أخبار العائلة العربية في المهجرتكنولوجيا

الذكاء الإصطناعي .. إقالة العقل

#الشبكة_مباشر_إسطنبول_د.كاظم المقدادي

بدعوة كريمة من “منتدى بيتنا الثقافي” قدمت يوم السبت 3 حزيران 2023 .. محاضرة عن تطور نظريات الاتصال” وعلاقة الذكاء الاصطناعي بالعملية الاتصالية .
وقد جرى الحديث عن مراحل نشوء منظومة الاتصال ، وما قدمته للبشرية من مفاهيم وكشوفات ونظريات وقيم تمس عمق الفهم والعقل البشري ، وللانسان المتلهف دائما لاكتشاف اخر ما توصلت اليه حفريات المعرفة .

كذلك جرى الحديث عن اسباب ظهور الذكاء الاصطناعي ، وخطورة ان يتفوق فيها هذا النوع من الذكاء االمبرج الكترونيا على الذكاء الفطري والبايولوجي .
ان تناول موضوع الروبوت ” الصناعي عديم المشاعر ،، يذكرنا بالاصنام الآلهة . وكيف كنا نخاطبها ونتوسل ونحن نعرف انها لا ترد علينا ابدا .. فكيف بهذا الصنم المتحرك المعرفي ، يقف امامك ناطقا وخادما ومطيعا متفانيا .

الواقع .. ان هذا الروبوت الذكي والمذهل ، هو صنم حيوي يحمل طاقة وخزين من “شبكة عصبية ” تقترب الى عمل المخ البشري ، ويمكنه ان يحاور الانسان بجدارة وكأنه انسان اخر ، لا تنقصه سوى الروح .. وهي من امر ربي .

هذا النوع من الاتصال الغريب ، قد يكون ايجابيا كما فعلت “شركة ميكروسوفت ٠مع مؤسسة جغرافيك ناشونال في تقديم برامج جدية عن طريق الذكاء الاصطناعي لمعالجة قضايا البيئة .. من تصحر ونقص في المياه وحدوث السيول والفيضانات . وما احوج العراق والعرب اليها .

لكن الحذر من خطورة الذكاء الاصطناعي … تكمن بأنذارات صدرت ممن ساهموا في برمجة هذا الذكاء مثل العالم البريطاني الكندي “جيفري هنتون ” ابو الذكاء الاصطناعي ، الذي استقال مؤخرا من شركة غوغول الراعية لبرامج الذكاء الاصطناعي ، محذرا من التمادي في التعلم العميق الذي يحاكي الالياف والاجهزة العصبية .. وقد وصل صدى استقالة جيفري هنتون الى ادارة البيت الابيض .. التي نبهت هي الاخرى ، من مغبة التمادي في متاهات الذكاء الاصطناعي .

ان الخطورة تكمن ايضا بانه سيكون سببا بفقدان ملايين الوظائف في العالم .. والاخطر بقدرة الذكاء الاصطناعي على استعياب برامج مكثفة ، بشكل توليدي ، معززة بعلوم الرياضيات والخوارزميات قد تعجز عنها السيطرة البشرية ، وتؤدي بالنهاية الى تشابك خطير ، مما يدمر التراتبية العلمية الممنهجة لخزن المعلومات .

تناولت ايضا في محاضرتي .. تاريخ اتصال الانسان بالطبيعة في العصور الغابرة من الاتصال البشري من يوم بدأت ب ” الهمهمة والتمتمة ” مرورا بالاتصال الجماهيري الذي احدثته الثورة الصناعية وانتهاء بعصر الاتصال التفاعلي الذي نحن فيه .. مستكشفا افاق علم الاتصال بمرحلة قادمة .. يكون فيه الاتصال ( تأمليا باطنيا وذهنيا عميقا ) وربما ينتهي بزرع رقائق الكترونية في المخ ، لتكون بمثابة الارشيف الجاهز في عقل الانسان ، تماما مثلما تؤدي شركة غوغول عملها اليوم .. خارج المخ البشري .

والاشارة .. كانت حاضرة ايضا للحديث عن الفرق بين الاتصال والإعلام.. مبينا ان الاتصال هو الاقدم والاوسع ، لأنه يعتمد على عالم افتراضي ، وفضاء سيبراني مترامي الاطراف ، لذلك لا يزال مخترقا وخطيرا ، بينما ظلت وسائل الاعلام من الصحافة الورقية والاذاعة والتلفزيون ، تمتلك شخصيتها المادية والمعنوية والتزاماتها وتمسكها بأخلاقيات العمل المهني لحد مقنع ، رغم ما اصابها من عوامل التسييس ، لارتباطها الوثيق بعمليات التوزيع والاشتراكات والاعلانات والجدوى الاقتصادية.

ان جوهر فكرةًالاتصال وتطوره ، وبما وصل اليه ، في عصرنا الحالي .. قائم على توسع كشوفات علم الفيزياء وديناميتات الاجهزة الالكترونية ، وحاجة البشر الى بنوك المعلومات ، والتكوين المعرفي .. لهذا فأن الذكاء الاصطناعي يشهد اليوم تسارعا مريبا ، مثيرا وخطيرا، متخذا اشكالا فوضوية تفرض فيه قوى رأس المال ، استثماراتها وهيمنتها على الانسانية ، وهناك من الشركات والحكومات من تطمح ان يكون الذكاء الاصطناعي سلاحا جديدا بيدها .

لذلك اكدنا على موضوع ( الأنسنة ) ليكون شاهدا ومحفزا على ما تبقى من القيم الاخلاقية والتربوية في مواجهة عالم رأسمالي متجرد وشرس ، لا يؤمن اصلا بهذه القيم .
ان النهايات .. لا يمكن ان تكون سائبة لهكذا علوم وتوجهات خطرة ، تمس حياة الشعوب والامم ، ولا بد من العودة الى “انسنة ” المكتشفات العلمية جميعا لتظل في خدمة الانسان ، لا عدوا له ، وان تأخذ طابعا انسانيا ، وصولا الى الاهداف النبيلة .

شكرا … لتلك النخبة الرائعة لجمهرة المثقفين الذين حضروا و واصلوا النقاش وبحرارة بحثا عن تصحيح المسارات العلمية .. وشكرا للاستاذ الرائع د علي مهدي الذي كان وراء تنظيم الدعوة ،، شكرا لصاحب الفكرة صديقي الشاعر العذب ناظم السماوي والشكر للاستاذ مفيد الجزائري المتحمس لهكذا ندوات .. ولجميع الحضور الذين حرصوا ليكونوا معنا ، ومنهم من وصل من محافظة النجف ، ومن اطراف بغداد ، ومن بعث لنا رسائل طيبة ، ومن اعتذر عن الحضور لاسباب شخصية / محبتي للجميع – د كاظم المقدادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى