القلم على بساطته كخشبة اسطوانية مستطيلة تتوسطها مادة رصاصية بالوان مختلفة ، يتم استخدامه كأداة للكتابة والرسم. هذا القلم صنع عباقرة وعمالقة وعلماء على مدى العصور ومنذ تاريخ نشوء الانسانية حيث لم تكن فيه تقنيات للذكاء والحاسبات ، هذا القلم هو الذي صنع اساس الأنظمة المتطورة التي نعيشها اليوم ، القلم هو الأداة التي تطورت فيها البشرية منذ التاريخ البعيد وله الفضل الأول والأخير في كل ماوصلنا من احداث عن اجدادنا وسيرهم وانجازاتهم وافعالهم بحق انفسهم والمجتمع الذي يحيط بهم. لولا اهمية القلم لما وردت سورة ” القلم ” في القرأن للدلالة على عظمة واهمية ومكانة العلم واهله ، وذلك يؤكد ارتباط القلم بالعلم والأرتقاء ، وليس كما يفعل عباقرة السياسة والسلطة لدينا الأن في تحديد استخدام القلم فقط بالتوقيع على صكوك الدولارات وتحويلاتها الخارجية ومايتبع ذلك من ملفات فساد والتداول بشؤون الحرام.
واذا كان للقلم هذا المقدار من الأهمية فلأنه في النهاية اذا ماتم استخدامه في مجالاته المرسومة وقنواته المعلومة والصحيحة بجدارة ، فانه حتما سيؤدي الى رفعة العلم وبهجة من يسيرون في ركب الأبداع وتنمية القدرات والمواهب ، فالعلم مرتبط بالنور وما أروع من النور الذي يسطع في قلوب المتنورين ، فلولا النور لبقي الأنسان يعيش في كهوف مظلمة يغلب عليها الظلام والمأسي والكوارث ، فالعلم منارة في الحياة ، ومن يتمسك بالعلم فأنه يقود الحياة الى التطور ورفعة النفس.
فما بالك في مجتمع مثل بلدنا ، لايعي اهمية القلم ولا اهمية العلم ، ولهذا يفتقر الى القادة والرجال الوطنيين الحقيقيين ويسعى لخلق الفكر المنغلق الذي يقف بالضد لاي تطور وتقدم،،يفتقر للزلم الذين يقفون لاعلاء كلمة العلم ،،وينتشر فيه الزلم المزيفيين الذين ينشرون العشوائيات والواسطات وتعاملات الفساد ليتثقف المجتمع على الأنحراف من جيل الى جيل اتعس،، وقد جاءت في ايات عديدة ” قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون انما يتذكر اولوا الألباب ” ، ” ونوم على علم خير من صلاة على جهل ” ، هذه الفئة الجاهلة والمتسلطنة والتابعة لمن اوصلها لسدة الحكم ، يريدون من المجتمع ان يتساوى معهم في الجهل والفساد ، يطمعون الى تحويل البلد الى غابة ، ليس فيها تعليم ولاتربية ولاتنمية ، وكل مايفعلونه فقط من اجل السلطة والمال وتزييف الحقائق واشاعة القصص والخزعبلات الكاذبة لكي يوهموا الأخرين بأن هناك بلد وسيادة ووزارات وكيانات مجتمعية حقيقية ووطنية، في الوقت الذي تشكل فيه هذه التنظيمات سلسلة من الشواهد المتخلفة والمعلنة عن ما وصل اليه البلد من تشظي فكري واخلاقي .
لماذا القلم كان يصنع المثقفين والعلماء في السابق في الوقت الذي ازاح القلم المشوه في باطنه، العلم من أمامه الان وتحول الى اداة لصناعة الزلم التافهة المليئة بالأحقاد والطيش وفراغ العقل من اي دروس واجب حفظها لصناعة المستقبل. وقد قالها احد المفكرين ” الناس العقلاء لا يثقون الا بالعلماء ، واما الرعاع منهم فيثقون بكل ناعق ومهرج ” .
بلدنا بحاجة الى اقلام تقوم بكتابة وصفات تساعده على الشفاء مما يعانيه من امراض مزمنة،بلدنا بحاجة الى حملة اقلام من المفكرين لكي تنتعش العلوم وتحلق عاليا ، وليس الى مسؤولين مثلهم كمثل فرعون الذي كان يعد نفسه الهة ومساعده هامان الذي يلفق له قصص الانجازات المزيفة بالأكاذيب والشعوذات حتى انه كان يدعي على فرعون بأنه يخلق ” الأبل ” . ليكن الشفاء لمجتمعنا من الأقلام النيرة والساطعة بالخير والحلال والارتقاء،، ليكن القلم هو من يخلق لنا العلم والعلماء ،، ويحقق لنا الشفاء من الزلم المغلفة بالتخلف والانحطاط.
د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم