سفينة مساعدات إسبانية تبحر من قبرص إلى غزة و الأونروا تؤكد أولوية المعابر البرية و أطباء بلا حدود تشكك بدوافع أمريكا
#الشبكة_مباشر_مدريد

أبحرت سفينة مساعدات إسبانية من ميناء لارنكا في قبرص باتجاه قطاع غزة اليوم الثلاثاء، في تجربة أولى لممر بحري جديد لإيصال المواد الإغاثية إلى سكان القطاع الذين يواجهون الحرب والتجويع، وسط تشكيك منظمات إنسانية بجدوى هذا المسار تزامنا مع تقييد المساعدات عبر الطرق البرية.
وقالت لورا لانوزا، المتحدثة باسم منظمة “أوبن آرمز” (الأذرع المفتوحة)، إن سفينة المنظمة التي تحمل على متنها 200 طن من المساعدات الغذائية انطلقت قرابة الساعة 6:50 بتوقيت غرينتش صباح الثلاثاء.
وكانت المتحدثة قد أشارت سابقا إلى أن جهات إسرائيلية قامت بتفتيش شحنة السفينة يوم السبت الماضي.
وكان من المقرر أن تنطلق السفينة يوم الأحد لتدشين هذا الممر البحري الذي ستديره الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكنها تأخرت.
وتتولى منظمة “وورلد سنترال كيتشن” الخيرية، ومقرها الولايات المتحدة، تنظيم المهمة التي تتحمل الإمارات الجزء الأكبر من تمويلها، في حين تقوم مؤسسة “برواكتيفا أوبن آرمز” الخيرية الإسبانية بمهام تزويد السفينة.
وفي ظل عدم وجود بنية تحتية لميناء في غزة، قالت “وورلد سنترال كيتشن” إنها ستقوم بإنشاء رصيف ترسو عليه السفينة بمواد من المباني المدمرة والأنقاض. وأشارت المنظمة إلى أنها جمعت 500 طن أخرى من المساعدات في قبرص لإرسالها في دفعة تالية.
فريق أوروبي
من جانبها، صرحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين اليوم بأن الاتحاد الأوروبي سيكون له فريق تنسيق في قبرص، وسيقوم بتمويل وتوجيه تدفق البضائع إلى غزة.
وقالت فون دير لاين إن الوضع في غزة وصل إلى “نقطة اللاعودة، ويجب استخدام كل الطرق للوصول إلى المحتاجين”.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن مؤخرا أن بلاده ستبني رصيفا مؤقتا لرسو سفن المساعدات في قطاع غزة. وقال الجيش الأميركي، أول أمس الأحد، إنه أرسل سفينة لوجيستية تحمل معدات.
وقوبل إعلان بايدن بتشكيك وانتقادات من جانب خبراء في العمل الإنساني ومسؤولين في منظمات دولية قالوا إن الخطوة الأميركية تصرف الانتباه عن الأزمة الحقيقية في غزة، كما انتقدت هيئات أممية ومنظمات إنسانية خطوة إنزال المساعدات جوا في القطاع، حيث اعتبرت أنها محدودة في حجمها، فضلا عما قد تتسبب فيه من فوضى.
“الطريق واضح”
وفي هذا السياق، قال كاظم أبو خلف الناطق باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مقابلة مع الجزيرة من القدس إن المعابر البرية هي السبيل لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
وأضاف أن الوضع مأساوي ومؤلم في قطاع غزة وأن “طريق دخول المساعدات واضح لكن لا توجد إرادة دولية لإدخالها برا”.
وكذلك، نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مديرة الاتصالات في الأونروا جولييت توما قولها إن هناك “طرقا أسهل وأسرع وأكثر أمانا من إيصال المساعدات جوا وبحرا للاستجابة لاحتياجات الناس”.
وشددت توما على ضرورة زيادة عدد شاحنات المساعدات عبر نقاط العبور بين إسرائيل وقطاع غزة.
من جانبه قال كيت فيليبس باراسو المسؤول في منظمة “ميرسي كوربس” إنه يجب أن تكون عمليات الإنزال الجوي والتوصيل البحري هي الملاذ الأخير عندما تكون جميع السبل الأخرى لتقديم المساعدة مستحيلة.
وأشار إلى أن عمليات الإنزال الجوي والتوصيل البحري باهظة الثمن ومن المحتمل أن تكون خطرة، كما أنها لن توازي حجم المساعدات التي يمكن تسليمها عبر الطرق البرية.
وتشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة منذ 5 أشهر، خلّفت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، أغلبهم أطفال ونساء، وسط تحذيرات منظمات دولية من المجاعة ولا سيما في شمال القطاع، جراء تقييد الاحتلال لدخول المساعدات.
في حين رأت منظمة أطباء بلا حدود أن عزم الولايات المتحدة إنشاء ميناء بحري مؤقت في قطاع غزة لأغراض إنسانية، “محاولة لحجب الأنظار عن المشكلة الحقيقية، المتمثلة في الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع”.
وفي بيان لها على الموقع الإلكتروني للمنظمة طالبت المديرة التنفيذية لأطباء بلا حدود في الولايات المتحدة، أفريل بينوا، إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بـ”الضغط على إسرائيل لفتح المعابر الحدودية الجاهزة لإدخال المساعدات”.
ونبّهت بينوا إلى أن “المشكلة الحقيقية هي الحصار الذي تفرضه إسرائيل على غزة، واستخدام القوة غير المتناسبة”. وأشارت إلى أن المواد الغذائية والمياه والإمدادات الطبية التي يحتاجها الفلسطينيون موجودة على الحدود، مطالبة إسرائيل بالسماح بوصولها إلى قطاع غزة.
وأوضحت أن المشكلة “ليست لوجستية، بل سياسية، وعلى الولايات المتحدة أن تصر على الوصول الفوري للمساعدات الإنسانية من خلال المعابر والممرات الموجودة، بدلا من الالتفاف حول المشكلة. والطريقة الوحيدة المضمونة لزيادة وصول المساعدات العاجلة بحسب بينوا، هي إعلان وقف إطلاق النار في غزة”.
كما نبّهت إلى استخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار وقف إطلاق النار في غزة 3 مرات في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
مخاوف وتحذيرات
وأمس الجمعة، ندّد المقرر الأممي الخاص المعنيّ بالحق في الغذاء مايكل فخري بالاقتراح الأميركي، وقال خلال مؤتمر صحفي في جنيف إنها “المرة الأولى التي أسمع أحدا يقول إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري. لم يطلب أحد رصيفا بحريا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”.
ووصف فخري الاقتراح الأميركي بأنه “خبيث” جاء استجابة لمصالح انتخابية، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعما ماليا لإسرائيل.
من جهته قال الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية هشام خريسات للجزيرة إنه رغم “الجانب الإنساني” لما أعلنه بايدن، فإن هناك جانبا آخر للميناء العائم يرتبط بتشجيع هجرة الفلسطينيين طوعا إلى أوروبا، وإلغاء أي دور لمعبر رفح البري على الحدود مع مصر.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد أعلن خلال خطاب حالة الاتحاد، الخميس الماضي أنه أصدر تعليمات للجيش الأمريكي لإنشاء ميناء مؤقت في ساحل غزة.
يذكر إن إسرائيل تشن حربا وحشية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلّفت عشرات آلاف الشهداء والجرحى المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا في البنية التحتية، وهو ما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة على شفا مجاعة، في ظل شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، مع نزوح نحو مليوني فلسطيني من سكان القطاع الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما.
المصدر : الجزيرة + وكالات