أدب وفنكلمة العدد

#الشبكة_مباشر- و موقف الجاليآت العربية من المنغصات الماكرونية الآوروبية-د. عصام البدري رئيس التحرير

#الشبكة_مباشر-بروكسل

تظهر الجاليات العربية و المسلمة في عموم أوروبا غير مستقرة و ربما في آحيان كثيرة منقسمًة أن سمحت الظروف بين هذه الدولة الآوروبية و أخرى حسب القوانين النافذة فيها والأكثر من هذا و ذاك تكون الجاليات وهي تمزقها الانتماءات الطائفية والمناطقية، وتفرقها الولاءات لهذا النظام أو الزعيم أو ذاك و في مشهد مقابل لا يخلو من تأثيرلأبناء الجاليات في المجتمعات الأوروبية باستثناءات محددة في هذا البلد أو ذاك وبروز شخصيات أصبح لها مواقع في الحياة السياسية و البرلمانية و حتى المهنية و ربما في تصاعد مستمر.
هذا الوضع المختل تستغله جماعات الضغط الأخرى للإساءة إلى صورة الجاليات العربية و المسلمة… والبعثات الدبلوماسية العربية بعضها تلعب دورًا سلبيًا في استقطابات سياسية وحزبية تعمق الفرقة بين أبناء الجالية وبين أبناء حتى القطرالواحد أنفسهم.
لكن بالرغم من هذه الصورة لا بد من الإشارة إلى بعض التجارب الإيجابية والمشرفة لبعض أبناء الجاليات العربية في الدول الأوروبية مثل فرنسا وإسبانيا وهولندا وإيطاليا وبلجيكا و الدنمارك والسويد، مع وصول عدد من أبناء الجاليات إلى البرلمانات الفدرالية و البرلمان الآوروبي ومجالس البلديات، وحتى تقلد مناصب وزارية.
من الحقائق التي يجب التذكير بها أن المهاجرين العرب والمسلمين في الكثير من الدول ألأوروبية أصبحوا جزءًا مهمًا ومكونًا رئيسيًا من تاريخ وثقافة وحاضرهذه الدول فقد ساهم الآلاف من المسلمين على سبيل المثال في الشمال الأفريقي ببناء فرنسا حين كانت إمبراطورية وحين أضحت جمهورية ومنهم من ارتبط بثقافتها والكثيرمن هذه الشعوب دفع جزء من أبنائها حياتهم في إعادة إعمار فرنسا على وجه الخصوص الخارجة من الحرب العالمية الثانية لتبدو كما هي عليه الآن..
وكذلك الحال بالنسبة لبريطانيا التي ساهم أبناء مستعمراتها السابقة من العرب والمسلمين في نهضتها. وفي ألمانيا قام العمال الأتراك بدور فعال في إعادة بناء الاقتصاد الألماني المنهار بعد الحرب، وأصبحوا مكونًا من مكونات الحياة الألمانية. لذا تبدو سياسة التخويف من المهاجرين المسلمين، التي يعتمدها اليمين الأوروبي المتطرف في خطابه الشعبوي سياسة تتناقض مع ثقافة التعايش بين المهاجرين والأوروبيين التي كانت سائدة قبل ارتفاع صوت اليمين.
ولكن السؤال الذي نريد طرحه بالرغم ما ذكر أعلاه ماذا يكون موقف الجاليآت العربية خاصة و المسلمة عامة في حال صدورمواقف سلبية تمس مشاعرهذه الجاليات بصورة أو أخرى كالذي حصل قبل يومين من الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون بعد مقتل مدرس فرنسي بقطع رأسه… الحادث الذي نعتبره و أعتبر من قبل الجميع أرهابي و نرفضه رفضآ شديدآ بلا شك من قبل لاجىء شيشاني مقيم في فرنسا بسبب نشر المدرس المغدور رسومآت مسيئة للنبي محمد متحديآ بلا مبرر مشاعر الطلبة العرب و المسلمين في مدرسته و فرنسا و العالم الأسلامي أجمع.
و أصرار الرئيس الفرنسي بنفسه أيمانويل ماكرون على تحدي مشاعر المسلمين داخل فرنسا و خارجه عند إصراره على أستمرار الرسومات ووضعها هذه المرة على جدران بعض البلديات الفرنسية
و استراتيجيته الجديدة ضد جماعات الإسلام السياسي تبدو للوهلة الأولى ذات بعد داخلي انتخابي كما يراها البعض و لكن قراءة في أبعادها تكشف إمتداداتها خارج فرنسا.
الاستراتيجية الجديدة التي أعلن عنها ماكرون ضد ما وصفه بـ الانعزالية الإسلامية التي تسعى فرنسا إلى إقامة “نظام مواز” ينكر قواعد النظام الجمهوري ونمط الحياة الليبرالية في المجتمع، تبدو هذه الاستراتيجية للوهلة الأولى أن سياق إعلانها محلي وانتخابي في أفق انتخابات 2022، كونها تأتي استجابة للتحديات التي تواجهها الدولة إزاء اندماج فئات من المهاجرين، بل حتى فئات من المواطنين الفرنسيين الذين يغلبون انتماءاتهم الدينية أو الطائفية على حساب المواطنة
هي محاولة منه ربما وهي على الأرجح لسحب ورقة التطرف وعدم الاندماج من اليمين المتطرف الذي طالما وظّفها لاستمالة الناخبين سواء على المستوى المحلي للتركيز بعده على تجفيف مصادر انتشار التطرف على مستوى مؤسسات التعليم والمراكز الإسلامية والجمعيات.
أن ماكرون -الذي تراجعت شعبيته مؤخرا وضع أجندة مصطنعة قبل الانتخابات بعام ونصف، واختار المسلمين ككبش فداء للتنصل من مسؤولياته، فمشكلة الانعزالية أو الانفصالية وفق تعبيره هي مشكلة مصطنعة وغير موجودة على أرض الواقع، ولا توجد منظمة أو جماعة أو منطقة في فرنسا لديها مطالب انفصالية.
من المهم أن يدرك العرب المهاجرون في أوروبا أنهم جزء أساسي من المجتمعات الأوروبية التي يقطنونها، وأن بإمكانهم توسيع مشاركتهم وتعزيز فاعليتهم في الشأن العام من خلال استغلال المناخ الديمقراطي والبدء في الانتقال من حالة السلبية والحيادية إلى الحيوية والنشاط، والابتعاد عن الكسل، وتوظيف العامل الثقافي وليس الديني في مقاربة سياسة الاندماج بما يحقق التقارب مع ثقافة البلدان التي يعيشون فيها، وليس التنافر معها.
رغم وعينا بالأثر المحبط الذي تحدثه المواقف العنصرية لبعض القوى الأوروبية تجاه المهاجرين العرب وسواهم إلا أنه بالنسبة لنا يجب أن نؤمن بأنه من المهم جدآ جدآ السير في طريق واحد هو المشاركة الإيجابية في الحباة الديمقراطية و التعليمية و حتى الأنخراط في العملية السياسية وعدم الانكفاء والتقوقع و الأنعزالية و أن تشعر الجاليات العربية و بمسؤولية كبيرة بأن محيطها الآوروبي هو وطنها و مستقبلها و مستقبل أجيالها القادمة ضمن المواطنة الصحيحة والقوانين قي البلاد و تعليم أبائهم بان الولاء الأول و الأخير لبلد المواطنة الأول دون نسيان الوطن الأم و ثقافته و دينه و لا تناقض بينها.
و من الله التوفيق

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. عاشت الايادي دكتور عصام موقع يليق باسم الجاليه العربيه في اوربا على كافة الاصعده ومنها الفنية والثقافيه

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى