في عام 1939م
وفي إحدى مدارس الرياض الابتدائية
لاحظَ مدرسٌ فلسطيني الحزنَ الشديد على وجه أحد التلاميذ.
فسأله عن السبب ..؟
فأخبره أن المدرسة ستنظم رحلة ورسم الاشتراك ريال واحد.
ولكن أسرته فقيرة جدًا ولا تمتلك هذا الريال !!
وبكل ذكاء عمل المدرس مسابقة جائزتها هي ريال للإجابة الصحيحة …
وبالطبع سأل التلميذ الصغير عن الإجابة فأجاب وأخذ الريال وفرح فرحة لا توصف وشارك في الرحلة ..
لم يستكمل ذلك التلميذ الصغير تعليمه بسبب فقره الشديد ..
واشتغل حمّالاً للأمتعة مقابل نصف ريال فى اليوم..
ثم حمالًا لصفائح الكيروسين لانعدام الكهرباء فى ذلك الوقت ..
ثم بائعاً في محل بقالة
ثم طباخاً .
حتى ادخر 400 ريال فتح بهم محل بقالة ..
ثم فتح محل صيرفة لبيع وشراء العملات من الحجاج …
وربنا أكرمه وفتح عليه أبواب الرزق..
لا تستغربوا حين أقول لكم أن هذا التلميذ هو سليمان الراجحي
الذي أسس “مصرف الراجحي” الذي رأسماله وصل الى 124 مليار ريال سعودي.
ويعمل به 8000 موظف فى 500 فرع في العالم كله ..
و عرفاناً بفضل الله عليه تبرع بثلثي ثروته كأوقاف لأعمال الخير.
لم ينس هذا التلميذ موقف المدرس الفلسطيني معه !!
وإليكم ما كتبه بنفسه عن هذا الموقف من مذكراته “قصة كفاح” :
عدت إلى المدرسة وإلى جهات التعليم بحثاً عن ذلك المدرس الفلسطيني حتى عرفت طريقه.
فخططت للقائه والتعرف على أحواله.
التقيت به ووجدته قد شاخ وهو بحال صعبة بلا عمل ويستعد للرحيل.
فلم يكن الا ان قلت له بعد التعارف :
يا أستاذي الفاضل لك في ذمتي دين كبييير جداً منذ سنوات..
قال بشدة : “ليس لي ديون عند أحد”.
وهنا سألته “هل تذكر طالباً أعطيته ريالاً لأنه أجاب كذا وكذا “..
بعدما تذكر وتأمل قال المدرس ضاحكاً: “نعم .. نعم …
وهل أنت تبحث عني لترد لي ريالا” قلت له “نعم” ..
وبعد نقاش أركبته السيارة معي وذهبنا ووقفنا أمام فيلا جميلة ..
ونزلنا ودخلنا فقلت له:
يا استاذي الفاضل هذة الفيلا هى سداد دينك مع هذه السيارة وأي راتب تطلبه مدى الحياة وتوظيف ابنك في المؤسسة” ..
ذُهل المدرس .. وقال “لكن هذا كثييير جدا” ..
فقلت له صدقني أن فرحتي بريالك وقتها أكبر بكثير من حصولي الآن على عشرة من الفلل مثل هذه ومازلت لا أنسى تلك الفرحة”).
هل خطر ببال هذا المدرس أن هذا الريال الذى أسعدَ به طفلاً صغيراً سيعود إليه في أقسى لحظات حياته بالخير ليغيرها تماماً؟!!. ..
انها التجارة مع الله ..
ازرع جميلاً ولو في غير موضعه….
فلن يضيعَ جميلٌ أينما زُرعا.
(بتصرف)
د. جمال شحود / هولندا