أخبار العائلة العربية في المهجرمقالات

نشرة La Gazette de Gaza من غزة الى بروكسيل … مسيرة حرية و تضامن

#الشبكة_مباشر_بروكسل_بقلم حسان البلعاوي

في نهاية عام 1982، أي بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وخروج منظمة التحرير الفلسطينية بقيادتها وعدد هام من كوادرها من بيروت ، اجتمع نقيب المحامين الفلسطينيين في غزة في الراحل فايز أبو رحمة مع القنصل الفرنسي العام في القدس وطلب منه العمل على تدريس اللغة الفرنسية في مدينتي نابلس وغزة .

كانت نقابة المحامين بوصفها احدى المؤسسات المهنية الهامة الداعمة لمنظمة التحرير الفلسطينية ، تسعى لمواكبة التطور الإيجابي الهام للموقف الفرنسي تجاه القضية الفلسطينية والذي تجلى حينها بقرار الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران بحماية القوات الفرنسية للباخرة التي تقل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من بيروت ، وفي الدعوة المؤتمر دولي للسلام تحت اشراف الأمم المتحدة تشارك به منظمة التحرير ، وذلك من خلال نشر الثقافة الفرنسية عبر تدريس اللغة الفرنسية والذي توقف منذ الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة في حزيران 1967، حيث كانت اللغة الفرنسية الزامية كلغة اجنبية ثانية في المرحلتين الإعدادية والثانوية في المنهاج المصري الذي مطبقا في قطاع غزة حتى هذا التاريخ ، بحكم انه كان يقع تحت الإدارة العسكرية المصرية .

وقد قدم الأستاذ فايز أبو رحمة حينها عرضا بان تستقبل نقابة المحامين والتي كانت تملك مقرا واسعا في شارع الجلاء تدريس اللغة الفرنسية على ان يزود الجانب الفرنسي الأساتذة المختصين بذلك وكتب التدريس، وهو ما تم في مطلع عام 1983.

و يذكر محمود ضاهر وهو من المجموعة الأولى التي بدأت تعلم اللغة الفرنسية، ان القسم الثقافي في القنصلية الفرنسية العامة في القدس، اوفد مدرسا فرنسيا اسمه فيليب تيمون تساعده زميله لها تدعى كورين ، والذي سكن غزة وبدا بنشاط تدريس اللغة الفرنسية في مقر نقابة المحامين من خلال طرق تربوية جديدة في تلك الفترة تعتمد على التفاعل بين الطلاب والمدرس من خلال الة عرض تقدم الصوت والصوت .

ويضيف ضاهر والذي يعمل اليوم مديرا لمكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن، ان المجموعة الأولى التي اقبلت بهمة على دراسة الفرنسية كانت تضم عدد من الشخصيات الاعتبارية في غزة الراحلين الدكتور حيدر عبد الشافي، السيدة يسرى البربري والشاعر سعيد فلفل وغيرهم من الشخصيات في تخصصات مختلفة ، مكملا ان عدد المقبلين على دراسة لغة مولير ارتفع من صفين يضم كل واحد منهما قرابة 20 طالبا الى ثلاثة وأربعة ، يأتون مرتين في الأسبوع مساء ، الامر الذي دفع الأستاذ فايز أبو رحمة من رئيس جمعية الشبان المسيحية الراحل موسى سابا ، ان تستقبل الجمعية الواقعة قرب النقابة التدريس نظر لحجمها الأكبر من النقابة وهو ما تم بالفعل في مطلع عام 1985 .

ولان تدريس لغة اجنبية كان يعتمد على طرق غير منهجية لتسهيل تعلم الطلاب هذه اللغة ، كان يتم تعليم الطلاب الأغاني الفرنسية وعرض أفلام سينمائية فرنسية معروفة تساعد في اقتراب المتعلمين من اللغة والثقافة الفرنسية ومن ضمن هذه الطرق تم تأسيس نشرة باللغة الفرنسية يقوم بتحريرها الطلاب تحت اشراف مدرسهم فيليب تيمون والذي اختار اسم لها بعنوان La Gazette de Gaza ، تيمنا بمجلة حملت اسم La Gazette في فرنسا في عام 1631 وكانت من أوائل المجلات في فرنسا التي تتناول الاحداث السياسية والاجتماعية ، عدا ان هذا الاسم اصبح منتشرا في العديد من مدن العالم الناطقة باللغة الفرنسية .
واقبل الطلاب بفرح على هذه الوسيلة الجديدة، فكان كل منهم يقدم مساهمته في مجال تخصصه، ويقوم وبعدها الأستاذ فييليب بمراجعتها من ناحية اللغوية وتصميميها وارسالها لأحدى المطابع في القدس , وأصبحت هذه النشرة المتكونة من 4 صفحات حجم A3 ، سريعا منبرا ليس فقط لنشاط تدريس اللغة الفرنسية ، ولكن للفعاليات الثقافية في غزة بالإضافة الى نشاط القسم الثقافي الفرنسي في القدس .

