الماء و العُشْبُ و الرِّزْقُ و الأمْنُ: أركانُ الإستقرارِ و الحياةِ
#الشبكة_مباشر_بروكسل_د. فوزي الكناني

لطالما ارتبطتْ حياةُ الإنسانِ واستقرارُهُ بعناصرِ الطبيعةِ الأساسيَّةِ التي تَضمَنُ له البقاءَ والنَّماءَ. فالماءُ والعُشْبُ والرِّزْقُ والأمْنُ ليستْ مجردَ مفاهيمَ ماديَّةٍ، بل هي أركانٌ جوهريَّةٌ تُشكِّلُ أساسَ الحَضاراتِ، وتُحدِّدُ مَسارَ المُجتمعاتِ عبرَ التاريخِ.
الماءُ: شِرْيانُ الحياةِ
الماءُ هو العُنصرُ الأوَّلُ في مُعادلةِ الحياةِ، فلا يُمكِنُ لأيِّ كائنٍ حيٍّ أنْ يَستمرَّ بدونِ ماءٍ. وقد قالَ اللهُ تعالى في كتابِهِ الكريمِ: “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ” (الأنبياء: 30). فالماءُ هو الذي يَروي الأرضَ والإنسانَ، وهو أساسُ الزِّراعةِ والصِّناعةِ، وكُلِّ أوجهِ التَّنميةِ.
العُشْبُ: رمزُ الطَّبيعةِ والرَّخاءِ
العُشْبُ هو ما يَنبُتُ من الأرضِ، وهو رمزٌ للخُصوبةِ والنَّماءِ، فحيثُ يوجدُ العُشْبُ، تَوجَدُ الحياةُ. يَرتبطُ العُشْبُ بالزِّراعةِ والمراعي، وبهِ تَزدهِرُ الثَّروةُ الحيوانيَّةُ التي تُشكِّلُ مَصدرَ غِذاءٍ للإنسانِ. وفي البِيئاتِ القاحِلةِ، يكونُ العُشْبُ والمراعي موردًا ثَمينًا تَسعَى الأُممُ للحِفاظِ عليهِ وتَطويرِهِ.
الرِّزْقُ: العَطاءُ والاستِدامةُ
الرِّزْقُ مَفهومٌ واسِعٌ يَشملُ كُلَّ ما يَحصُلُ عليهِ الإنسانُ من خيراتٍ ماديَّةٍ ومَعنويَّةٍ. وقد وَعَدَ اللهُ – عزَّ وجلَّ – كُلَّ مَخلوقٍ برِزقِهِ، فقالَ: “وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا” (هود: 6). ولكنَّ الرِّزْقَ ليسَ مجردَ مالٍ، بل يَشمَلُ الصِّحَّةَ، والعِلمَ، والاستِقرارَ، والعلاقاتِ الطَّيِّبَةَ. والسَّعيُ للرِّزْقِ يَتطلَّبُ العَملَ والاجتِهادَ معَ التَّوكُّلِ على اللهِ.
الأمْنُ: أساسُ الاستِقرارِ والتَّقدُّمِ
لا يُمكِنُ لأيِّ مُجتمعٍ أنْ يَنعمَ بالماءِ والعُشْبِ والرِّزْقِ دونَ أنْ يَكونَ الأمْنُ مُستتِبًّا. فالأمْنُ لا يَعنِي فقطْ غِيابَ الحُروبِ والصِّراعاتِ، بل يَشمَلُ الأمْنَ الغِذائيَّ، والصِّحِّيَّ، والاقتصاديَّ، والاجتِماعيَّ. وعِندَما يَكونُ الأمْنُ مُستقرًّا، يَزدهِرُ الاقتصادُ، وتَتحسَّنُ جَودةُ الحياةِ، ويَشعرُ النَّاسُ بالطُّمأنينةِ في أوطانِهِم.
خاتمةٌ
الماءُ والعُشْبُ والرِّزْقُ والأمْنُ ليستْ مجردَ احتِياجاتٍ فَرديَّةٍ، بل هي مُقوِّماتٌ أساسيَّةٌ لاستِقرارِ الأُممِ وازدهارِها. ولِذلكَ، فإنَّ المُحافظةَ عليها وتَطويرَها مَسؤوليَّةٌ جَماعيَّةٌ تَتطلَّبُ تَعاونَ الأفْرادِ والمُجتمعاتِ والدُّوَلِ لضَمانِ مُستقبلٍ آمِنٍ ومُستدامٍ للأجْيالِ القادِمةِ.
بالإضافةِ إلى ذلكَ، فإنَّ الأمْنَ الفكريَّ والثَّقافيَّ لا يَقِلُّ أهميَّةً عنِ الأمنِ الجُغرافيِّ والعَسكريِّ، فالأمَّةُ التي تَحمي هُوِيَّتَها الثَّقافيَّةَ وتُصونُ قِيمَها الأخلاقيَّةَ تَكونُ أكثَرَ تَماسُكًا وقدرَةً على مُواجَهةِ التَّحدِّياتِ. كما أنَّ الأمْنَ السِّيبرانيَّ أصبحَ ضَروريًّا في العَصرِ الرَّقميِّ، حيثُ يُسهِمُ في حِمايةِ المَعلوماتِ والبُنيةِ التَّحتيَّةِ الرَّقميَّةِ من التَّهديداتِ المُختلفةِ.
إنَّ تَحقيقَ الأمْنِ بكُلِّ أشكالِهِ يُعزِّزُ الاستِقرارَ، ويُوفِّرُ البيئةَ المُلائمةَ للنُّموِّ والتَّقدُّمِ، ويَجعَلُ مِن المُجتمعاتِ نَماذجَ يُحتَذَى بها في الرَّخاءِ والازدهارِ.