غير مصنف

الخاذل و المخذول

#الشبكة_مباشر_دبي_بقلم المخرج: يوسف علاري

واهم من يظن أن أحدا سيحرر فلسطين غير الشرفاء من أهلها؛ أي ليس كل أهلها.

لن يدافع عن فلسطين الذي سبق وخذلها، ولن تنصرها الأمة التي تخلت عنها منذ خمس و سبعين عاما، حين تركتها فريسة لعصابات صهيونية غاشمة، جاءت من كل مواخير العالم لتسطو عليها، تغتصب أراضيها وتدنس مقدساتها وتقتل نسائها وأطفالها وتُهجّر ساكنيها وترتكب فيها أبشع المجازر.

حين تندلع الحروب أو المعارك ينقسم الناس – الذين هم بعيدين عنها، ولا يطولهم شررها – بين مؤيد ومعارض، وطوفان الأقصى لا يختلف كثيرا عن باقي الحروب، حيث أيَّدَ معظم الشعب الفلسطيني وغالبية الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم ما قامت به حركة المقاومة الإسلامية حماس بشن هجوم على مستوطنات غلاف غزة، وتقريبا جميع الشعوب العربية والإسلامية شعروا بنشوة انتصار عظيم، افتقدوه منذ زمن طويل، لكن فيما بعد ترتب على هذا الهجوم الفريد من نوعه، عدوان وحشي غاشم قل نظيره من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، فدفع الثمن المدنيين العُزَّل وغالبيتهم من النساء والأطفال، حيث استشهد عشرات الآلاف من الأبرياء، أما البقية الناجية أصبحت بلا طعام وبلا ماء وبلا علاج وأيضا بلا مأوى، فسكنوا العراء والبرد القارص ينخر عظامهم، والجوع يعضُّ الصغير والكبير على حد سواء دون مساعدة تذكر من أولئك الذين شعروا بنشوة الانتصار، تلك الفئة الكثيرة المؤيدة لهجوم ٧ أوكتوبر اكتفت بالمشاهدة دن مد يد المساعدة! أما الفئة المستسلمة وضد المقاومة، فهي خارج موضوع هذا المقال ولا عتب عليها.

سيشهد التاريخ على جرائم الكيان الصهيوني، وسيشهد ذات الشاهد أن الشعوب العربية عامة والشعب الفلسطيني خاصة خذلوا أبنائهم وهم يذبحون في غزة.

الأحرار الحقيقيين في دول العالم الغير عربية والغير إسلامية يقودون حراكاً، ويشكلون قوة ضغط على حكوماتهم وعلى المؤسسات الدولية من أجل وقف العدوان الصهيوني الغاشم على القطاع، وإنقاذ ما تبقى من غزة وأهل غزة، وإنصاف الضحايا، وأخذ حقهم من الكيان الصهيوني المجرم الغاصب، بينما الأمة العربية تتوارى عن الأنظار، أمة كبيرة لها تاريخ وأمجاد تلتزم صمت مخزي ولا تحرك ساكناً أمام ما يجري من ذبح وتنكيل لشعب عربي مسلم لا يبعد سوى بضع كيلو مترات عن العواصم العربية التي يوجد فيها ٢٢ وزير دفاع وأيضا ٢٢ قائد جيش.

الشعب الأعزل في غزة خذله جميع العرب حكاما ومحكومين، حتى أبناء جلدتهم من الفلسطينيين خذلوهم، أين الفلسطينيين الذين يسكنون فيما يسمى مناطق ال٦٧ الغير محررة؟! أين الفلسطينيين الذي يسكنون فيما يسمى مناطق ال ٤٨ المحتلة؟! ألا يستدعي هذا العدوان السافر على أهلكم في غزة إلى أن تثوروا ثورة عارمة على المحتل لِيُرَدَ إليكم بعض ماء الوجه، وجزءاً من الكرامة المفقودة؟! كذلك الأمر لفلسطينيين المهجر في فختلف أماكن تواجدهم، ألا تدركون أن سكوتكم على جرائم الاحتلال عار وخطيئة ولعنة ستورثونها لأبنائكم من بعدكم؟!