ويقول محمود بصوت حزين ” لقد كتبت عدة مساهمات في مجالي الطبي في نشرة La Gazette de Gaza ، وكنت احتفظ بجميع الاعداد التي صدرت وعددها 12 مع مجموعة من الصور وذلك ضمن ارشيفي الشخصي الذي كان موجودا في بيتي الجميل الواقع في شمال غزة والذي تم تدميره بالكامل خلال الحرب اللعينة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة ”

وبعد 40 عاما ، تشاء الصدف وفي ظل حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني ، ان يتم صدور في بروكسيل في مطلع يوليو من هذا العام 2024 ، نشرة بعنوان مشابه وهو Gaza Gazette وجاء في السطر الثاني لعنوان النشرة جملة ” فلسطين في زمن الإبادة ”

المحررة الرئيسية للنشرة وصاحبة الفكرة، هي ناشطة بلجيكية من اصل مغربي اسمها ماليكة حمري، أتت طفلة مع والديها المهاجرين من مدينة مكناس في المغرب الى بروكسيل واتمت بها كل مراحلها التعليمة ،والتي كان اخرها الفلسفة في جامعة بروكسيل الحرة ، وقد اختارت هذا الاسم دون ان تعرف انه صدر في غزة المدينة التي تدافع عنها اليوم ، نشر بنفس الاسم تقريبا ، وقد تأثرت كثيرا عندما عرفت بذلك .
تقول ماليكة انه كان من الضروري وضع اسم غزة في النشرة لأنه في هذه الحرب الدائرة اليوم هناك رغبة دفينة لدى وسائل الاعلام ، إخفاء اسم غزة في العنوان الذي يتم إعطائه لهذه الحرب التدميرية ، كجزء من فلسطين التي تتعرض لإبادة كما جاء في عنوان النشرة ، حيث تشدد ان الشخص الذي يرفض الاعتراف بوجود حرب إبادة في غزة ، فهذه النشرة ليست موجهه له .
ويصل عدد صفحات النشرة الى 8 بمقاس A4 وهي موجودة أيضا على الفضاء الاليكتروني وتصدر مرة كل أسبوعين ويجري حاليا العمل على ترجمتها الى اللغتين الإنجليزية والهولندية .
في العدد الأول الذي صدر في 24 يوليو 2024 ، جاء في الصفحة الأولى ” اخبار من هنا ، وهناك وفي أماكن أخرى ” وتقول مليكة انه المقصود من اخبار ” هنا” أي كل الفعاليات التضامنية مع غزة التي تتم في بروكسيل وبلجيكا حيث يتم ابراز اهم الفعاليات المتعلقة في غزة وفلسطين اما ” هناك ” فالمقصود بها ابرز الاخبار القادمة من غزة ومحاولها تلخيصها وإبراز الامر الطارئ بها ، وأخيرا فيما يتعلق ” أماكن أخرى ” فهو يتناول الاحداث الهامة المتعلقة في فلسطين في دول العالم .
وتعتبر ماليكة ان نشرتها تسعى ان تكون مساحة لكل مواطن وناشط مهتم بفلسطين يجد بها كل المعلومات المتعلقة بفعاليات داعمة لفلسطين في العديد من المجالات وان تقدم معلومات خاصة بالشعب الفلسطيني ومعاناته لا تتناولها اغلب وسائل الاعلام الأوروبية، او على الأقل لا تعطيها المكانة المناسبة .
وأخيرا تذكر محررة نشرة Gaza la Gazette ، ان العديد من الناشطين اصبحوا يساهمون في إعطاء اخبار تتعلق بالنشاطات التضامنية مع غزة وفلسطين .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى