جميل جدا ،، ان نشاهد اعلانات تجارية ترشدنا الى نوع من المنتج فريد ، او دواء مفيد ، او نتمتع بمتابعة لعبة لكرة القدم بشكل مباشر وجديد .
لكن شركات الاعلان .. لا تكتفي بعرض ما يفيد المشاهدين،، بل تتمادى احيانا بعرض اعلانات لشركات صيرفية متورطة ، وسلع تجارية مبتذلة ، وشخصيات سياسية فاسدة .
مافعله الشاب كرار بأختراق شاشة اعلان عملاقة في ساحة عقبة بن نافع ، يمثل أسوأ وأقبح وصف للمحتوى الهابط الذي انشغل به الرأي العام العراقي في الاونة الاخيرة ، ويعكس ايضا مستويات منفلتة نزقة من الانحدار الاخلاقي الخطير ،، الذي اجتاح ويجتاح المجتمع العراقي ، ويضعه امام تحولات مريبة شغلت الأعمى والبصير .
اختراق الشاشة العملاقة وتحميلها لقطة من مشهد جنسي فاضح ، قد يندرج في باب الاخلال بالاداب العامة ،، لكن الاخلال الذي نحن بصدده ، سابقة خطيرة ، بحجمه واضراره ، وتداعياته ،، وهو يستدعي ان تكون هناك عقوبة مشددة وصارمة .
ويبدو ان مرتكب هذا الفعل الدنيء ، يعاني من مشاكل نفسية وعقد جنسية نفسية ، لان القصد من الفعل الذي اقترفه ، لم يتوقف عند حدود تعطيل والحاق الضرر المادي بالشاشة ذاتها ، انما ينظر اليه بمحتوى التحميل الذي اخترق الشاشة ، والذي يكشف لنا صراحة ،، ان الشاب يعاني من لوثات اخلاقية ونفسية بينة .
اظن ان حدود الجرائم المخلة بالشرف والاخلاق العامة ، لا تنتهي بالقبض على الجاني وتسجيل اعترافاته ، لأن هذه الجريمة جديدة وغريبة على الجهات القانونية والامنية وحتى الاعلامية .
كما ان جزء من هذه المشكلة الاخلاقية تتحملها شركة الاعلانات ايضا ، والتي اهملت موضوع حماية شاشاتها من الاختراقات المتوقعة ، في زمن التهكير الذي يمارسه البعض على حسابات ومدونات ومواقع التواصل الاجتماعي ، وفي زمن الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يفاجيء الجميع وكل يوم ، بتطورات سريعة ، مذهلة وخطيرة ، على مستوى التهديد الفعلي لخصوصية البشر ، يتعلق بألغاء طريقة نمط الحياة المحاطة بالعفاف ، والتقاليد والاعراف .
والغريب ،، ان هذا الذكاء الاصطناعي قد تزامن مع موضوع النوع الاجتماعي والجندرية ، وانتشار المثلية كأنموذج جديد للمعاشرة والحياة الزوجية .
اخيرا .. المدن هي مثل كل كائن حي ، يجب ان لاتترك للاقدار، ويجب ان لا تكون مستباحة لكل من هب ودب وجاس خلال الديار ، وان لا تكون مساحات فارغة يتم ملؤها من قبل العابثين والمهووسين ، وهم يضعون على جدرانها الرسومات و الاعلانات المسيئة ، والجداريات الكبيرة من دون رقابة ، ولا محاسبة .
وهذا الواقع الحضري المشوه للعاصمة بغداد ، هو الذي شجع الشاب كرار ، لكي يقوم بهذا الجرم المختار .
اظن.. اننا بحاجة الى قانون صارم يحمي قدسية وشخصية المدينة من التشوهات والعشوائيات ، وهذا الاستغلال البشع في عرض الاعلانات التجارية ، والصور واليافطات والشعارات والجداريات المنتشرة بلا حياء ، ولا خجل ولا استحياء ، لشخصيات سياسية ودينية .