مقالات

ادب الرحلات …د. فوزي الكناني

عرفت الرحلة بأعتبارها فعلا أنسانيا تطور وتوسع منذ العصر الجاهلي الى المعاصر وهي بكل اتجاهاتها وميادينها المختلفة سجل حقيقي لمختلف مظاهر الحياة الجغرافية والتاريخية والاجتماعية والاقتصادية وتكمن قيمتها في تفسير الظواهر ودراستها لتضعها في أيدي الجغرافي أو المؤرخ أو عالم الاجتماع .هذا الى جانب قيمتها الادبية حيث تعرض جل مضامينها بأسلوب أدبي يرقى الى مستوى الخيال الفني ليمثل أمامنا ادب الرحلات في تنوع اساليبة من السرد القصصي الى الحوار الى الوصف وغيره.
وعرف العرب هذا الادب منذ القدم وكانت عنايتهم عظيمة في سائر العصور وتقدم وتطور في صدر الاسلام والمراحل التي تبعت ذلك .
والسرد في أدب الرحلات لايشبه المعتاد والمتداول في الكتب الاخرى وعزف الرحالة على الوتر الحساس وهو حب الناس للعجيب سواء عند الرحالة أو المتلقي وأدب الرحلة يمثل وثيقة تاريخية ومصدرا لاحداث العصر الذي كتبت فية فهي تاريخ لاحداث كبرى وتفاصيل الحياة اليومية للانسان في أمكنة مختلفة ومواقف متعددة فأدب الرحلة أشبه بدائرة معارف للعصر واشارات دقيقة بشان العادات والتقاليد وطبائع الشعوب الشيء الذي يجعل من الرحلة وثيقة تاريخية لا يستغني عنها الباحث .أول الاسئلة التي يجب أستثارتهاهي :
لماذا أدب الرحلة وليس الرحلة ؟ هل تحتاج الرحلات الى أضافة كلمة ادب حتى تكتسب شرعيتها الادبية؟ وما الذي تفعله كلمة أدب بجوار كلمة الرحلات الجواب هي تجنيس الرحلة وطبيعة دراستها وتحديد عناصرها التي تجعل منها أدبا.وأدب الرحلات نقلة في الزمان أذا كانت بالفكر أو الخيال ونقلة في المكان أذا كانت الرحلة حقيقية فانها تعمد لى اشباع العديد من الحاجات لدى الرحلة .وللعلم تعتبر الرحلة وسيلة لاشباع حاجات الانسان الروحية (رحلات الحج) وحاجته لمعرفة خبايا العالم المحيط به لاستنطاق مكوناته (اذاكانت رحلات أستكشافية)وكما يسعى الابداع لاحداث التوازن كذلك تفعل الرحلة التي يسعى أصحابها الى أشباع فضولة وتحقيق ذاته وإرواء حاجاته النفسية المختلفة.
تتسم دائرة أدب الرحلة لتشمل الى جانب الجغرافيا فنونا من علوم اخرى كعلم السكان والتجارة والاقتصاد دون ان تهمل ميدان السياسة والاجتماع والتربية والتعليم وغيرها.ولذلك نرى تعدد روافد الثقافة في ادب الرحلات وتبعا لذلك يتشكل العجيب فيها بالوان متباينة ليبدع فسيفساء الندرة والغرابة والدهشه والاعجاب.وأجد من الضروري أن اذكر اسماء اشهر الرحالة امثال أبن بطوطة وابن جبير والبيروني والاندلسي في كتابة (نزهة المشتاق في أختراق الافاق)والمقدسي في (أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم)وأنا عند كتابتي في أدب الرحلات ألتقط الاشياء المميزة التي لاتوجد في بلدي أو المشتركة منها أما العادية كالمميزات الحضارية والبشرية فلا التفت اليها

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى