
هذا عنوان لفيلم ظهر عام 1952 يتضمن مزيجا من الخيال العلمي والرومانسية ، ويقوم على فكرة اكتشاف مركب كيميائي يجعل الانسان غير مرئي ، ومن الطبيعي عندما يريد الانسان ان يكون غير مرئي فهو لانه يطمح في ان يحصل على مكتسبات هي ليست من حقه، وهذه الصفة ترتبط عموما بالناس الذين لايعتمدون الحلال في تعاملاتهم،، اي الفاسدون في مجال التعامل المالي بشكل خاص،،وغيرها من الظواهر المجتمعية غي المقبولة.
ولهذا تقوم جميع الانظمة المصرفية والرقابية مثلا بسؤال عملائها عن مصادر الاموال التي يتم ايداعها ومقارنتها مع طبيعة الاعمال التي يمتهنوها، اي هناك علاقة بين الاموال والوظائف والمهن.وهذه التساؤلات التي ظهرت من قبل المصارف بدأت بشكل كثيف في ظل التطورات في البرامج الرقمية ونظم الاتصالات المتشعبة بين كل الانظمة المصرفية والتجارية بالعالم ، حيث لم تعد المصارف هي فقط جهات تختزن الودائع بل انها تسهم في توظيف الاموال والمشاركة في مشروعات التنمية والنهوض بالبنى الاقتصادية.
قد ينزعج الكثير عندما يواجه سؤال ” من اين لك هذا ” لأن ذلك السؤال يثير الشك بمصادر الأموال ، وينسحب ذلك حتى عند تحويل الاموال من دولة الى اخرى، حيث ان اغلب دول العالم تتساءل عن مصادر الأموال اذا كانت كمياتها كبيرة. هذا لايتقاطع بالطبع مع المبادئ التربوية والاخلاقية التي تدعمها المجتمعات المتحضرة ، لابل ان هذه التساؤلات عن المصادر تعد اساس وركن تربوي مهم ، فرب الاسرة عندما تظهر أمامه حالات انفاق لمبالغ كبيرة من قبل ابنائه لابد وان يسألهم عن مصادر تلك الاموال ،،والمجتمع النظيف هو بالتأكيد عبارة عن مجموعة الأسر النظيفة .
ولكن للأسف فأن مقولة ” من اين لك هذا ” لم تلقى اذانا صاغية لدى نخبة من المتنفذين بالمال العام ، وهم اللاعبين الاساسيين في كل المشروعات الكبيرة الخاصة، حيث يقومون بتمويل مشروعاتهم الخاصة من الأموال العامة ، ولا من شاف ولا من دري.
نعم نسمع كثيرا من اجهزة مكافحة الفساد انهم يرفعون شعارا ” من اين لك هذا ” ولكن هذا الشعار لم يحسم الموضوع عند مقارنته مع مجموعة الاموال التي يملكها من يملكها ويتاجرون بها في الشركات والمولات والتحويلات الخارجية ، ولهذا نرى من الضروري ولغرض تفعيل هذا الشعار لابد من اعادة صياغته الى ” من اين لنا هذا ” ويتم توجيه الشعار الى الشعب وليس المتنفذين بالمال العام ،،
فعندما تسأل الشعب ” من أين لنا هذا ” لايتضجور ولا يمتعض ولا ينزعج مثل المتنفذين ، لابل انه سيتحدث طويلا عن ملاحم وسلسلة من الوقائع المثبتة والملموسة في مجالات التخلف والفساد والحرام ، سيتحدث عن ما ألت اليه انظمة التعليم والتربية وماتعانيه من تدني بات واضحا في المستويات الدراسية والشهادات والقبولات التي تجري خارج المعايير الدولية المعتمدة ، سيتحدث عن اسباب استيراد الركي والحمضيات والبقوليات واللحوم من دول الخارج لقاء العملة الصعبة التي تخرج من البلد رسميا عبر ارقى بوابات الاقتصاد وهي بوابة العملة ،،سيتحدث عن الصناعات المختلفة التي لاتجدها في البلد ولكن تجدها في الاستيرادات الخارجية عبر نفس البوابة الراقية ، سيتحدث لك عن مايدفعه من مبالغ غير الرسوم الرسمية لقاء انجاز معاملاته في الدوائر الرسمية.
فاذا كان المتلاعبين بالاموال العامة يتجرعون المركب الكيميائي لكي يختفوا عن الانظار باموالهم المنهوبة وفوق ذلك يتضجورون عند سؤالهم من أين لك هذا ، فأن الشعب يرحب كثيرا عندما تسأله ” من أين لنا هذا ، التخلف ” وأنه سيقول ويصرح ولايخاف وبشجاعة مقرونة بالوقائع ،،وما على اجهزة مكافحة الفساد الا أن تأخذ بها وتعاقب من يكره شعار ” من أين لك هذا “.