
ونحن على اعتاب الاحتفال بالذكرى المؤية الأولى لاكتشاف النفط في بلاد الرافدين والذي حصل في حقول بابا كركر بتاريخ 14/10/1927 ،،لايسعنا إلا أن نتقدم لبرميل النفط بأسمى ايات الشكر والتقدير لما فعله هذا البرميل من احداث ووقائع وملاحم وبطولات عبر قرن من الزمان.
ظل هذا البرميل وسعره الذي يتم تحديده من قبل عمالقة الاقتصاد الانتهازي العالمي الذين يتحكمون عن طريقه بكافة مفاصل خطط التنمية ، يلعب دورا كبيرا في اتخاذ أكبر وأخطر وأهم القرارات في بلادنا ، فسعر البرميل هو الذي يحدد عدد الجامعات والمدارس التي يجب ان تقام، وسعر البرميل هم الذي يقرر هل نقوم بانشاء المشاريع والطرق وتبليطها ، وهو الذي يقرر نوع الاسلحة والذخائر التي يجب اقتناءها للدفاع عن الوطن،، هذا سعر البرميل الذي له القرار الحاسم في احداث التنمية الزراعية والصناعية ،
والطامة الكبرى فأن الغازات المصاحبة لاستخراج البراميل النفطية هي التي تقرر قدرة بلدنا على انتاج الكهرباء ، وبدون برميل النفط ليس هناك كهرباء بديلة ،،بالرغم من أن منظومات الكهرباء لدينا مصممة بطرق خارقة من التبعية حيث يتم تطعيمها بغازات نفطية من دول الجوار لكي تتأقلم مع ظروفهم السياسية وبرميلنا النفطي ساكت وعليه تلبية حاجة اشقائنا واحبابنا في دول الجوار. وقبل هذا وذاك فأن سعر البرميل هو المتحكم الوحيد وصاحب السلطة العليا في تقرير رواتب ومخصصات وحمايات المسؤولين الذين يبذلون قصارى جهدهم في سبيل زيادة الانتاج في الحقول النفطية لكي تتكاثر البراميل وتزداد كمياتها وتحقق بالتالي جحافل وقوافل اضافية من الحمايات والمخصصات .
من المفرح ان يكون برميلنا النفطي يحتل المرتبة الخامسة كأكبر البراميل الاحتياطية في العالم ، ومن السعادة ايضا انه عند اندلاع الحروب والمعارك فأن عدم وجود برميلنا النفطي على الساحة الدولية فأن ذلك يؤدي الى زيادة اسعاره حول العالم ،،اي ان العالم بأجمعه يعشق برميل النفط العراقي ، وغيابه يؤثر على اقتصاديات جميع الدول العالمية ،لانها ترتقي وتتطور بفعل برميلنا ، الا اقتصادنا الذي يأبى على التطور ويفضل التضحية والنزول والهبوط ولايحقق اي نهضة،،الا اقتصادنا ،
فبالرغم من كون برميلنا يحتل مكانة مرموقة في كافة جوانب الحياة الاقتصادية العالمية ،،لكن من المبكي والمحزن ان يكون برميلنا الخامس عالميا ، وجامعاتنا لا احد يعترف بها وخارج قوائم التقييم العالمية ،،برميلنا الخامس عالميا وليس لدينا زراعة ولاصناعة ولا اسكان ،،والفقر يغطي مساحة واسعة بين سكانه ،،نأكل ونشرب ونقود السيارات الفارهة لدى البعض القليل ونستلم الرواتب بفضل جهود الانشطة التجارية الاستيرادية ،، نبيع البرميل من اجل ان نستورد طعامنا وشرابنا وملابسنا لأن مسؤولينا مصرين على تطبيق نظريات محكمة تقوم على الاستيراد فقط ، فاي خطة اقتصادية بارعة ومتقنة هذه التي يتفنن بها عباقرتنا ومفكرينا ومسؤولينا ، نصدر برميل النفط لكي نستورد كل شي ، فاذا كان الشعار السائد خلال فترة الحصار في التسعينات هو ” النفط مقابل الغذاء والدواء ” لماذا لانرفع الأن شعارات ” نعم لتصدير البرميل ، وتبا لبناء قاعدة اقتصادية ” و ” النفط مقابل الاستيراد ” .
كم انت مغلوب على أمرك عزيزنا برميل النفط ،،كم حرمناك من عطفنا بالرغم من اننا نعيش في ظلك وخيرك الذي ننعم فيه منذ قرن مضى ،،حتى انه لم يتم تكريمك كأبرز بطل اقتصادي عراقي على مدى سنوات ،، و اننا لم نصنع لك تمثالا ورمزا فنيا نغطي بها طرق وساحات البلد باجمعه لكي تتذكر الاجيال انه بدونك ليس لدينا بلدا ،،انت مصدر الطعام والالبسة وشبكات النقل والكهرباء والتعليم ،،انت الذي تغذي قصور ومنتجعات مسؤولينا في كافة ارجاء العالم ، بسعرك يابرميلنا العزيز نحدد عدد سيارات الحماية والمخصصات ،،بوجودك في اراضينا فأن الدول الكبرى تشتاق لاحتلالنا ،،ليس لما نملكه من حضارة وتراث وتاريخ طويل بل يعشقون رائحتك ، وفوق هذا وذلك فأنك مسامح كريم تستعد لتقديم اي تنازلات نتيجة لعطفك وحنيتك ، حتى ان سعرك يتحدد الان بموجب سعر برميل النفط المستخرج في اسكتلندا والذي يسمى ب ” برنت ” نفطنا العراقي العربي وبرميلنا المستخرج من عشرات السنين ، يقاس سعره بسعر ” برنت ” ويباع بالدولار الامريكي وليس بالدينار والريال والدرهم العربي ..