مقالات

الانتماء العقائدي لايوجب التفريط بالحقوق المشروعة

#الشبكة_مباشر_روتردام_أدهم إابراهيم

الانتماء الديني والطائفي لايبرر التعصب والانحياز التام الى حد تجاهل المتطلبات الحياتية او غض النظر عن المظالم من اي جهة او مكون كانت .
فاذا كانت فئة او دولة تتبع نفس الدين اوالمذهب. فان ذلك لايعد مبررا للانحياز اليها حتى لو تجاوزت علينا ،او خالفت القواعد والعلاقات المتعارف عليها .

وهذا ينطبق على دول الجوار وعلى الاخص ايران التي اصبحت من اكثر الدول المحيطة بالعراق تدخلا في شؤونه الداخلية بدعوى مقاربتها الدينية والمذهبية . حتى بات من الصعوبة بمكان ان يتبوأ اي شخص مسؤولية سياسية او ادارية رفيعة في العراق دون موافقتها .
واذا كانت ايران حريصة على الدين والمذهب كما تدعي فعليها حماية اولئك المنتمين الى نفس الدين والمذهب ، لا ابتزازهم بدعوى وحدة العقيدة ، او حماية المقدسات .
وبالمقابل فان اولئك المتضررين من الهيمنة الاجنبية ، من اي جهة او دولة كانت لاينبغي لهم السكوت تحت اي ظرف من الظروف . فاذا مارست تركيا مثلا ضغوطا على العراقيين فهذا لايوجب سكوت من هم بنفس الدين والطائفة والرضوخ لمطالبها .
  ان ضمان الحقوق الانسانية ومستقبل الاجيال لايتعلق بالانتماء الى العقيدة او المذهب قدر تعلقه بالعدالة والمعاملة بالمثل .
اقول ذلك وانا انظر بحسرة الى الوضع الشاذ وغير الانساني في العلاقة غير المتكافأة بين العراق وايران !

   ان العقوبات المفروضة على ايران تتطلب مساعدة شعوبها  بتقديم التسهيلات اللازمة لها لتجاوز ازمتها ، وليس تقاسم الاموال والموارد معها ، بل وحتى تفضيلها في كثير من الاحيان على حاجات المواطن العراقي المغلوب على امره . حتى اصبح كثير من العراقيين  “نتيجة هذه السياسة” تحت خط الفقر .
   ان الذنب في ذلك لايقع على حكام طهران وحدهم . بل يقع وبدرجة اكبر على اولئك السياسيين الذين يقدمون الاموال الطائلة ويعقدون الصفقات الجائرة مع السلطات الايرانية لمساعدتهم  على البقاء في الحكم اطول فترة ممكنة ، ويستوي في ذلك كل من شارك بالسلطة تحت اي مسمى او مذهب !
واذا كان السياسي الجشع والفاسد من اي طائفة كانت ، يسلك كل الوسائل ، ويرتكب كل الآثام للبقاء في السلطة وزيادة امواله واموال كتلته او حزبه ، تحت لافتة حقوق المكون او حماية المقدسات ، او رفع المظلومية ، فان ابن الشعب المحروم من الشمال الى الجنوب لايتوجب عليه السكوت ، او الوقوف متفرجا تحت اي ظرف كان .

ان تفشي المخدرات والبطالة في اوساط الشباب وقلة الخدمات المقدمة للمواطنين من ماء صالح للشرب وكهرباء وتعليم أساسي ومستلزمات الصحة العامة واهمال الطرق والجسور والموارد المائية مع تكميم الافواه وانتهاك حقوق الانسان الاساسية . يوجب على المواطن العراقي اعادة النظر في سلوكه وافكاره للخروج من المأزق الذي حشر فيه والانفتاح على العالم بعيدا عن سياسة التجهيل والتعتيم التي تمارس ضده .

ان الانتماء للدين والمذهب حق مشروع ، ويعد نوعا من الهوية التي يتمسك بها الانسان . اما ان تتحول الى التبعية والعبودية الى الآخر تحت تأثير الدعوات والشعارات الدينية والطائفية فهذا مرفوض منطقيا وعقلانيا . 
فكل شعوب العالم لديهم انتماءات وعقائد ولكنهم بنفس الوقت احرار ، يمارسون حقهم بالحياة الحرة الكريمة الى حد الرفاهية .
فلا تجعل احدا كائنا من كان يدفعك لتكون محروما ، او اسيرا لشخص او فئة او دولة ما !

