
نشهد في هذه الايام عروض بالمئات عن وجوه اتسمت بالنرجسية والديماغوجية ،،هذه الانماط التي تعتمد على الشعور بالفخامة والعظمة، ولاتطلب من المقابل سوى الاعجاب والخضوع ، تفرض على الاخرين التعالي والتكبر والشعور بالاهمية الحتمية ولاتقدم لها شيئا.
ومن المفرح ان كلا من النرجسية والديماغوجية يشتركان بكثير من الصفات المشتركة، فكلاهما يركزون على حب النفس والانانية والاطراء والتملق واثارة العواطف بهدف الحصول على مكتسبات ، صوتية في بدايتها ،،وتنتهي بالمالية والسلطوية والمادية لاحقا.
الأنظمة الديمقراطية الراقية أول ماتفتخر به هو ثقافة شعبها ، وقبل ذلك ولاء الشعب للوطن ، في هكذا نوع من الأنظمة مهما عملت النرجسية والديماغوجية وتفننت باظهار مفاتنها بالكلام ، فانها لاتحصل على شيء ، هكذا نوع من الشعوب الواصلة الى قمة السمو والترفع لديها مناعة ضد العنصرية والتحيزات الدينية والطائفية والطبقية ، شعوب لايمكن لاي سيد او فلان مهما كان ، ان يضع الشعب تحت قدميه ويدوسه لكي يصل للسلطة .
عند المقارنة بين الكيفية التي يتم فيها ادارة الشعوب المتخلفة او البسيطة في ثقافتها مع تلك الشعوب التي تجاوزت مراحل عديدة من التطور والنمو والازدهار ، فان أول مايمكن استنتاجه هو ماحصلت عليه الدول المتقدمة من انجازات علمية وارتفاع بمستويات الدخل وانخفاض في الأمية وتطور في القطاعات الاقتصادية كافة ، ولهذا اصبحت دول متمكنة من اختيار قادتها وتقوم بتصدير مخرجاتها الحديثة الى تلك الدول التي استمرت في تناول برامج الديماغوجية والنرجسية ، دول متقدمة تعلن ولائها لنسب النمو التي حققتها فاصبحت متمكنة من تطوير ثقافة شعبها ، مقابل وجود دول متخلفة لاتتبع سوى برامج يتم بثها من قبل اشخاص وتكتلات لاتمتهن سوى تأليف القصص الخيالية وممارسة الفساد ،
وتسعى الى زيادة عدد الفاسدين وارتفاع نسب ملفات الفساد التي تنخر في جميع قطاعات البلد.
في ظل الديكتاتورية تتم ممارسة الدماغوجية والنرجسية في اقصى مدياتها لأن من يقود تلك الأنظمة شخص لامنافس له وعلى الشعب إرضاء طموحات ورغبات ذلك الشخص بدون حدود ، اما في ظل الديمقراطية فأن اصوات الشعب تلحن ماتشاء من خطب واحاديث ومواويل ، الكل يسب ويشتم ويمدح الكل ،
لاحدود للملاسنات والتجاوزات ،ولكن الحالة المتميزة في تخلفها هي تلك الانظمة التي تجمع الديكتاتورية والديمقراطية معا تحت غطاء الديكتاتوقراطية ،، تعلن بانها ديمقراطية في الواجهات والديكورات، ولكنها في الواقع فأن قيادتها تلتزم الديكتاتورية في حكم السلطة، هذه القيادة التي لاتتقن سوى الاحاديث والادعية والروحانيات والحيل السياسية والدينية ومايرتبط بها اوهام ، يمارسون الديكتاتورية في تكرار ظهورهم امام الشعب بالرغم من خلفياتهم وثقافتهم الفاسدة ، ويصرون على تقديم وجبات من المقبلات الكلامية قبل ممارستهم للسلطة سواءا في خوضهم لانتخابات او حل نزاعات او حروب ، وما ان يحققوا غاياتهم يدوسون على الشعب ويقتلون طموحاته ،،
ويظل الشعب يعتقد بانه يعيش الديمقراطية بالرغم من فقره وعوزه في بيئة تنعدم فيها البنية التحتية مع انعدام الاخلاق والتجاوزات على الحقوق،،وبهذا نعيش حالة متميزة تجمع منهجين متعارضين ، الديكتاتورية والديمقراطية تحت سقف واحد هو الديكتاتوقراطية !!
ومن المضحك ان فئة الديكتاتورية التي تمارس الديماغوجية والنرجسية تلتزم بوتر حساس في حملاتها الدعائية ضمن وجبة المقبلات ، وهذا الوتر يركز على الجوانب الروحانية الطائفية وتستبعد معايير النمو في قطاعات التربية والتعليم والزراعة والصناعة والتكنلوجيا التي تتفاخر بها الدول المتطورة ، حب النفس لديهم ليس له حدود ، وبهذا يطبقون ماقاله الطيب الذكر والخالد الأثر الفيلسوف ارسطو ” أن الرجل الصالح هو الذي يحب نفسه أكثر ” ويستبعدون ما قاله السيد بوذا رحمه الله ” ان النفس ليست سوى وهم ، وانه من الافضل لك ان تحب الأخرين ” ،،،
ورحم الله من قال ” أن العقول كالمظلات لاتعمل الا عندما تفتح ” .