مقالات

ثقافة الشعوب قبل ترسيم الحدود..

#الشبكة_مباشر_الكويت_بقلم : رباب عبيد

بعد انقطاع دام أكثر من عام على كتابة مقالات عدة .. في الشأن السياسي والاجتماعي و الثقافي .. أشعر أنه آن الأوان للقلم أن ينطلق ليكتب ويحاكي الواقع العالمي والدولي ،لاسيما وأن مشاهده في عالمنا العربي والإسلامي متكرر ومتجذر .

آن الأوان أن نعترف بأن الحدود الإنسانية المتمثلة بالإنتماء العرقي والطائفي تلك الأفكار المتفشية والراسخة في مجتمعاتنا ، هى أقوى من أمن الحدود التى ترسم تحت إشراف الأمم المتحدة ، وأن سياسة طي صفحات الاعتداءات العسكرية والحروب التي شنت في الثلاثين سنة الماضية .. كانت لاعتبارات

سياسية وخطط إستراتيجية غربية للاستفادة من ثروات أوطاننا العربية .

لست في صدد التنظير في مناهج كتب الجغرافيا والتاريخ التي درسناها .. واصطدمنا بها خلال سنوات حياتنا في ظل مسيرة استراتيجيات القوى الغربية على دول الشرق الأوسط خلال الألفيتين ، فمن التطهير العرقي والتهجير القسري ومعضلة التوطين في بلدان النزوح وتلك صفقات دولية على طاولة

الحوارات والتفاوض منذ الأربعينيات وحتى اليوم . وتلك الحروب الكبري والحروب بالوكالة وحروب المليشيات ونزاع الأحزاب وصولا لواقع مكافحة الإرهاب .

ولو تحدثنا عن تأثير هذه النكبات على المجتمعات العربية من قبل أصحاب النزعات الطائفية والعرقية لوجدنا الفرقة، و ثقافة الكراهية ونبذ الأخر والعزم على تغيير الديمغرافية المناطقية والحديث عن الفدرالية واللامركزية التي يسبقها حروب الإبادة تعتمد على قتل وتهجير من كان بالأمس الأخ والصديق.

لقد أصبحت المجتمعات العربية منهكة تراجعت على مستويات التنمية المستدامة في جميع الجوانب الحياتية ، وضاع معها حقوق الناس ، وبسبب العنصرية ونبذ الأخر لأنه بمنظورنا يختلف عنا في الدين والمذهب والعرق،

تلك هى انهيار منظومة ثقافة التكامل الإنساني في المجتمعات ، ليحل محلها منظومة الحدود المعنوية في المجتمع على أساس غياب العدالة الاجتماعية في الوظائف والرواتب والفرص والتعليم والصحة بشكل عام في أوطاننا العربية .

أصبح الكثير يعتبر نفسه غريبا في وطنه والعكس صحيح ، لقد ضاع مفهوم المواطنة الحقيقية بين أبناء الوطن الواحد والايمان بالشراكة المجتمعية في حب الوطن .. والعمل على تنميته والنهضة به ونسيان أننا في العالم الثالث .

ونحن على عتبة انهيار العملات في دول عربية عدة ، وشبح تغيير الديمغرافية في الشرق الأوسط ، أصبحت رهان الاستراتيجيات الدولية .

وبرأيي مكافحة الفساد أيضا هو عينه مكافحة الارهاب ولا فرق بينهما في المعيار الإنساني والمعنوي ، فالفاسد يسرق قوتك وقوت عيالك ، فيجعلك تضع القيم الأخلاقية ورائك ويحرمك من مستقبل باهر آمن على أرضك والارهاب يقتل أي روح وأي طموح وأي تنمية مجتمعية فيسقط الطموح الشعبي وتنهار

التطلعات وذلك الدول لتحقيق .. الأمن على حساب رفاهية شعوبها .

وما بين مفهوم ترسيم الحدود الدولية سياسيا و أمنيا ، و ثقافة الشعوب بعدم الانتماء للأوطان. نحن بأمس الحاجة للاتفاق على ضرورة تحقيق الأمن والسلم الأهلي مجتمعيا عبر ترسيخ ثقافة التسامح والولاء للوطن .

ولذلك يجب أن تعمق المناهج التعليمية والدعاة مفهوم حب الأوطان وأثره في النفس ، والتعرف على الحدود المعنوية قبل السياسية ، وعليه تترك المساحة للشعوب وأوطانها مشاعا للجميع .

لأنها الحدود الرادعة لكل من تسول له نفسه العبث بأمن ومقدرات الأوطان.

وإن كانت رسالتي في هذا المقال اجتماعية مستحقة بجانب المطالب السياسية والأمنية ، فأن الوهن يبدأ من الداخل دائما .. وعليه تكون ثقافة الشعوب ملحة للتضامن وعدم انقسام الشارع على القضايا المصيرية تسبق الترسيم الذي تفرضها المعاهدات الاتفاقيات الدولية .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى