أخبار العائلة العربية في المهجرأدب وفنالاخباردولي

سعود مهنا المخرج المقاوم

#الشبكة_مباشر_دبي_بقلم: يوسف علاري مخرج سينمائي فلسطيني

السينما أحد أبرز أشكال التعبير الفني،وهي قادرة على تجاوز الحدود والحواجز لإيصال أصوات الشعوب إلى العالم أجمع.

في ظل الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة، ينهض بعض المخرجين الغزيين من بين الأنقاض والألم لتسليط الضوء على واقعهم المرير، وأداء دور محوري في توثيق المعاناة اليومية.يشكلون فعل مقاومة وثقافة تؤكد على وجود الإنسان الفلسطيني وحلمه بالحرية. يكتبون اللحظات التي تجسد صمود الشعب، بدءًا من الأطفال الذين يواجهون الموت بالحلم، وصولًا إلى النساء اللواتي يصنعن الحياة وسط الخراب.

أخي وصديقي العزيز، المخرج والمقاوم سعود مهنا، رئيس ملتقى الفيلم الفلسطيني، ومؤسس مهرجان العودة السينمائي،هو أحد أهم هؤلاء الأبطالالسينمائيين المقاومين.يصرّ مهنا على مواصلة العمل في قطاع غزة رغم خطورة التنقل، متسلحا بروح الإبداع والإرادة الحديدية، رغم كل الآلام التي ألمت به.

اضطر المخرج سعود مهنا وأسرته للنزوح خمس مرات خلال عام ٢٠٢٤بعدما دُمّرت منازلهم واحترقت نتيجة القصف الوحشي.فقد في حرب الإبادة الجماعية والدته وأخاه وابن أخيه والعديد من أفراد عائلته وأصدقائه.سعود مهنا المثخن بالجراح لا يملك ترف الحزن،يلملم جراحه وأحزانه كل يوم. يحمل كاميرته ويغادر خيمته،ويجوب القطاع من أجل توثيق الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي الغاشم. ثم ينقل هذا الواقع الأليم من خلال الفيلم الوثائقي والدرامي إلى العالم،علَّه يجد ضميرا نابضا بالحياة، يستجيب لنداءات الأطفال اليتامى والنساء الثكالى.

رغم تهديدات القصف وخطر الاغتيال، يصر سعود مهنا على العمل بإمكانات متواضعة وكاميرات بسيطة. أفلامه التي تحمل مزيجًا من الألم والأمل، تعكس واقع شعبه المكلوم وإصراره على الحياة. يعتمد على أساليب سرد مبتكرة، مستخدمًا بيئة غزة المحطمة كخلفيات سينمائية تعبر عن الحقيقة بكل تجلياتها،ديكورها الدمار ولونها الدماء.

صنع مهنا أفلامًا سلَّطت الضوء على حياة الأطفال في ظل الحرب، وكيف يحاولون التشبث بالأمل رغم فقدانهم لأحبائهم، منازلهم، وبيئتهم التربوية. السينما، التصوير الفوتوغرافي، بالإضافة للمسرحيات، التي أخرجهاكانت وسيلةلتقديم لحظات رفاهية عابرة لأطفال حرموا من أبسط متع الحياة، ليرسم بسمة أمل على شفاههم الجافة ووجوههم الشاحبة.

تمكنمن تحويل الواقع المؤلم إلى أفلام تسافر إلى الشاشات السينمائية عبر المشاركة في المهرجانات الدولية. ذهبت أفلامه إلى المهرجانات بينما لم يستطع هو العودة إلى بيته المهدم الذي لا يبعد عن خيمته سوى بضع أمتار، ليستريح ساعة زمن على أنقاضه.

السينما في غزة ليست مجرد ترفيه، بل هي وسيلة لتعريف العالم بالثمن الإنساني الباهظ للعدوان الإجرامي على شعب أعزل.في ظل ظروف استثنائية تفوق الوصف وبيئة معيشية مرهقة ومثقلة برائحة البارود والموت، تمكن مهنا ورفاقه الأبطال من تحويل مشاهد الدمار والمآسي إلى قصص تسرد للعالم،الكاميرا في أيديهم ليست مجرد أداة تقنية، بل هي عين ترصد الحقيقة.خاطبوا العالم الذي يعيش أزمته الأخلاقية قائلين: أنظر أيها العالم الجبان ما يحدث لنا، لكننا صامدون ومستمرون في العطاء.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى