
قيل فيما مضى ، بأن مخترع الديناميت الصناعي السويدي الفريد نوبل كان نادما اشد الندم من اختراعه للديناميت بعد ان علم ان هذا الاختراع هو نوع من المتفجرات التي يتم استخدامها من قبل شلة من المجرمين في الحروب والدمار الذي تعاني منه البشرية.
ويذكر عزيزنا نوبل انه عندما قام باختراع الديناميت فانه كان يسعى الى توفير اداة حديثة يمكن استخدامها في حفر المناجم واستخراج الثروات الطبيعية المخزونة في ارضها لغرض تعميم الخير والفائدة والمنفعة للبشرية جمعاء . ولم يخطر في باله انه يمكن استخدامها من قبل بعض العقول المحسوبة على البشرية لغرض السلب والقتل والنهب والتهديد ، اي تحقيق غايات ومنافع خاصة وذاتية .
ويصح الكلام عن صناعة السكاكين التي لم يعرف من قام باختراعها لأن الدراسات الأثارية تقوا ان اكتشافها يعود الى اكثر من مليوني عام وفي افريقيا ،، ويعتقد ان التهام البشر في ذلك الوقت للحيوانات من اجل التغذية ورؤيتها للعظام الداخلية للحيوانات الهمتهم في استخدامها للقطع ومن ثم تطويرها الى سكاكين .اي هناك نوع من حسن النية لأجل غاية بشرية هي الغذاء.
الندم الذي عانى منه نوبل هو عندما نشرت احدى الصحف فكتبت في عنوانها الرئيسي ” مات تاجر الموت ” ، وكتبت صحيفة اخرى ” مات من صنع ثروته من دماء الناس ” مما يعكس تذمر الناس وردود افعالهم السلبية من جراء اختراعه للديناميت. صدمة نوبل من قراءته لهذه الصحف والأخبار جاءت من ان الذي توفي فعلا هو شقيقه وليس هو ونشرت الصحف الأخبار خطأ على نوبل،، مما ولد على نوبل صدمة اخرى عندما تعرض لهذا الهجوم بسبب اختراعه سيء الصيت، فقرر تخصيص جائزة نوبل الخالدة لتمحو ما اقترفت يداه،، وهذا هو المعدن الحقيقي لهذا الشخص الذي وهب ثروته بالكامل لمن يبدع في سبيل اسعاد الانسانية والارتقاء بها نحو الأفضل عن طريق التسارع في تقديم كل ماهو جديد في شتى العلوم ،،مما يعكس الاسلوب الجديد المتحضر في التعامل مع الأخرين.
فكم نحن من اشخاص ومؤسسات ومنظمات بحاجة الى تدارك اخطائنا من اقتراف اي سلبيات تجاه المجتمع الذي نعيش بوسطه،، واذا ما اخطئنا فعلينا الاعتراف بتلك الاخطاء المنحرفة امام الجميع ونقدم لهم ثمن تلك الأخطاء عن طريق هبات ومساعدات تقلل من قيمة الاضرار التي لحقت بفئات المجتمع لكي نرتقي دائما لما هو افضل.
التواضع والافصاح عن الاخطاء ليس ضعفا بقدر مايكون شجاعة تعكس مقدار الحصانة الثقافية التي يمتلكها الشخص،،واذا ماانتشرت تلك السلوكيات الأيجابية بين كافة افراد البيئة التي نعيشها ، فأن مقدار الأخطاء التي يقترفها بعض البشر او المنظمات سيقل حتما لانه سيكون فعل خاطيء ينبغي على من اقترفه ان يعترف بذلك للأخرين ،، وهذا ان صح لدينا فأنه يقتضي ان يعلن الشخص الخاطيء اسمه وسيرته ولقبه وعشيرته وطائفته وسلالته ،،مما سيخلق كارثة مؤكدة تفوق كارثة الفعل الانحرافي الذي قام به !!!!
نوبل لم يحصل على الموت بوجود جائزته التي تمنح من عشرات السنوات للمبدعين والمتمكنين من تطوير بيئتهم،، والغريب ان مقترفي جرائم الفساد والتخلف لدينا ايضا يتصفون بعدم الموت بالرغم من تعدد الجهات الرقابية وارتال من القوافل التي تبحث عن النزاهة والتدقيق والمصادقة ،،ومن ثم تخرج المليارات الدولارية الى خارج البلد بلمحة بصر عن طريق انظمة الاتصالات الحديثة ولايتطلب ذلك سوى كودات ورموز ،،، وبعد التحويلات الى الخارج تخرج علينا الالسن الشفافة بانهم سيلاحقون ويرصدون ويتابعون من قام بتلك الأفعال،،ومايقبضه الشعب من ذلك هو عدم وجود مشاريع تنمية وازدهار البنى الاقتصادية ،،وعجز مضحك في الموازنات .
فالاولى عند القبض على الفاسدين اذا تم فعلا ،،ان يخرجوا ويفصحوا على افعالهم ويعلنوا بالكامل عن اسمائهم والى اي حزب وتيار ينتمون ،،ثم يعلنون عن منحهم لجائزة لمن يقدم الخير لبلده،،اسوة بالمرحوم الفريد نوبل،،طيب الله ثراه !!!!
د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم