تتذكر اجيالنا القديمة قصصا واحاديث واساطير تعد بالآلاف عن بلاد العراق وما أكثر تسمياتها ، بين النهرين ، وادي الرافدين ، مهد الحضارات ، الهلال الخصيب ،،،هذه البلاد التي يعود تاريخها الى 3700 سنة قبل الميلاد، واذا ما اضفنا عليها سنوات بعد الميلاد لاصبح عمرها يتجاوز الان الخمسة الاف عام ،انها بلاد عجيبة ومتميزة حقا ،عاصرت المئات من الحكام منذ الكتابة السومرية الى يومنا هذا ،
وبقي اسمها العراق، كانت هذه البلاد تصدر وتنشر اللغات والعلوم والثقافات الى الخارج وبالمقابل كانت حركة النزوح القبائلية اليها منقطعة النظير،يدخلون اليها جحافل من كل صوب ،يدخلون بدون فيزا كما دخلت داعش قبل سنوات،يدخلون اليها لانها بلد الخيرات والنعيم ،
نهران يرويان اراضيها الفسيحة وجبالها العامرة بالمزروعات الغنية ،مما اتاح لحمورابي ان يكتب شريعته التي هزت العالم من هذه الاراضي العراقية ،ويتفق الجميع على ان هذه الشريعة لم يسبقه عليها احد ،فهي شريعة هزت البشرية باحكامها التي تنفع في ادارة الدول،
لابل حتى السبي البابلي تم من قبل حكام هذا البلد عندما قاموا باجلاء اليهود من فلسطين .هذا هو العراق الذي حكموه من كل الجنسيات والاطياف، هذا هو العراق الذي غزاه العديد من الطامعين بثرواته وموقعه سواءا من دول الجوار ام غيرهم ،هذا هو العراق الذي تسلط عليه مجموعة من الحكام ومن ديانات متعددة الى ان انهزم الفرس على ايدي المسلمين في معركة القادسية بقيادة سعد بن ابي وقاص وسقطت المدائن وطاق كسرى بعد شهرين من بدء المعركة.
اليس من الغريب على هذا البلد المعطاء،ان يتعرض خلال تاريخه لكل هذه الاطوار المتناحرة من اشكال الحكم المختلفة ويبقى اسمه العراق ،فالمفروض ان يكون الأسم على مسمى ،فهل يصح ان نسمي شخصا مثلا بـ ” صادق ” وهو كاذب ، او نسميه ” أمين ” وهو سارق ، او نسمي ” فرح ” وهي رمزا للحزن والكأبة ،
او ” شفاء” وهي تمثل جملة من الاوجاع،،نحن لا ندعو الى تقسيم العراق ،فالعراق منذ تأسيسه هوالعراق الواحد الأوحد،،ولكن تغيير التسمية هو للدلالة على مايميز طبيعة الحكم وما يحققه من انجازات متميزة تخدم البشرية ، فبلاد بورما اصبحت ميانمار، وبنغلاديش كانت باكستان الشرقية ، وزائير كانت الكونغو ،
وحتى مصر اصبحت الجمهورية العربية المتحدة ثم اعيدت الى تسمية مصر، وكذلك سيلان فقد كانت سرنديب ، يعني ليس غريبا عندما يتم اعادة النظر بتسمية البلاد حسب نوع وطبيعة الحكم، فالبلد الان متميز بنواحي عديدة يختلف فيها عن كل بلاد الكرة الارضية ، فبلدنا انفق 224 مليار دولار على الكهرباء وليس هناك كهرباء ،
وفي بلدنا حدثت صفقة القرن مع وجود العشرات من الاجهزة الرقابية والتدقيقية والنزاهة ، وسينتهي القرن ولانعلم مصير الاموال المنهوبة ، وفي بلدنا الخدمات التربوية والصحية والصناعية والزراعية تتميز بكونها عبارة عن مبالغ مثبتة فقط في الموازنات وليس لها وجود لأن التجارة الخارجية الاستيرادية تطغى عليها،وفي بلدنا نتميز بوجود فئات تسمى بالفضائيين حيث يستلمون مستحقات مالية متعددة وليس لهم وجود لانهم يعيشون في الفضاء ويتنقلون كيفما يشائون .
السنا اذا متميزين ،الا نستحق ان نغير اسم بلدنا لكي نسهل أمر الباحثين في شؤون البلد بعد مئات السنين ، فعندما يذكر امامهم اسم العراق ، فانهم حتما سيتذكرون حضارته القديمة وماكتبه حمورابي والحكام اللاحقين ملوكا ورؤوساء ، لكن عندما يذكر امامهم أسم ” جمهورية عراقات ” مثلا ، فهم حتما سيتذكرون عصر الانجازات الفضائية والقرنية والكهربائية والتزويرية والاستيرادية التي تميزنا بها عن غيرنا .