شوالات السوشيال ميديا

جنرالات الفيس بوك وشوالات السوشيال ميديا يديرون أسخن المعارك لنشر حكمهم العفنة ولإثبات ذاتهم المُحطَّمة، جلَّ وقتهم وشغلهم الشاغل هو الإلتفاف حول نقاشات عقيمة، يتخذون من المواقع الإكترونية ساحة حرب لقصف جبهات معارضيهم، لكن بصيرتهم الفذة لم تنتبه أن الناس في غزة يخوضون معارك بطولية حقيقية بأجسادهم الوهنة، ويدفعون حياتهم ثمن الصمود والثبات، وأيضا ثمن تخاذل وظلم القريب والبعيد، “وظُلمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُ مَضَاضَةً على الْمَرْءِ مِنْ وَقعِ الْحُسامِ المهنَّدِ”.

للأسف أول من خذل أهل غزة هم الفلسطينيون أنفسهم بدءاً من رئيس السلطة الفلسطينية العاطل عن العمل، وجميع دوائره وأجهزته الأمنية الميتة سريرياً، وانتهاءً بالشعب الفلسطيني بكافة أطيافه، جميعهم لم يكونوا على مستوى الحدث ولم يقدموا شيئا يذكر لأهل غزة، لم يشكلوا ورقة ضغط واحدة على أحد، خاصة أولئك المتواجدين في أمريكا وأوروبا، لم يستطيعوا خلق لوبي فلسطيني في أي بقعة من العالم كما يفعل أعضاء الحركات الصهيونية على مدار الأربعة وعشرين ساعة.

بين الحين والأخر نسمع تحليلات سياسية من شخصيات فلسطينية بعضها يمتلك مؤساسات مالية ضخمة لم يقدموا لأهل غزة سوى كلام لايقدم ولا يؤخر في الأمر شيئا.
يطالب بعض رجال الأعمال الفلسطينيين المتبجحين بفلسطينيتهم المؤيدين لهجوم ٧ أوكتوبر، باستمرار المقاومة، رغم أنهم لم يقدموا شيئا للمقاومة لتستمر! أيها المتبجحين السفلة ماذا أعطيتم للشعب الفلسطيني في غزة ليس ليقاوم، بل لكي لا يموت؟! هل أطعمتموهم من طعامكم؟ أو أسقيتموهم من شرابكم؟ أو كسوتوهم من كسوتكم؟ لو لديكم ذرة خجل لما طلبتم ممن يُحرق بالنار المقاومة! لوعندكم القليل من الشرف لما وقفتم مكتوفي الأيدي بينما أطفال بني جلدتكم يتضورون جوعا وألما ويذبحون على مدار الساعة! لو لديكم رائحة نخوة والقليل من الكرامة، لما طلبتم من نساء غزة الصبر والاستمرار في المقاومة!

أهل غزة ليسوا بحاجة إلا نصائحكم أيها البلهاء، رغم أنهم لا يملكون شيئا من مقومات الحياة إلا أنهم يقاومون ويمرغون أنف أشرس مجرمي هذا العصر في تراب غزة، بينما أنتم تقاومون التخمة وارتفاع الأنسولين.

الشعب الغزي ليس بحاجة لهلوساتكم وعقدكم النفسية أيها المفلسون شرفا وكرامة، الشعب الغزي يقاوم ويتصدى بجسده النحيل كل العواصف من الاتجاهات الستة، بدءاً من القصف الصاروخي الذي يمزق جسده وانتهاء بالجوع والعطش والبرد القارص والمأوى المفقود، أمَّا أنتم أيها المشجعون المترهلون على مقاعد الذل والإنكسار كفاكم جعجعة، أيتها الأبواق الناعقة الصدئة، لقد اجتمعت في شخوصكم الغير كريمة كل المخزيات، الجبن والنفاق، والقذارة، والنذالة، يا بلهاء، يا أغبياء، تبا لكم ما أوقحكم!

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى