استخدام و توظيف التنبؤات استعدادآ للمستقبل المجهول
#الشبكة_مباشر_بغداد_ د. نـمـير نـجـيـب نـعـوم
تلعب التنبؤات دورا جذريا في ادارة النشاطات المختلفة، وهي العمود الفقري لنجاح تلك النشاطات مهما بلغت من تعقيد وتشابك وخطورة . فالتنبؤ هو واحد من السمات الملاصقة للعقول الناجحة التي تهدف الى تحقيق الأفضل في مسيرتها نحو المستقبل .
ولاتبتعد اي انشطة عن استخدام التنبؤ ولو بدرجات، لأن التنبؤ هو الخطوة الأولى لمعرفة المجهول وهو المستقبل، ولو ان هناك تداخلا بين التنبؤ والتوقع باعتبار ان التنبؤ يحمل في طياته الكثير من التوقعات من خلال استخدامه للاحتمالات ووضعها في مراتب مدروسة ومخططة بدقة وتحتوي على معايير ودرجات من خلال احداث الماضي وما افرزه من تطبيقات واقعية .
ولهذا فأن التنبؤ له سمة يتميز بها وهي علاقته بالمستقبل وتوقعاته،اي انه يرتبط بالتخطيط في ضوء الظروف البيئية التي نعيشها سواءا بالداخل أو الخارج ، وهو بحد ذاته مهارة وسلوك يمارسه الكثير من البشر في ظروف متعددة ، صغيرها وكبيرها ، وهو هاجس يبقى في العقول لخوفهم من الغد لعدم معرفتهم بما سيحل بهم ،فهم يكتنزون الأموال اليوم لخوفهم من الغد الذي قد يدخلهم في متاهات وظروف صعبة تستوجب دفع كلفتها ، ويحتفظون بكمية من الادوية للاحتياط من احتمال اصابتهم باوجاع وأضطرابات صحية مفاجئة تقتضي تناولهم لتلك الادوية لتقليل معاناتهم. وحتى اللصوص والمخربين فأنهم يتنبئون ويخططون لأهدافهم الفاسدة والشريرة ويضعون الكثير من الاحتمالات لئلا تفشل أفعالهم ولا ينالون مايريدون من المكاسب الحرام.
وتتعدد انواع التنبؤات فمنها القصيرة والطويلة الأجل وهناك تنبؤات مالية عن ما ستؤول اليه قيمة الأموال مستقبلا ،وحتى في علم النفس هناك تنبؤات توضح عواطف واحاسيس الفرد المستقبلية عند احتمالية مواجهته لمواقف ، والاحتمالات المتوقعة لردود فعله إزائها ،هل انها ستكون ايجابية ام انها سلبية ستزيد من كارثة المواقف. لاعلينا شئنا أم ابينا ، فأن مهارة التنبؤ ضرورية لغرض التحضير للأفعال القادمة ،ويلاحظ ان التنبؤ قد دخل كافة مجالات الحياة للتحضير لما ستؤول اليه الأمور..
ولكن يلاحظ انه في مجال السياسة وخاصة في مجتمعنا ،فأن التنبؤات وخاصة السياسية هي أشبه باللعبة،حيث كلما نقترب من المستقبل كأننا نقترب من النهاية المرتبطة بالمصائب،،فقبل أكثر من عشرين عاما كان التنبؤ السياسي ممنوع ولايحق لاي شخص أن يفكر بالغد لأن هناك نخبة فقط لها الحق في اجراء ذلك وما على الشعب الا الانصياع لذلك ،،ولكن بعد ذلك تمت اتاحة الفرصة لجميع فئات الشعب باجراء التنبؤ، حتى وجدنا الكثير منهم ومن شدة فرحهم اصبحوا ” فتاحين فال ” يظهرون على قنوات فضائية متعددة ويسرحون ويمرحون بتوقعاتهم،،فقد تنبئوا بأن يصبح البلد نموذجا يشار اليه بالتطور والنمو والحضارة ، لكن خابت أمال هؤلاء المتنبئين بأن وصلوا بعد عشرين عاما الى بلد لايعترف به الا من يستلم منه حصة من براميل النفط ، تنبئوا بأن اولادهم واحفادهم سيحصلون على مكاسب من ثروات بلدهم تتيح لهم العيش الرغيد، ولكن ايضا خابت أمالهم واصبح اولادهم يفترشون الارصفة لطلب تعيينهم حتى وصل بهم الأمر بأن يعمل اصحاب الشهادات العلمية بمهن لاتليق بهم ، وألاكثرية من الشعب وظفوا امكاناتهم التنبؤاتية قبل عشرين عاما عندما تجحفلوا اسرابا وارتالا وقوافل عند صناديق الانتخابات لاعتقادهم بأن من سينتخبونهم سيحققون لهم ماحلمت به تنبؤاتهم من ثمار تعود عليهم بالفائدة ، ولكن هذا الشعب المظلوم أنصدم بأنه لايمكن له التنبؤ ويحلم بالمستقبل لسبب بسيط هو لأن تنبؤات الحكام والمتنفذين بالسلطة تتقاطع مع تنبؤات الشعب ، والغريب فأن تنبؤات المسؤولين تتحقق بالكامل ،فما ان يتم انتخاب احدهم لوزارة او هيئة ،فانه يتنبأ بعدد الملايين التي سيجنيها ، وفعلا تتحقق تنبؤاته ،وفي احيان كثيرة فأنه يحصل على أكثر مما تنبأ به ،وهذا بالتأكيد يشير الى ضعف قدرته على التنبؤ بأموال الفساد التي يحلم بها !!!!
ننصح اعزائنا افراد الشعب المسكين الذين تتقاطع تنبؤاتهم مع تنبؤات اصحاب المناصب والسياسيين أن يقرؤا كتاب “التنبؤ الفائق” لـ ” فيليب تيتلوك ” و ” دان غاردنر ” لغرض مساعدتهم بالتنبؤ بمن سيفوز بالانتخابات ،وترك موضوع التنبؤات المتعلقة باسعار العملة ونوافذها ، او التنبؤات الخاصة بمحاسبة الفاسدين،او تلك الخاصة بحالة الجفاف التي تعاني منها الأنهر والأهوار ، او التنبؤات المتعلقة باستمرار استيراد الفواكه والخضروات من الخارج!!!