ان ماتدافع عنه يجب ان يتحدد بحق الحياة ، والعيش الانساني اللائق لك ولاهلك .
اننا مطالبون اليوم اكثر من اي وقت مضى الانعتاق من الاوهام ، والعمل على انتزاع الحقوق المسلوبة .
حتى نرتفع الى انسانيتنا بالعيش مع عوائلنا وضمان مستقبل اولادنا بكرامة ، محتفضين بنفس الوقت بعقيدتنا وانتماءاتنا . فالهوية والانتماء لاتبرر ابدا الخنوع والرضوخ ، او التنازل عن حقوقنا المشروعة لاي سبب كان .
ادهم ابراهيم

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. ■ ‏نظرية النافذة المكسورة :
    —————————————
    أجرى في
    ليب زمباردو، وهو عالم نفس واجتماع، تجربةً في عام 1969 أصبحت فيما بعد واحدةً من أشهر التجارب في دراسات علم الجريمة بشكلٍ خاص وفي العلوم الاجتماعية على نحوٍ عام ..
    فقد قام العالم بترك سيارتين بأبوابٍ مفتوحةٍ ولوحات أرقام مفقودة في منطقتين مختلفتين، إحداها في حيٍ فقير والأخرى كانت في حيٍ غني،بدأ المارة في الحي الفقير بسرقة وتخريب السيارة في بضع دقائق وتم تدميرها بالكامل في غضون ثلاثة أيام،تطلب الأمر وقتا أطول للمارة في المنطقة الغنية لبدء تدمير السيارة ..
    مما أرغم زمباردو على التدخل بكسر إحدى نوافذ السيارة، فبدأ الناس بكسر المزيد من النوافذ وسرقة السيارة واستغرق الأمر وقتًا مشابهًا للحي الفقير لتحويل السيارة بالكامل إلى خردة في بضعة أيام ..
    وفي عام 1982، تابع عالمان آخران دراسة الباحث زمباردو وملاحظاته عن طريق إجراء دراسات مماثلةٍ على مبانٍ وممتلكات أخرى في مناطق مختلفة واستحدثا نظرية أطلقا عليها “نظرية النافذة المكسورة” والتي تم اقتباسها في العديد من دراسات وكتب علم الاجتماع، تتلخص النظرية :
    – بأن إهمال معالجة أي مشكلة في بيئةٍ ما -بغض النظر عن صغر حجمها- سيؤثر على مواقف الناس وتصرفاتهم تجاه تلك البيئة بشكلٍ سلبي مما يؤدي إلى مشاكل أكثر وأكبر، والعكس صحيح أيضاً، فمعالجة المشاكل الصغيرة في وقت سريع سيؤدي الى بيئةٍ أفضل وسلوكٍ أحسن ..

    ومما يثير الاهتمام في هذه الدراسات أنَّ الأشخاص الذين قاموا بالتخريب المتعمد للسيارات والمباني لم يكونوا مجرمين، وكان معظمهم من عامة الناس والمواطنين الملتزمين بالقانون ومع ذلك فإن النافذة المكسورة أرسلت رسالةً خفيةً توحي بأنه “لا أحد يهتم وعلى الأرجح لا توجد عواقب لإتلاف ما تم كسره أصلاً” ..
    تخيل أنَّ هناك فنجاناً مكسوراً في منزلك، هل سيكون هناك أي عواقب لكسره أكثر .. !
    أو هل ستكون حريصاً على ألا يتدمر عند رميه في صندوق القمامة بالإمكان تطبيق هذه النظرية على العديد من مجالات الحياة الأخرى ، فمثلا :
    إذا ترك أحدهم بعض القمامة في حديقة عامة، ولم تتم إزالة تلك القمامة في وقت معقول، ولم تطبق أي عقوبات على من رماها، فإن ذلك سيؤدي قيام أشخاص آخرين بنفس الفعل في الحديقة ذاتها وفي غيرها وستتحول الحدائق إلى مكبات قمامة ينفر الزوار منها كما هو الحال اليوم في بعض المنتزهات العامة،وإذا سمح معلمٌ لأحد الطلاب بالغش في امتحان مادة ما، فسيكون الغش مقبولاً في امتحانات أخرى ومن طلاب أخرين في جميع مستويات التعليم،وفي المنزل، إذا كنت لا تغسل الأطباق بعد الأكل مباشرةً فسيؤدي ذلك تراكمها وربما إلى مشاكل صحية كبيرة في المستقبل وقد يؤدي خلاف صغير مع شريك حياتك إلى مشاكل أكبر تنتهي إلى الانفصال والتفكك الأسري الذي قد يستمر تأثيره إلى عدة أجيال، لذلك فإن تجاهل المشاكل الصغيرة اليوم سيؤدي إلى مشاكل أكبر بكثير في المستقبل ..
    في الواقع، العديد من القضايا الصحية والبيئية والاجتماعية التي نواجها في يومنا هذا، كانت نتاج تراكمات لأفعال وسلوكيات وظروف خاطئة صغيرة تم تجاهلها وعدم معالجتها في الماضي.

    ■ لذا ينبغي على الجميع محاولة إصلاح النوافذ المحطمة في حياتنا حتى يحظى أطفالنا والأجيال القادمة بمستقبل أفضل ..

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى