من خلال متابعتي لما يكتبه ويتداوله عراقيون وعرب، على صفحاتك يا فيسبوك، تحفزتُ لبيان وجهة نظري باحثا موضوعيا، رغم أني نشأتُ صاحب فكرٍ يجمع بين العروبة والاسلام، جمعا عضويا لا عاطفيا، فالعروبة مادة الاسلام لغويا وفكريا وحكمة، الله سبحانه يوضح ذلك صراحة في القرآن الكريم، كما الرسول الكريم يؤكد حب العروبة يرتبط بحبه،والفاروق يؤكد أن العرب مادة الاسلام، تلك حقائق لا قضية عنصرية، بل لغة وفكرا وحكمة كما قلت فيما سبق. من هنا فأنا نشأتُ مِن منطلق أن الأمة العربية انثربولوجيا حقيقة، بتوافر كل مقومات الأمة، من لغة وثقافة وفكر فحضارة وجغرافية وتاريخ،فهي أمة رسالة عززها الأسلام باستمرار وخلود، تلك حقيقة وبدهية وليست مجرد فكرة لفرد أو لحزب ما. ولا غرابة اذا ما تبناها فرد أو مجموعة، ثم حزب ما لأنها بديهيا تعبر عن شعور ومسولية أي مواطن منتمي حقا للأمة.وهكذا نشأت قبل أن أتعرف على البعث، أو أي تنظيم قومي أو وطني. ومعلوم أي مجتمع عادة تنشأ فيه مجاميع فكرية وطنية ،بافكار متنوعة كل بحسب ما به يشعر أو به متأثر من أفكار وطنية وعالمية.وهكذا نشأتْ احزابٌ في الوطن العربي كل بحسب منطلقاته وتحسسه بما يهمه من قضايا وطن وأمة. ففي العراق نشأت الاحزاب منذ العهد الملكي وتمثلت في:-
1-الحزب الشيوعي العراقي وارتباطاته أممية ومعروفة أهدافه. لا تعترف بوطن وقومية اممي الهدف
2- حزب الشعب وهو حزب يساري شقيق للشيوعي في المسيرة
3- حزب الاستقلال ،قومي التوجه والاهداف نحو وحدة الأمة
4- الحزب الوطني الديمقراطي ذوتوجه وطني . بحت
5-حزب الأمة وهو حزب الحكومة الملكية
6-ثم بعد1952م نشا البعث العربي الاشتراكي وهو فرع للبعث العربي لاشتراكي الذي نشأ باسم حركة الأحياء العربي فكرا 1933م في سورية ثم تطور الى حزب
في 7 نيسان 1947 يمثل الفكر العربي الايماني نحو تحقيق وحدة الأمة تحت نظام اجتماعي عادل.
7-حركة القوميين العرب وهدفها وحدة الامة تحت برنامج عام
تلك التشكيلات الحزبية تتعلق بطبيعة المجاميع وتوجهاتها الفكرية، فليس غريبا أن تكون عدديا هكذا ،انما الغريب في سلوكها العملي وعلاقاتها مع بعضها ،خدمة للعراق ولامته المعروفة تاريخيا وحضاريا. وفي العهد الملكي الشيوعي والبعث والقوميون العرب تعد سرية لموقف العهد الملكي منها، ولا سيما تجاه الحزب الشيوعي المرتبط فكريا وسلوكيا بالمعسكر الشيوعي الذي يخوض حربا باردة مع المعسكر الراسمالي، حيث العهد الملكي مرتبط به( حلف بغداد) ،ولو على حساب المصلحة الوطنية والقومية للعراق.
وفي ضوء تطور الأحداث بعد ثورة مصر1952م ثم تطورها قوميا بعد 1954م حيث تولت قيادتها شخصية وضحت اهداف الثورة قوميا، يتبع ذلك تاميم قناة السويس 1956م ومن ثم عدوان ثلاثي على مصر يتقدمه الكيان الصهيوني، وموقف مخزي للسيد نوري السعيد بالتحريض ضد التأميم والدعوة لاجهاضه( مذكرات أيدين رئيس وزراءبريطانيا وقتها)، ثم مشاركة طيران انكليزي من الحبانية بقصف بور سعيد ومصر، كانت المواقف الوطنية والقومية مع مصر ، قادت تلك الاحداث والمواقف الى وحدة مصر وسورية بارادة سورية شعبية ورسمية، كان للبعث دور متميز فيها. غير ان الشيوعي السوري وقف ضد الوحدة. نعم بعد 1956م ودور السعيد والعهد الملكي المخزي ،
تشكلت جبهة الاتحاد الوطني من البعث والاستقلال والوطني والشيوعي، لمواجهة موقف العهد الملكي،كما تشكلت مجموعة الضباط الاحرار للعمل على تغيير الوضع، نحووضع يعزز المد القومي بولادة الجمهورية العربية المتحدة ،والتخلص من حلف بغداد والنفوذ الغربي. كانت خطوة وطنية قومية متميزة،لكن الشيوعي ما كان نزيها، كما ان قناعة الانكليز بتغيير العهد الملكي بدأت تتململ، لكن بوضع ضد المد القومي والجمهورية العربية المتحددة، حيث العهد الملكي اضحى عاجزا، وهكذا تمكنوا من دس صديقهم قاسم على الضباط الاحرار( هناك وثائق تؤكد ذلك)، مستفيدين من معرفة وضعه النفسي ، ودوره في حرب فلسطين ،يساعدُ على تقبله من قبل بقية الضباط ، وهكذا نظمه ناجي طالب مع احد اللجان ،ومعهم عبد السلام عارف المغرم بامره قاسم في حرب فلسطين. وهكذا نجح الانكليز في غفلة من الضباط الاحرار ،من تنفيذ خطتهم حتى بتحريك اللواء 20لعلاقته باللواء19بقيادة قاسم. ونجحت الثورة ولم يحرك الانكليزساكنا، وتسلم صاحبهم القيادة باستغفال عارف وسذاجته، ثم لعب الشيوعيون والبارزانيون والحزب الجادرجي دورا في تثبيت قاسم هدفا وسلوكا، ومزقوا الجبهة وخلقوا ارهابا وقتلا واعداما للضباط الاحرار، بخلق ظروف ضاعت فيها القيم وساد كل ما لا اخلاقي، وضع اسسا لكل عنف لاحقا.وجاء 8 شباط ليرد الثورة الى اهدافها الوطنية والقومية، التي أعلنت في بيانها الاول من قبل منفذها عارف و في ضوء اهداف مبرراتها في حينه، ولاخذ حق من اعدمهم قاسم بدعم وتحريض شيوعي ارهابي وقتها ، فحمل السلاح الشيوعيون زاجين بسطاء الناس في معركة دموية ،رغم بيان 8 شباط الاول يؤكد على عفاالله عما سلف ويدعوا لوحدة وطنية، وهم كلما مرت ذكراها يتحدثون عن دموية البعثيين، وهم من بدأ الدموية دفاعا عن دكتاتور ارعن فيه جنة، وهكذا اسسوا لوضع دموي لم يستوعبه جماعة شباط بعقل قائد، فتبع ذلك احداث لا تليق بالمباديء التي يدعون الحكم باسمها، واخيرا سقطت حركتهم بيد العسكر بزعامة عارف، وبدلا من الاعتراف باخطائهم وقلة حكمتهم، راح بعضهم يتهم بعض من شاركهم من الجيش بسواق لقطار امريكي، تهم الفاشلين حين يفشلون..وهكذا خُلقت اجواءجعلت البعض يحن على وضع كان محل استنكار كل وطني حقيقي و قومي وقتها.
تلك خلاصة جدا موجزة لبيان لماذا العراقيون اليوم تاهت عليهم اسس المقارنة وموضوعيتها.
وحين تسلم البعث في العراق السلطة في العراق 17 تموز 1968م رغم معارضة القيادة القومية للانقلابات العسكرية، لانها اساسا ليست من قيم البعث الذي سجن امينه العام في سورية في الخمسينات لمعارضته لانقلاب حسني الزعيم وغيره وقتها، ولا سيما بعد فشل حركة 8 شباط 1963في العراق وفشل8 آذار1963م في سورية وما تلا من انشقاقات طفولية، لكن القيادة القطرية بررت عملها وما فعلته بطرد المندسين خلال 14 يوما، تقبلت القيادة القومية ما حدث مع التأكيد على تطبيق قرارات للقيادة القومية عراقيا وقوميا،ومنها جبهة وطنية وحكم ذاتي للشعب الكردي، وكل منصف لا ينسى تلك الخطوات وما تم من تأميم للنفط والثروة المعدنية وجبهة وطنية وحكومة وطنية ائتلافية وحكم ذاتي للشمال، ثم تنمية انفجارية في كل مجال، وخلال 11 عاما كل شيء يشار له بالبنان وطنيا وقوميا وعالميا، ثم دون تحيز فالنظام الوطني هذا تجاوز كل ماض مزعج مع البعض، واشركهم في الحكم والبناء، لكن مع الاسف من أساسه عدم اخلاص للوطن وللامة، يبقى أسير سلوك لا يخدم وطنا وأمة، بل وسيلة لتدخلات أجنبية كل بحسب ارتباطاته المخلة بمسوليته الوطنية, وهكذا كل رجع الى أصله ، ثم ذهب يعمل ضد العراق متعاونا مع عدوان خميني بكل وقاحة، بل يحمل السلاح ضد وطنه جيشا وشعبا، تلك سلوكيات بشريا غريبة!! ، وهنا علي أن أيضا ألوم من قاد العراق بعد 16تموز 1979م، لأعمال فرطت بقيم البعث وبخطة وحدة العراق وسورية، تحت مبررات واهية هدفه زعامة اولا ، لكن عدوان ايران في ايلول 1980م غطى على ما حدث للوقوف ضد عدوان واضحة اهدافه ومن خلفه. وبوحدة البعث والشعب( غير العملاء) والجيش بعد حرب ضروس لثمان سنوات، تمكن العراق من أفشال المؤامرة الفارسية الصهيونية،بعد تضحيات جسام، كان على القيادة أن تركز الجهود للتخلص من تبعاتها وطنيا على مستوى الاقتصاد والسياسة ورعاية المجتمع بكل اخلاص، كما بَيَّنْتُ ذلك للقيادة بدراسة مستفيضة وقتها، من منطلق المسؤولية وطنيا وقوميا وبعثيا وانسانيا تجاه الشعب.أقول هذا لأبين أنني حين أتحدث بشأن العراق والأمة ليس بعد حين بل منذ أنفصال الوحدة 1961 بين مصر وسورية، وعلى اسس وثائقية لا عاطفية، وهنا ايضا اتحدث عن أمور عشتها بتحسس وتفاعل لامراقبا او قارئا او سامعا. فاسس عرض الأمور بموضوعية الباحث العلمي لها يعتمد ولو على الذات.غير أن القيادة بقائدها الذي خضع لنزوات شخصية وغرور مرحلة برز فيها كأنه القائد الأوحد(مع الأسف)، فأوقع نفسه والعراق والأمة في دائرة غروره، حين نسى الحرب مع ايران وقبل أي سلام وحسن جوار، سلمها الطائرات واحتل الكويت تحت مبررات تمثيلية، ففتح ابواب الفخوخ المنصوبة للعراق وللامة من اعداء هو يعرفهم ويحذر منهم، وهكذا كانت الجريمة الكبرى،نعيش مآسيها اليوم عراقا وعربا، حيث الاحتلال والتدمير وتسلط العملاء للاجانب على مقدرات العراق، تدميرا وسرقة وللاخلاق فسادا بقيادة ايران والامريكان والصهيونية و كل مع عملائه!!.والجميع يتفرج بين حنين لماض حاربه يوما، وبين ناقد غيره ومبريء لنفسه، وبين من قابل بالامر الواقع وسط بحيرة آسنة، أعتاد على تحمل التنفس فيها، ينتظر الفرج من رب كريم. والله يقول لن يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم، ويظهر تغير النفوس ليس من الأمور السهلة عند البشر، ولا سيما اذا سادت تلك التي جُبلت على الأمر بالسوء تربية.
ربما البعض سيتحفظ على اسلوب طرحنا للموضوع على الفيسبوك،! بحجة عدم نشر الغسيل على الاحبال! كما القول الشعبي يقول، لاخفاء وساخة البعض،خلافا لمظهره.
وأنا يا فيسبوك أرى الكل ينشر على حبالك كل ما هب ودب، من كلام وصور ،وفعاليات حتى اصبحتَ تتدخل في حياتهم التفصيلية ،وعند الوقت المناسب تنشر كل ما يسر ويضر. وأنا انشر هنا ما يذكر، وما قد يوعي من لا زال يملك وعيا ،لتجاوز ماضيا الجميعُ شارك فيه سلبا وايجابا، والاهتمام بوطن وامة ،اصبحا ساحة صراع بين مصالح أجنبية ،ولا أي اهتمام بمصالحمها من الابناء قبل الأعداء، بل منقسمون عدائيا ،لا يفرقون بين عدو وصديق، وبين جار طامع وشقيق، لا تزال ما ذكرنا من اشنات الماضي تترعرع بين ظلوعهم، تغذي عقولهم متناسين مصيبة وطن وأمة ويتنابزون بالالقاب،والبعض يخلط الحق بالباطل دون تأني. وبكل صدق وأمانة أقول:-
كل مخلص حقا للوطن والأمة عليه تجاوز خلافات الماضي، ورفض واقع اليوم ،بما فيه من عملية سياسية عميلة وعملاء، باعوا ويبيعون الوطن للاجنبي أيا هويته، يسرقون المال ويفسدون الاحوال ويفقرون الوطن علما وتربية وتقدما وقيما. وأنا أحيانا أضطر للتعقيب ،على ما أراه مجاف للحقيقة ،مقتديا بتحمل مسؤوليه قول الحقيقة من قبل من يملكها علما لا عاطفة .
وتلك لا تتم بكلام مجرد، بل بالوقوف على مشرور الحبال و رفض كل وسخ و البدىء بنشر كل نظيف علنا دون تقية، فالحق بين والباطل بين وما بينهما الشبهات ،والشريف المخلص لا يعمل في ساحة الشبهات، بل في ساحة نيرة بقيمها ومبادئها وللحق يعملون وله يحبون. هذا اليوم ما نضح من تفكيري باخلاص ،وبحرص على وطن وأمة، أرى الذئاب تنهشهما من كل باب، والشعب لاه بما لا يليق أن ينتسب لوطن وأمة، يوما كانا بناة حضارة عليها حضارة العالم اليوم ارتكزت.
فهل لما ندعو مَنْ يعي ويعمل على توعية الشعب ،للخلاص من وضعية قذرة شاذة ،وبموقف وطني قومي يسجله التاريخ لاجيال اليوم، مصححين أخطاء الجيل الذي عنه تحدثنا اعلاه.حق ام باطل؟
أنا لمنتظرون.
ابو ليث علي الرفاعي