مقالات

الانتخابات الماليه . د نمير نجيب نعوم

الشبكة مباشر

الانتخابات المالية

مفهوم دراسات الجدوى الاقتصادية والمالية التي تقوم عليها كل المشروعات قبل البدء بتنفيذها على ارض الواقع،،تقوم على اساس التعرف على مدى ربحية المشروعات في كل خطوة فيها ،،منذ ان تكون تلك المشروعات هي عبارة عن افكار واراء ولجان ومقترحات الى ان تتحشد الجهود ويتم توظيف الأمكانات اللازمة من اجل تحويل ماكان على الورق من مخططات الى مشروعات قائمة على ارض الواقع ومن ثم تجهيزها بالادارات والخبرات اللازمة لغرض انجاحها وتحقيقها للأهداف.

الفكرة الأساسية التي تقوم عليها دراسات الجدوى الناجحة هي ايجاد العلاقة بين مكونات رأس المال المطلوب انفاقه سواءا كان مملوكا بأكمله او انه عبارة عن قروض من الأخرين ،، وبين ماسيحققه ذلك المشروع من عوائد مالية وامتيازات وأرباح حسب التوقيتات الزمنية التي تضمنتها دراسة الجدوى،، وهي توقيتات متوقعة وليست مضمونة ، اي قد يواجه المشروع بعض الأزمات الداخلية والخارجية.

المهم ان دراسة الجدوى الأقتصادية هي دراسة تقوم على الأموال،،كل خطوة فيها محسوبة ويجب ان تحدد في تكلفتها،، فليست هناك خطوات مجانية،،لانها ليست كخطوات المشي والركض والسباق في المجالات الرياضية ،، لان معايير الصحة والرشاقة في دراسات الجدوى تقوم على كمية الأموال التي ستدخل الى جيوب اصحاب رأس المال،،فالصحة لديهم لها قانون واحد وهو ” الفلوس ” ،، ولكن تبين بعد التدقيق والتمحيص والمقارنة ،، هي ان السياسة وخاصة لدينا ،،هي عبارة ايضا عن مشروع اقتصادي ينطبق عليه مفهوم دراسة الجدوى الأقتصادية ،، فليس من السهل ان يصل كائن من يكون الى مقعد نيابي او وزاري ،،بدون ثمن ومجانا ، فعلى المرشح للانتخابات ان يتقدم بوجبة من المقبلات الشهية اللذيذة الى فئة الغير ميسورين من ابناء الشعب المغلوب على أمره ، ومن هذه المقبلات ، بطانية صوفية ، او طبق من البيض ولفة فلافل !! مع تغريدات وصياحات ووعود بالارتقاء والنهوض بالبلد ،، مقابل ان يأخذ من الشعب ” بصمة ” فقط،،فتصورا كل هذه المقبلات ثمنها مجرد ” بصمة ” بالأصبع ، وعندها يصعد المرشح ويحقق كل أماله وطموحاته المليارية بأقل التكاليف وهي البصمة ، ويبقى الشعب مبصوم ومغلوب على أمره !!!

هذا اللف والدوران تجاوز العشرين عاما تحت شعار الديمقراطية ،،هذه الديمقراطية المتميزين بها نحن ،، لانها جرعة تخدير لشعب لايحق له محاسبة الفاسدين. فلو طبقنا معايير دراسات الجدوى الأقتصادية على الأنتخابات لوجدنا ان الدراسات لاتصل سوى الى الفشل والأنهيار والبؤس والتشرد والفساد المستمر.

اقرت وزارة المالية مؤخرا موافقتها على صرف مبلغ 900 مليار دينار لتمويل مهرجان الانتخابات القادمة ،، والتي ستعيد نفس الوجوه الى نفس المواقع،، فما جدوى صرف ذلك المبلغ؟ ولهذا من الناحية الأقتصادية للأنتخابات نجد انه بدلا من مشروع الأنتخابات ،،لماذا لايتم تخصيص هذا المبلغ الى مشاريع اساسية لها قيمة وتعود بالفائدة على المواطن ،، واهمها اعلاء منظومات الكهرباء عاليا ،، والارتقاء بالمعامل والمصانع ،، والتوسع بمشاريع اسكان الشعب ،، ودعم برامج الري والزراعة ،،، اي من الافضل اقتصاديا ارجاء مهرجان الأنتخابات وطبع البطاقات والبصمات والاعلانات الترويجية والوعود واللجان المشرفة ومصاريفها،،ارجاء كل ذلك ،،ولكن بشرط اساسي ،، وهو بقاء نفس المناصب الحالية على ماهي عليه في مواقعها ومناصبها وحماياتها وامتيازاتها ،،على ان يتم اقرار قانون خاص يحتم على شاغلي هذه المناصب الحالية بانه لابد من صرف واستثمار الـــ 900 مليار دينار فقط للأرتقاء بالبلد وتخليصه من اوجاعه،،، وسنرى ماذا سيحصل؟؟ الخوف ان يتم وضع هذا المبلغ في جيب واحد منهم،،يتفق مع البقية على توزيعه بالتساوي،،خارج البلد !!!!!وبهذا نحتاج فعلا الى الأنتخابات لأن المقاعد ستكون شاغرة !!!

 

د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى