا اقتنعنا بأن هذه الجذور بالية ولم تعد تصلح لهذا الزمان والمكان لذا اقتلاعنا بات ممكنا…
يالهذا البلد المظلوم!!
الجميع أصدر حكما بالإعدام على الوطن!! السلطة المتسلطة من أول عمري ومن نصف عمر الوطن، والمغترب الذي انسرق جنى عمره في مغارات علي بابا في أرض هذا الوطن، والمُحيط الذي يريد أن ينهش في لحمه فما ب يترك مناسبة لحتى يشوف كيف بده يستغل ليكسب على دماء ابناء الوطن!!!
آههههههههه ياربي!!!
لا أعرف كيف تمضي أيامي بعيدا عن هواءك يا وطني!! أتابع مصيرك الواقع بين يدي مجرمين لا شفقة ولا رحمة في قلبهم عبر شاشة منزلي فيفرح قلبي لسماع لهجة ولغة أهلي ووطني ولكن عندما أتابع مضمون الأخبار أشعر للحقيقة بالغثيان من تكرار السيناريوهات والمسرحيات الهزلية التي تكاد أن تنهي
هذا الوطن…
استودعكم لبناننا!!!
خلود 16/12/2022