هذا الذي يحدث امامنا ،، يسترعي الوقوف عنده ، وفهم ما يجري حولنا وحوله ، فقرية ماكلوهان ، لم تعد مبحوحة الأصوات ،، انها تصرخ حتى من داخل حماماتها الزجاجية بجرأة و وضوح في السياسة وفي الحفلات !!
ما يثير فضولنا ونحن نرصد وهج الانتخابات في العالم ،، بالنتائج والغايات ، وبكل ما يجري في هذا الكوكب المجنون المتورم بأزماته السياسية والاقتصادية وحتى الاخلاقية !!
لكن انتخابات فك الأزرار والطلاسم والاسرار ،،التي جرت في هذه الايام ،، لها نكهة تغيير الأصنام والأورام ، فهي تبشر بتطورات وتغيرات بعد ان بدأ هذا العالم يستشعر حجم اخطاء السياسات الضالة ، وقذارة الحروب الباردة والحارة .
ايران الدولة المسلمة ، التي سارت على نهج الامام الخميني بتصدير ثورتها إلى جاراتها والعالم ، يبدو ومن نتائجها ،، انها ستسعى لإصلاح مسار الثورة من عطبها ، قبل فوات الآوان ،، وهذا ما يفهم من خطاب المرشح الفائز الطبيب المثقف مسعود بزيشكيان ،، الذي ترك زر قميصه مفتوحا في حضرة ضريح الامام السلطان ، وهو بصحبة نجل الامام حسن خميني ، ومعهما ، وزير الخارجية الايرانية الأسبق اللطيف محمد جواد ظريف .
في علم الدلالة ،، فك الأزرار ، تعني فك القيود من الجياد ،، ، وهي علامة من علامات الراحة ، والخلاص من تعب ايديولوجية دينية ، أرهقت البلاد والعباد ، وجرًت ايران إلى واقع مزر ، تركت آثاره السلبية على الشعب الإيراني ، الذي كان وراء صعود مسعود ، الخالي من هيبة العمامة ، والعباءة الدينية ، بعد ان طل على العالم ،متوشحا بهيبة اللباس المدني الذي يرمز إلى الحياة والحرية ، ويفترض بدولة الحرس الثوري ان تتقبل رياح التغيير ، و تفهم معاني المدنية .
في المنهج السيميائي ودلالاته العلمية ، علينا ان تراقب ، كل حركة وكل إيماءة ، وكل مفردة ،، قبل ان تتكون في جملة مفيدة ، او تنتهي إلى خطاب بكلمات غير رشيدة .
في باريس ،، كان الزعيم اليساري ميلونشون ، هو الاخر جمع حوله الملايين من اشتراكيين وشيوعيين وماركسيين ، ومن أقصى اليسار ، وبقايا من مناضلين يجيدون الجدل والتسكع في الحي اللاتيني وعلى ضفاف نهر السين ، جمع كل هؤلاء حوله ليقطع الطريق على شاحنة اليمين المتطرف بقيادة مارين لوبين ،، وتلميذها الشاب بارديلا الذي تنكر لجذوره الجزائرية يوم كان اجداده يحاربون ابناء الجزائر تحت علم الاحتلال الفرنسي بقسوته الابدية،، ، وصار يرتبط إلى جذور يقال انها من جدته الإيطالية .
ميلونشون.. هو الاخر ظهر فرحا سعيدا ، فاتحا الزر الاول من قميصه ، بلا ربطة عنق ، ونسي اناقة بيير كاردان ، وعطور شانيل ، وفاته ان قصر الاليزيه لا يستقبل السياسيين ،بزر قميص مفتوح ، وبصوت مبحوح .
صحيح ان الرئيس الفرنسي ماكرون رفع القماشة الحمراء بوجه ثور اليمين الهائج وأوقفه في مكانه ، لكنه فتح الطريق امام فوضى ربما ستحصل في الجمعية الوطنية، بعد ان تعثر على الجميع الفوز بسلاح الاغلبية ،، والشعب الفرنسي بانتظار افتتاح السباقات الأولمبية !!
في بريطانيا ،، لم يتجرأ رئيسالوزراء المهزوم سوناك البليد ، الذي خذل حزب المحافظين، وسمح لحزب العمال العودة من جديد . سوناك هذا ، لم يفتح زر قميصه ، لكنه تجرأ بالظهور، من دون جاكيت ، ربما اراد تذكير الشعب البريطاني بحرب مقاطعة الملابس البريطانية ، وأسطورة مغزل غاندي ، نكاية بالذين خذلوه وقاطعوه ، ولم ينتخبوه !!
في قارة بعيدة ، لكنها ظلت جاثمة على ارضنا وقلوبنا ومستقبلنا ،، ما زالت حلبة الانتخابات مفتوحة بين ترامب وبايدن ، المصر على بقائه مرشحا وحيدا للديمقراطيين ، على الرغم من هزيمته امام ترامب في مناظرة جمعتهم سوية ، دون ان ينظر احدهم للآخر بروح ودية .
عالم بلا أزرار .. جعلت بوتين يضغط كل ثانية على أزرار صواريخه ،، دونما رحمة ، منتظرا استسلام عدوه الاوكراني الكوميدي زيلنسكي تاركا إياه بذلة ومحنة .
وفي غزة .. وصمودها الأسطوري ،، فتحت كل أزرار واسرار الأسلحة الأمريكية ، وما زال نتنياهو متبجحا متوعدا بنهاية صمود الأسطورة الفلسطينية ،، ظنا منه تركيع شعب بأكمله مؤمن بوجوده على ارضه ،، ولسان حال كل مقاتل فلسطيني يقول :
( ماقيمة الارض ، التي لا نستطيع القتال من اجلها )
د كاظم المقدادي