الطائفية والمحاصصة في لبنان..!!
بقلم خالد بركات..
“غنى لبنان في تعداد مذاهبه ومشاربه وطوائفه، وهذا الفوسيفساء الذي يمتاز فيه في الشرق..”
“لبنان يتمثل فيه جميع العائلات الروحية،ويؤلف انسجامها واتحادها ووحدة عيشها ومصالحها وتآلفها، هذا الوفاق الوطني الدائم والمتبدل مع الزمن، والذي انبثقت منه فكرة لبنان و استقلاله
فأكثر ما يردد كل منا عن ظهرانية قلبه :
كلنا في التوجه الحقيقي والمساواة مسلمون،
وكلنا في الأخوة والمحبة نصارى..”
كمال جنبلاط..
عفوك يا معلمي، ليس هذا لبنان الذي وصفته..
لإن فكرة المحاصصة، فشلَت تجربة تعددية الطوائف في لبنان والتي أدت إلى ما أدت من ويلات على الوطن، وأدت إلى التعصب الطائفي ومخاطره بمشاعر طائفية لا إيمانية، بكل أسف..
الويل لوطن كثرت فيه الطوائف وقلّ فيه الدين..
يا معلمي..اغفر لهم،لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون..
لربما.. يعتقد البعض في الوطن ذات الأقليات والطوائف المختلفة ان أفضل وسيلة للتمثيل المناسب لهذه القوى، هو نظام المحاصصة..!!؟؟
وحيث تقوم المحاصصة الطائفية على تعريف المواطنين حسب انتمائهم وعددهم في الوطن، ويتم تحديد حصتهم في وظائف الدولة، بناء على حصتهم في تعداد السكان، وهو شكل من أشكال الحكم تم تصميمه بهدف حماية حصص الطوائف، إلا أنه أسيء استخدامه في تجربة لبنان، التي تم فيه تكريس الطائفية بشكل مقيت أدى إلى ضياع الولاء للوطن وسيادته، وأصبحت سيادة الطائفة على حساب سيادة الوطن، مما جعل الدولة دويلات متنافرة قابلة للانقسام والتقسيم، والإنتماء للطائفة ومن ثم الوطن..
ونعاني من هذا النظام والذي يعتقد أن فيه تمثيلاً عادلاً، لكن أصبح حسب تأثير القوى في كل طائفة، أو حسب نفوذها المحلي والدولي..
وبدلاً من أن يحقق نظام المحاصصة عدالة ومساواة بين الطوائف أصبح يذكي نار الطائفية،
وأخطر ما في الطائفية هي أنها تلبي مشروعات التقسيم التي تجسد أحلام بعض القوى..!!
وأحياناً داخل الطائفة الواحدة عبر القوى فيها..
فلدينا تجربة مريرة في ما يسمى المحاصصة..
حيث تحولت المحاصصة على المقاعد الرئيسية في المراكز (رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة، وبعدها عدد المقاعد لكل طائفة في البرلمان، وبعدها التعيينات في المناصب الحكومية، حاكم مصرف لبنان، قيادة الجيش، قوى الأمن،الأمن العام، والمرافق العامة، حتى تعيين المدراء العامين في الوزارات تحول
إلى مسألة “تكسير عظام” بين القوى السياسية الطائفية بحيث تحدث معارك وحرب ضروس حول كل منصب في الدولة..
حتى بعض الوظائف العامة تعطل قرارها لعدم اكتمال عدد متوازي لها من الطوائف الاخرى..!!
الصراع على المناصب لم يعد حرصاً على النفوذ السياسي، لكن أصبح محاولة الاستيلاء على أكبر حصة من الحصص، والذي يعتبره مشاعاً له..!!
كثيراً ما نسمع عبارة “هيدا حبيبنا من جماعتنا ”
وكإنه أصبح “الآخر” خارج الثقة والمؤهلات..؟؟
وأصبح واضحاً أن قوة أي طرف في تركيبة المحاصصة، ليس من خلال تمثيله النسبي وغلبته العددية، أو عبر الطرق الديمقراطية،
ولكن حسب التحالفات والأوزان داخل الكتل..
اختيار رئيس جمهورية معضلة، وتشكيل حكومة يمكن أن يستغرق شهوراً، ويتجاوز زمن قانوني أو منطقي، تعديل قوانين مهمة، وإقرار ميزانية لتسيير أمور الشعب يصلان إلى طريق مسدود..
وبعض القرارات لم تحسم، والسبب مزاجية البعض، أو مراعاة البعض لقوى خارجية، وظهر أثر ذلك في لبنان حول مسألة حسم اتخاذ قرار سياسي داخلي، لأكثر من استحقاق وطني..!!
أيتها المحاصصة،كم من جرائم ارتكبت بإسمك..!!
ذلك جعل لبنان، مهدد بسقوط مشروع الدولة بسبب تركيبة، وحسابات نظام المحاصصة..
ما زالت المحاصصة حاكمة في لبنان، مما يدفعنا إلى الصراخ ونحن في فراغ المركز الأول، وعلى ابواب اخرى للفراغ في العديد من المراكز..
كانت المحاصصة نائمة، لكن عند كل إستحقاق هناك من يوقظها في الأمس واليوم وفي الغد..!!
لربما..ليس الوقت المناسب، للدعوة في لبنان لإنقاذه عبر مشروع كمال جنبلاط الإصلاحي كاملاً، ونظام انتخابي، دائرة انتخابية واحدة، ولكن بعد إلغاء الطائفية السياسية والإمتيازات، والمحاصصة، وأن حق الاختيار في كل المناصب يقوم على كفاءة ونزاهة وليس على المحاصصة الطائفية والمحسوبية القائمة على الطائفة..؟؟
ويصبح المقياس ليس للطائفية، بل للأفضلية..!!
وكي لا تكون المواطنية الهادفة لمشروع بناء الوطن، يتم اختصارها داخل فكرة الطائفية..!!
وإذا أردتم حقاً وطناً لنا وللأجيال، لكل ابناؤه دون تفرقة، تعالوا بكل إيمان ومواطنية، نبحث بهدوء فكرة بناء وطن على البرنامج الإصلاحي،
ومن مبادئ فكر المعلم كمال جنبلاط العلمانية..
وليكن وطناً حقيقياً ديمقراطياً علمانياً نموذجياً..
إذا سمح وأقتنع البعض، بفكرة بناء وطن..؟؟
ويبقى الفكر النقي المتحرر من كل قيود الجهل والتعصب المقيت بكل انواعه،هو سبيل الخلاص والشفاء من كل العلل وذخيرة البقاء والاستمرار..