مقالات

البحث عن الشهرة وهم زائل – عقيل العبود

#الشبكة_مباشر_سان دييغو

الاهداء:
الى من نذر نفسه للبحث في دهاليز هذا المد الذي لا حدود له في فضاء المعرفة، والعلم والجمال، الى كل من جند حياته من اجل ان يقول شيئا ما، الى الاحرار جميعا، اقدم جهدي المتواضع هذا، لعله يصل الى كل من يعشق الحرية والحياة!

عقيل العبود

البحث عن الشهرة وهم زائل

عقيل العبود

الإحساسُ الذي يعيشُ في ضميركَ، وقلبكَ، ووجدانكَ لا بذاتك الواهنة هو معدنك الحقيقي.

والعبقريةُ الفذةُ هي أن تستنتجَ معادلات جديدةٍ، وأن تصنعَ رموزًا يسهلُ على الآخرينَ حل ألغازها وتفسيرِها، ما يفيدُ في حمايتهم من الداخل  والخارج، وفقا لما تمليه مصلحة الحرصِ، والمحبة. 

هي رسالة يحَمِلُها كوكبكَ الصغيرُ، لإنشاءِ نظرياتٍ وقوانين يمكنُ لها بناء هذا العالمِ بقدرٍ من المعرفةِ والسعادةِ، وتلكَ ضرورة تتطلبُ روحاً نقيةً ومشاعرَ صادقة؛ وذلك ايضا يحتاجُ الى انتزاعِ سلطة الذاتِ بعد تحريرها من عبوديةِ الانا المستبدة.

الملكُ هنا هو المبادئ السامية، والقيم النبيلة، والنوايا الخالصة، مع تحقق الابتعاد عن النوازع الشريرة التي تراها تبحث دائما عن شهوةِ التملك.

ولذلكَ فما عليك إلا ان تكونَ مُعَلِّما وقائدا، ينحت التلاميذ أفكارهُ في قلوبِهم، لتتغنى بها الأجيال اسوة برسائلِ الأنبياءِ، والحكماءِ، والاحرار وخطبهم.

فالانبياءُ مثلا كانت رسائل السماء يحملونها، يتنفسون عطرها الخالص في ارواحهم، وضمائرهم، لعلهم يستنطقون الاخطاء التي يفعلها العامة بحثا عن التبشير بلغة الصوابِ، والحكمة.

ولهذا تراهم قد اسَّسْوُا لقيمٍ نبيلة، فكانت الأمانة قد تم تأديتُها على أكملِ وجه.

آنذاك لم يكن الامر بالسهل اليسير، فالمواجهةُ بين أنبياء الله، وفراعنةِ تلك العصورِ إضافةً الى العامةِ من الناسِ تتطلبُ صبرا، وشجاعةً.

فحكمةُ موسى(ع)، وإبراهيمُ(ع) مع قومهِ، ونبيُ الاسلامِ مُحَمَّدٌ (ص) مع اسيادِ مكةَ، وغيرِهم من المصلحينَ، والثائرينَ كُلُهم كانوا يتبارون لا لإثباتِ انفسهم، بل لأجل تحقيقِ تلكَ الاهدافِ التي تتفقُ في رفعتها وغاياتها العظمى مع ارادةِ الخيرِ والحقِ.

لذلك الفكرة، والكلمة التي تصنَعها بقلبكَ، وعقلكَ، ربما ستقودُ إلى قتلكَ ولو بعدَ حينٍ من الزمان مؤجَل، والغاءِ وجودِك المادي، والحسي الحاضر.

هكذا كما مصير معظم الفلاسفة، والعلماءِ كابن رشدٍ، وسقراط وغيرهم مِمَن لم يَهُمهم الموت والقتل، بقدرِ اكتراثِهم لصحةِ اقوالِهم، وافكارِهم، ذلك لأجلِ ان تحيا مقولةُ الحق، والحقيقة. 

المعنى أن الشهرةَ هذه التي تدركها الآن وهي تستفزُكَ تستدرج اسمك، ورسمكَ، وأنحاءَ كيانك، بل وحتى انفاسكَ، ما هي الا صورة زمنية يتم تداولها لكي تموت بعد حين.

اما صورتك الخالدة فهي التي تختبئ خلف قناع الوهم كونها ليس بمقدورها ان تنتفض ضد هذا العالم الغارق بزيف المظاهر، واختلاط الموضوعات والقيم.

ولذلك لكل من تحرر من تلك القيود اقول:
لقد تمَّ اختيارك مسبقا بحكم القدر؛ نظرا لنقاء روحك، وسمو عقلك، وتلك صفات أرادَ لها الخالق ان تكون حاضرة معك ، لتأدية ما يتصل بها، ولو علمتَ وادركت بعمق ما يترتب عليها بعد حين، اي نفسك، لقررت الانزواء بعيداً عن عالمك الحالي ذلك حفاظا على طريقك الشامخ.

وذلك شعور تختزله ذاتك العظيمة، لكي تمنحك صفة الخلود بعيدا عن تصفيق الاخرين، ومجاملاتهم.

هو شعور بالنبل، والانسانية، والرفعة يكاد ان ينبض مع خفقان قلبك كل يوم، يَسْتَنْفِر قواك، ليستقر في وجدانك، يجعل منكَ مثل عاشقٍ يبحث عن حبيبة يتعذر اللقاء بِهَا، ما يشدّكَ لأن تجعل من نفسك قربانا لِأجل ما تسعى اليه، وهكذا فعل الحلاج ذات بوم.

فإن كنت من الاحرار، والفلاسفة، سيكون مثلك مثل جندي في ساحة حرب، وامام مهمة كبرى وتحد عظيم.  

لذلك قولي لمن سار على خطاهم اولئك العظام، لقد وضعتكَ القلوب والارواح في سجلات الخالدين، لأنكَ حملتَ صليب الكلمة الحقة، فحلَّقتَ بعيداً، بها، حينما أيقن الجميع بعد حين، أنَّكَ بنصحيتكَ الكبرى، كنت قد صنعتَ من مقولة المعرفة ناقوسا يدق في مسامع الجميع.

عقيل العبود
ماجستير فلسفة وباحث اجتماعي
جامعة سان دييغو

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى