يهتم علم الفيزياء عموما بدراسة تغيير الظواهر الطبيعية التي تعيشها المجتمعات في فضاء الكرة الارضية وباطنها والتي يعيش عليها السكان. وليس من السهولة دراسة سلوك وتفاعلات المواد ومدى الانسجام او التعارض بينها ، ولهذا نجد ان العلماء يبذلون قصارى جهدهم في دراسة مكونات اي مادة والتعرف على عناصرها وماتحتويه من مكونات زمانية ومكانية ، وقد يستغرقون سنوات من البحث الشاق والدراسة والتفسير الى حد وصولهم الى نتائج تخدم البشرية عموما ، فنتائج ماوصلت اليه الفيزياء ، حاله حال نتائج بقية العلوم ، التي اضافت الى الانسانية والحضارة تقدما واضحا.
هذه العلوم مجتمعة هي علوم تطبيقة تدرس ظواهر مادية وتحاول تطويرها ، فنظرية نيوتن مثلا تطورت الى تطبيقات في علوم شتى مثل الميكانيك ، وقانون الجاذبية السطحي يفسر قوة المجال الجذبي للجسم ، اي ان هناك قوة تجاذب بين اي جسمين في الكون اعتمادا على المساحة بينهما ، وقانون دالتون في الكيمياء والفيزياء الذي ينص على ان الضغط الكلي لمخلوط الغازات يساوي مجموع الضغوط الجزئية للغازات المكونة للمخلوط .
وهناك تفسيرات محددة للوحدات الفيزيائية التي يتم استخدامها في اي نظرية او ظاهرة فيزيائية ، وهذه الوحدات لايمكن الأجتهاد بها وتفسيرها كيفما شاء ،،فالأطوال تقاس ب ( متر، كلم,,) والكتلة تقاس بألـ ( كلغم ) ،،والزمن ( الثانية ومضاعفاتها ) والتيار الكهربائي ( الأمبير ) وبصدد الكهرباء لانعلم في بلدنا هل يستخدم الأمبير ام ارباع الأمبير في تغذية شبكتنا الكهربائية الوطنية المتهالكة ، وحتى بالنسبة للأضاءة فانها تقاس بالـ ( الشمعة ) ، اي نقول مثلا ان شارع الرشيد او مناطق الفقر والجوع الشعبية تكون اضاءتها ب ( شمعتين ) ومناطق قصور ومنتجعات اصحاب السيادة والسمو المتحكمين بقرارات نهب الثروات ، تقاس انارتهم بملايين الشموع الليزرية،،على سبيل المثال !!!
وليس من الغريب ان هناك علاقات وطيدة بين العلوم التطبيقة الفيزيائية وبين السياسة وافعال السياسيين ، ولكن علاقة باتجاه واحد، اي ان السياسة تستفاد من الظواهر العلمية الفيزيائية وغيرها وتحاول توظيفها لخدمة اهداف الفساد العليا ، وبهذا تكون السياسة معقدة لكونها تتعامل مع عقول لديها مستويات مختلفة من الثقافة ونسب مختلفة من الجهل ، وقد تكون هناك مفاهيم اجتماعية ثابتة لدى البعض لكنها تكون مفاهيم مختلفة عند البعض الأخر،فقد يتشح البعض بالديمقراطية ،ولكن الديكتاتورية هي التي تتحكم بتصرفاتهم ، فمثل هذه التصرفات والظواهر لاتجدها في الفيزياء وغيرها من العلوم .
ولكن هناك تطبيقات واضحة بين السياسة والفيزياء ،،فقانون لكل فعل رد فعل مساوي له في القوة ولكن معاكس له في الاتجاه ، نجده في السياسة والاجتماع ” العين بالعين والسن بالسن ” وهو مثل لديه تطبيقات عملية ملموسة لدينا ، فعندما خرجت الجماهير المليونية قبل سنوات ، منتفضة ولايام عديدة ضد سياسات المتنفذين بالسلطة والعابثين بثروات البلد ، حتى وجدنا رد الفعل السريع بوجود القناصة التابعين للعصابات والتكتلات السياسية وهم يصوبون اسلحتهم الحكومية في صدور المتظاهرين ، وكان هو رد الفعل . او عندما حلت على الشعب كارثة القرن المليارية ، فكان بطلها المحسوب على السلطة بمثابة الفعل ، اما رد الفعل فهو خروجه سالما غانما الى خارج البلد .
ولعل النظرية النسبية التي جاء بها اينشتاين خير دليل على تأقلم سياستنا بالفيزياء، حيث ان هذه النظرية ركزت على البعد الرابع وهو الزمان اضافة الى الأبعاد الثلاثة المعروفة ، اي في حالة حصول كارثة مالية او مصيبة تتعلق بتهريب المخدرات او الأموال عبر الحدود الى الخارج والداخل من قبل المتنفذين ، لابد ان يشار الى زمان حدوث تلك الكارثة وكم استغرق من الوقت لحدوثها كاملة لكي يمكن اجراء مسح بكوارث الفساد زمنيا وبهذا نتباهى امام الاخرين باننا حققنا ميزة لمجتمعنا لاينفرد بها سوى بلدنا النفطي الغني بثرواته.
وقد قالها عالم الفيزياء النووية الألماني كارل فايتسيكر ” لايستطيع المرء في عصرنا الحالي ان يشتغل في مجال الفيزياء التي ينتج منها الكاقة الذرية والقنابل النووية ثم يقول لاعلاقة للسياسة بذلك ” وحتى صاحب النظرية النسبية رحمه الله البرت اينشتاين عندما سألوه لماذا لاتكون السياسة مثل الفيزياء في استنباط القوانين ، رد قائلا ” لأن السياسة اصعب من الفيزياء “.
اللهم اجعل من سياسيينا ،،، فيزيائيين اولا