الوطن العربي و الطاقة النووية
#الشبكة_مباشر_أبوظبي_ا.د.علي عطية عبد الله المدير العام الأسبق المؤسس للهيئة العربية للطاقة الذرية
تحية وتقديرا للإمارات العربية المتحدة.
كم فرحت وانا اراقب خبر انجاز علمي عظيم جديد، يضاف الى انجاز مسبار الامل قبل ايام. انه عظيم لانه يدخل ميدان الطاقة النووية، المهم عالميا،على طريق بناء محطات نووية لانتاج الطاقة الكهربائية. والامارات العربية المتحدة تبشر الامة العربية وكل عربي مخلص لتطور الامة علميا وتقانيا،بخبر طالما كنا نامل ان تدخل الامة العربية مجاله ،قاعدة علمية تقانية على طريق استخدام الطاقة النووية في مختلف المجالات السلمية، ولي مع هذا الموضوع قصة وطنية وقومية، ارتبطت بقصة اجتماع القمة العربية عام ١٩٦٤م في الاسكندرية، يومها قام الكيان الصهيوني بتحويل مجرى نهر الاردن، والمعلومات انه يمتلك قدرات نووية سلاحية، فتمخض الاجتماع على قيام الجامعة العربية باجراءات بناء قدرة عربية نووية، وأسسوا جهاز علمي في الجامعة العربية يرأسه المرحوم صلاح هدايت احد مؤسسي هيئة الطاقة الذرية المصرية عام ١٩٥٦م. ثم نام الموضوع في اضابير الجامعة العربية، ويوما ( ١٩٧٧) دعا هدايت للاجتماع لدراسة قرار مجلس القمة العربية ١٩٦٤م بشان الطاقة النووية العربية.
( ١٣ سنة بعد.القرار!!)،
وحين اجتمعنا كان يتحدث عن ميزانية ٢٠ الف دولارا لكي يقوم بدراسات حول الموضوع، والأعضاء من الدول العربية اعتذروا لعدم امتلاكهم تخويل بذلك، وانا كنت موافق بل انتقدت هكذا مبلغ، وقتها اقترحت ان يقوم الامين العام للجامعة بزيارة القادة العرب مع ممثل الدولة المزارة لشرح الموقف والمطلوب، ولا يعقد اي اجتماع الا بعد انحاز ذلك. ولم يحدث اي تحرك. فتذكرت الجامعة العربية الموضوع عام ١٩٨٨م، بانشاء هيئة عربية للطاقة الذرية ( ٢٤ سنة بعد قرار القمة ١٩٦٤م). ثم المؤسسون ثلث الدول الاعضاء في الجامعة.ثم انتخبنا العرب مديرا عاما للهيئة.دون علمنا ، وقتها بينت عدم رغبتي لاني اعلم ان عمل الجامعة العربية مضيعة وقت وراتب يعجب الكثيرين، لكن انا لا يعجبني مالم يكن جديا وبدعم حقيقي، ولم التحق الا بعد ٦ اشهر، بتعهد عراقي وليبي بدعم جدي. فذهبت لجس النبض مع الامين العام للجامعة وقتها المرحوم القليبي، فبين لي خيبة الامل وواقع الجامعة ماديا ومعنويا، لكن وزير البحث العلمي الليبي الدكتور نوري المدني اتصل بي تلفونيا مشجعا وجاء بسيارته الى تونس، والتقى معي مؤكدا الدعم، ويبدي اعتزازه بنا . فقررت المباشرة وبدانا العمل بجد.من الصفر، فوضعنا النظام وخطة خمسية للعمل وليس معي غير سكرتير ابن أحمد الشقيري وقتها. وانجزنا ما مثبت في كتاب الهيئة العربية للطاقة الذرية في اربع سنوات. لكن وسط اجواء عربية مؤلمة، احدى الدول الاعضاء تتبرع لحديقة الحيوان في لندن بخمسة ملايين باونا استرلينيا ولم تدفع حصتها ٦٠٠٠٠ دولارا.رغم زيارتنا لها. ودول تعتذر عن المشاركة في الهيئة خوفا من الكيان الصهيوني( وقتها قصف المفاعل النووي العراقي ١٩٨١). اقول هذا لابين وليفهم من يقرا تلك المقالة لماذا انأ فرحت بالعمل العظيم للإمارات العربية المتحدة في انجاز محطة نووية لانتاج الطاقة الكهربائية ، لانه كان حلمي ان ارى هكذا مشاريع عربية وطنية وقومية، وقتها اقرينا انشاء مركز للبحوث النووية في تونس ومحطات مراقبة للإشعاع ، تحوطا من تفجيرات نووية في المنطقة. لكن ما حدث ٢ اب ١٩٩٠ وما تلا دمر كل الامال التي خططنا لها. ورغم اني في عمر تجاوز الثمانين لا زلت اتالم مما حدث ،ولا زلت افرح باي عمل علمي في اي قطر عربي، وابقى اتامل ان ارى عملا عربيا مشتركا في مجال العلم والتقانة ولا سيما مجال الطاقة النووية.
فتحية واحتراما مرة اخرى للإمارات العربية المتحدة، رائدة التقدم العلمي عربيا ،واملي ان تشرع قانون رعاية الكفاءات العربية في المهجر وفي داخل الوطن العربي، للافادة من طاقاتهم العلمية في خدمة الأمة. كما فعل العراق في السبعينات وكما خططنا له في الهيئة العربية للطاقة الذرية ١٩٨٩-١٩٩٣ حيث اسسنا شبكة معلومات لهم وعقدنا لهم مؤتمرا للانطلاق نحو الإفادة منهم عربيا. أضاع ذلك واقع عربي مؤلم بعد ١٩٩٠م.
قد يتساءل بعض الاصدقاء ما اهمية هكذا مشروع ضمن واقع عربي مؤلم اليوم بحاجة إلى تقويم في جميع المجالات قبل الطاقة النووية؟؟
ربما حقهم على وفق رؤيتهم لواقع الحال، لكن، بناء محطة نووية منطلق تقدم علمي كبير وهناك نواة عربية للعمل في مجالها قطريا وقوميا. ربما اسيء أسلوب العمل فيها لجهل من تصرف خطأ.فالعلوم النووية وتقانات الافادة منها عمل علمي كبير، ووجود هكذا مؤسسات يعني بناء كفاءات في هذا المجال على طريق التقدم العلمي والتقاني، والطاقة النووية مصدر متجدد وجديد للطاقة نظيف، نسبة الى المصادر الاحفورية الناضبة والملوثة للبيئة ارضا وفضاء .وكل الدول النامية وشبه المتقدمة تحتاج خبرة من سبقها، وكورية الجنوبية منذ ١٩٩٠م كانت الطاقة النووية تمثل ٤٣% من حاجتها للطاقة. فاي امكانية اقتصادية لبناء محطات نووية للطاقة او بناء مفاعل للابحاث العلمية على طريق بناء قدرات علمية وتقانية انما خطوة وطنية وقومية مهمة اليوم.تلك ملاحظة ربما توضح الموضوع اكثر لمن تساءل او يتساءل.عن اهمية الحدث.
١ اب ٢٠٢٤م