أخبار العائلة العربية في المهجرالاخباراوربيمقالات

ضريح الجنرال .. و صلاة الرئيس

#الشبكة_مباشر_إسطنبول_د. كاظم المقدادي

اشارتان مهمتان لهما دلالات خاصة ، الهبت مشاعر الامة التركية ، وستؤثر على تكثيف الحماسة الانتخابية ، لاعادة تشكيل الخارطة السياسية للجمهورية التركية.. بوابة اوربا ، المحروسة بجند العقيدة الاسلامية .

الاشارة الاولى ذهاب مرشح العلمانيين كمال اوكليدار اوغلو لزيارة ضريح الجنرال مصطفى كمال اتاتورك ( ابو الاتراك).. منحنيا وفيا امام ملهمه في العقيدة العلمانية .. والاشارة الثانية صلاة الرئيس اردوغان ، ووقوفه امام الله تحت قبة ايا صوفيا ، الكنيسة المهمة لروما الشرقية ، التي حولها اردوغان الى جامع للعقيدة الاسلامية ، في بلد يشكل فيه المسلمون نسبة 98 بالمئة ، من مجموع اكثر من 80 مليون نسمة .

تركيا اليوم ..حائرة بين المضي مع تعاليم جنرال مسجى في قلب انقرة ، العاصمة السياسية لتركيا الحديثة ، التي اسدلت الستار على تاريخ الدولة العثمانية ، وبين رئيس قوي مسلم ، حقق حلم عدنان مندريس ، ونجم الدين اربكان ، ، واعاد الاعتبار للسلطان عبد الحميد الثاني ، اخر السلاطنة العثمانيين ، الذي اذله الجنرال اتاتورك بوضعه تحت الاقامة الجبرية ، داخل قصر بعيد ، بمدينة سالونيك ، على الحدود اليونانية ، ليكون ضيفا ثقيلا على تاجر يهودي ، بشكل لا يليق بتاريخ سلاطين الدولة العثمانية .

الثابت ان اردوغان صحح المقولة التاريخية التي اطلقها كمال اتاتورك حينما قال ” نحن دولة .. لا يمكن حكمها بالتين والزيتون” مستهزئا بآيات القرآن المبين .. غير ان اردوغان نجح بنقل تركيا الى مصاف الدول الاوربية ، لتكون دولة محورية فاعلة وقوية ، توجهت الى الشرق الاسلامي ، دون ان تدير ظهرها للغرب الاوربي ، لكن هذه الدولة المسلمة التي يقودها اردوغان اليوم ، فشلت كما فشلت حكومات الجنرالات ذات النهج العلماني .. من الحصول على بطاقة دخول الى بلاط الاتحاد الاوربي .

العلمانيون ومنذ اعلان جمهورية تركيا الحديثة سنة 1922 لم يفلحوا بشكل مقنع ، بنقل تركيا الى دولة عصرية مهابة ، دولة تنافس الدول الاوربية بزراعتها وصناعتها ، وحداثة مدنها ، وجعلها قبلة للسائحين ، .. وحتى شعاراتهم الانتخابية ، تبدو وعودا باهتة ، غير متجانسة ، مع تقديم برنامج سياسي غير واضح .. في حين استطاع حزب العدالة والتنمية بقيادة اردوغان وخلال عقدين ، من جعل تركيا دولة زراعية صناعية مهمة ، نقلت تركيا من دولة اقليمية هامشية ، الى دولة مؤثرة بالسياسة الدولية .

الانتخابات الحالية .. ستكون حتما انتخابات مفصلية ومصيرية ، اما البقاء على النهج الاردوغاني بكل المسميات ، و ترسيخ مفهوم الدولة الاسلامية بقوة وثبات ، دولة تستطيع التوفيق بين الهوية الاسلامية ، ومتطلبات الحريات الاجتماعية ، دولة تسمح بوجود الملاهي الليلية ، واحتساء الخمرة حتى في الليالي الرمضانية.

العلمانيون .. لا يتجاهلون الطفرة الكبيرة والمهمة التي حققها حزب العدالة والتنمية في الصناعة والزراعة والاعمار ، لكنهم ينتقدون اردوغان لتغييره النظام السياسي .. من شكله البرلماني الى الرئاسي ، مع حقيقة فشل اردوغان في سياساته الاقتصادية ، وارتفاع الاسعار ، ووتراجع ملحوظ وخطير لقيمة الليرة التركية بأستمرار .. حتى الزلازل الرهيبة التي وقعت ، لم يسلم اردوغان من شظاياها ، فأصابع الاتهام وجهت لبعض المقاولين الاسلاميين ، الذي بنوا مجمعات سكنية دون مراعاة معايير الجودة ، وتوفر السيطرة النوعية .. والمعروف ان السيد بلال وهو نجل الرئيس اردوغان ، له باع طويل في تشييد المجمعات السكنية مترامية الاطراف .

لا ننسى عقدة وجود اللاجئين السوريين ، وبحدود 4 مليون شخص , والتي ظلت من دون حل جدي ، فأمست السلاح الامضى والمؤثر الذي يستخدمه العلمانيون وحزب الشعب الجمهوري بشكل خاص ، للطعن بالسياسة الاردوغانية وتورطه بالمعضلة السورية ، مستغلا التململ الحاصل في صفوف الاتراك من وحود الاجانب بهذه الكثافة البشرية … وكانت سببا بوجود احتكاكات مباشرة بين الاتراك والسوريين ، في وقت ارتفعت فيه معدلات البطالة بين الخريجين ، من الجيل الجديد من دون وحود فرصة في سوق العمل .

هذا الجيل الجديد من الناخبين يمثل اليوم ” 6 مليون نسمة ” وسيكون بيضة القبان في الانتخابات الحالية ، والمفصلية .. التي ربما ستأتي برياح التغيير .

لا اظن .. ولضراوة المنافسة ان تفضي النتائج الاولية الى نتائج نهائية ، والى قرار انتخابي معلن وحاسم.. .. لذلك سيكون الذهاب الى فرصة اخرى في 28 من هذا الشهر الحالي .. لتعبئة الجولة الانتخابية الثانية ، لتأكيد الارادة السياسية والديمقراطية للامة التركية .. وسط وضع دولي معقد ، سببته الحرب الروسية الاوكرانية ، ووسط جدل اوربي امريكي للتخلص من اردوغان وعقيدته الاسلامية .. وهو الذي لم يتخل يوما عن صداقته القوية مع الرئيس الروسي بوتين .. المتهم بشن حرب اثارت مخاوف امريكا والدول الاوربية .. والسؤال الكبير .. / هل ان الاصوات ستذهب لمن صنع دولة قوية .. ام لمن سيوقف ارتفاع الاسعار ، وينقذ الفقراء من شبح البطالة والدمار ..&

د كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى