
يحتار المثقف الواعي عندما يدرس جوانب حياتية يعيشها بلدنا ويخضعها لادوات البحث العلمي الرصين لتحليل النتائج بشكل موضوعي، فلا يدري من اي زاوية يبدأ ،وماهي الزاوية الصحيحة ،ومن يقول انها صحيحة ،فالاعراف الدينية وتعاليمها ونصوصها جميعا تحث على اتباع الطريق المرصع بلألي الاصلاح وعدم الانحراف ايا كان، وجميع الاديان اتفقت على ان يكون من نواتها ان يخرج الشخص “خوش ادمي” الا في بلدنا ،فلا احد يدري ماذا يريد الدين ومن يتقبل الدين ونصوصه ويتبعها ، فالفساد ينخر في اعماق الذات المجتمعية ، ونجد رجال الدين واتباعهم يلتقون ويتحاضنون مع قادة البلد المسؤولين عن الفساد ،الكل يطلق اللحية في وجهه ولاندري هل ان ذلك من باب ” المودة الدينية ” ام مودة الازياء التي تردنا من دول الجوار.
لاندري هل ان صاحب اللحية مصلح ام انه ” مهرب عملة ” يشتري الاموال بقوة لحيته ،ليهربها عبر قنوات رسمية الى خارج البلد ،وهذا وجه من اوجه الفساد ،ان يكون المظهر مؤثرا لكي تكتمل صفقة الفساد. ولو تركنا جانب الدين وتوغلنا في عالم السياسة وهو العربيد الثاني الذي يلعب في الساحة ،لوجدنا ان التاريخ النضالي لكل من يدعي كونه سياسيا ومناضلا لايتعدى ذلك التاريخ سوى مكوثه خارج العراق لانه محارب من قبل السلطة الكافرة حينذاك ،وعندما تقول له اثبت بالوقائع ،تبدأ قصص الدجل والشعوذة حيث يقوم كل منهم بتأليف قصة على مزاجه بحيث يكون هو فيها ” عنترا ” وعندما تدقق في حياته التي قضاها في الخارج لاتجد سوى رغد العيش وحصوله على باقة من الاعانات اضافة الى جنسية البلد المضيف .
عندما قامت الحركة الشعبية في مصر بعد سقوط مبارك ،لم يحتمل الشارع المصري كثيرا خطابات مرسي ،اراد الشعب ان يحسم موقفه بين الفهم وسوء الفهم ،اراد ان يقول لا للجهل المطبق فنحن نمتلك من الثقافة والخبرة التي لن نسمح بها بأن يسيرنا مرسي ، ” بلحيته ” ،حسم الشعب الموضوع ولم يطلب قوات للغزو ،ولم يستدعي معارضته في الخارج ،ولم يسمح لاي جهة خارجية ان تدعي عنترايتها عليه ، بعكس مانجده لدينا فالمتهمون بالفساد يجلسون مع اهل السياسة والدين تحت سقف واحد سواءا بالبرلمان او الحكومة ،ويتسامرون سوية حول مجالس الغذاء والعشاء ، وكلهم يلتقون في صور تذكارية ،ويبتسمون امام العدسات الفضائية ، وكلهم يدينون الفاسدين ولاندري ايا منهم ساهم في تبخير مئات المليارات من الدولارات ،وايا منهم المتهم في منح الفيزا الى داعش لاحتلال ثلث العراق ،وهل كانت الفيزا مجانية ام لقاء ثمن.فايا منهم يمثل الملائكة وايا منهم يمثل الشياطين ،، لاندري . القانون الأزلي الذي يجب ان يسود في اي مجتمع راقي هو ان معيار الوطنية لايمكن ان يميز بين الجاهل والمثقف،،وبين المتدين والملحد ومن يتخذ من الدين غطاءا لحماية مصالحه ،،معيار الوطنية يقوم على الاداء الايجابي لخدمة الوطن اولا واخيرا،،وهذا الأداء يقوم على المعرفة والمهارات والخبرات التي يحتاجها الأفراد لكي يغذون بها وطنهم ويسعون الى الأرتقاء به، اما ان يتم تكليف اشخاص لايمتلكون خبرة في تحديد سلوكياتهم التي يجب ان تميز بين ماهو لخدمة الوطن وماهو لخدمة منافعهم ومصالحهم الطائفية ،، فهذا لايعتبر سوء فهم بقدر مايعتبر جهل متعمد ومطبق ليس له غير هدف واحد هو نقل البلد الى التدني ، وهذا مايحصل لدينا منذ اكثر من عشرين عاما مضت،، والأشد غرابة ان الجميع يقسمون ويؤدون اليمين القانوني قبل استلامهم لكنوز وغنائم السلطة والمنصب ،،بانهم سيخدمون البلد،،، وحسبنا الله ونعم الكيل !!!!
د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم