رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي و خلال القمة الأوروبية التي أنعقدت في فرساي، بفرنسا، استبعد أي انضمام “سريع” لأوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وهو مسعى رئيسي
للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
ولم يصدربعد رد فعل من الحكومة الأوكرانية عقب قرار قادة دول التكتل الذي أوضح أن “مساراً سريعاً للعضوية في الاتحاد غير ممكن”.
لكن من جانب آخر، أكد القادة الأوروبيون أن الاتحاد سيواصل العمل لـ “تقريب” أوكرانيا من الاتحاد الأوروبي حسب البيان الصادر عن المجلس الأوروبي الذي لفت إلى أن الاتحاد سيعمل على تعزيز الروابط والشراكة لدعم أوكرانيا في متابعة مسارها الأوروبي، مضيفا “أوكرانيا تنتمي إلى عائلتنا الأوروبية”. وفي سياق إظهار تعاطفها ودعمها المعنوي لكييف، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين “نريد أوكرانيا حرة وديمقراطية نتقاسم معها مصيرا مشتركا”.
ما هي أسباب الرفض؟
لم يتحدث القادة الأوروبيون ضمن بيانهم عن الأسباب الكامنة وراء رفض انضمام أوكرانيا إلى التكتّل وفق مسار سريع، لكن خلال تصريحات لبعض رؤساء وحكومات الدول أشار معظمهم إلى ضرورة أن تتجاوز أوكرانيا الوضع المتأزم الذي تمر به أولاً.
لقد أصر عدد من دول الاتحاد الأوروبي، بقيادة هولندا، على أنه لا توجد “عملية سريعة” لانضمام أي بلد إلى التكتّل، حتى بالنسبة لأوكرانيا، وشدد رئيس الوزراء الهولندي مارك روته “ليس هناك من مسار سريع”.
وأضاف “أود التركيز على ما يمكننا فعله لفولوديمير زيلينكسي حالياً أما انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي فهذه مسألة إجراءاتها طويلة” ولفت إلى أن ” تقييم المفوضية الأوروبية لطلب دولة ما الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي يستغرق شهوراً وربما سنوات، قبل اتخا ذ قرار بشأن الأمر”.
من جانبه ، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون”هل يمكننا الآن فتح إجراءات انضمام مع دولة في حالة حرب؟ لا أعتقد ذلك، هل يجب أن نغلق الباب، قطعاً لا”.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في تصريح للصحافة المحلية، إن الإجراء “المستعجل هو ليس انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي بل إخراج روسيا من أوكرانيا”.
ضرورة موافقة جميع الأعضاء
على الرغم من أن عضوية أوكرانيا في الاتحاد الأوروبي أصبحت مستبعدة راهناً، فإن فحص ملف دولة مرشحة للانضمام إلى التكتّل عملية طويلة، فضلاً عن أنها تتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء الـ27.
قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن “على الاتحاد الأوروبي أن يعمّق شراكته مع أوكرانيا بدلا من الحديث عن انضمامها لعضويته. من جانبه حذر رئيس وزراء لوكسمبورغ كزافييه بيتي من إعطاء كييف الانطباع أن “كل شيء يمكن أن يحدث بين ليلة وضحاها”.
وكان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال قال في وقت سابق ” ليس هناك موقف موحد بشأن قضية توسيع الاتحاد المكون من 27 دولة” وأضاف”سيكون الأمر صعبا، نعلم أن هناك وجهات نظر متباينة في أوروبا”.
عملية معقدة
كان رؤساء ثماني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هي جمهورية التشيك ولاتفيا وليتوانيا وبلغاريا وإستونيا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا، دعوا في رسالة مفتوحة إلى بدء محادثات انضمام أوكرانيا “بشكل فوري”.
لكن دولاً أخرى مثل فرنسا ما زالت مترددة في بدء الإجراءات المطولة المعتادة للانضمام للاتحاد، فقد استغرقت إجراءات انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي، ما لا يقل عن عشر سنوات.
لكن القادة الأوروبيين أشادوا بـ”بالتطلعات الأوروبية والاختيار الأوروبي لأوكرانيا” وأشاروا إلى أن طلب العضوية الخاص بها قد تم إرساله “على جناح السرعة” إلى المفوضية الأوروبية من أجل “تقييم” الخطوة الأولى من المرحلة الأولى من العملية التي تتضمن محادثات طويلة مع مختلف الدول المكونة للاتحاد الأوروبي.
تعديل بنود المعاهدات؟
لا توجد في معاهدات الاتحاد الأوروبي نصوص تحيل إلى “إجراء فوي خاص”، وحتى يتم قبول طلب انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، فإن الأمر يحتاج لا محالة إلى تعديل نصوص في معاهدات الاتحاد الأوروبي.
بمعنى آخر، ينبغي العمل على إعادة تكييف المادة 49 من معاهدة لشبونة المتعلقة بطلبات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي والمادة 50 المرتبطة بالانسحاب من التكتّل. ويتطلب هذا الإجراء سنوات حتى يتم النظر في آلياته وبنوده لأنه غير قابل للتطبيق على المدى القصير.
انتهاك للقانون الأوروبي
قبول انضمام فوري لأوكرانيا وفق “إجراء خاص”، غير اوقعي من الناحية الإجرائية والعملية ذلك أنه حتى ولو تم “إقحامه” وراء أي ظرف من الظروف، فهو يعني أن الاتحاد الأوروبي وفي ظل الوضع المتأزم مع روسيا، يكون مجبراً على الدفاع عن أعضائه ومن ثم يتطلب واقع الحال الدخول في حالة حرب مع روسيا على الأراضي الأوكرانية وفق ما تنص عليه بنود “معاهدة لشبونة” المرتبطة أساسا بـ”المساعدة العسكرية” للدولة العضو في الاتحاد حين تتعرض لعدوان عسكري من منطلق أن “كل عدوان على دولة عضو داخل التكتّل هو اعتداء على سائر دول التكتّل”.
معايير العضوية
مهما يكن من أمر، يتعين على أوكرانيا إظهار أن نظامها السياسي والاقتصادي وحتى البيئي تتواءم لوائحه والمقومات الأوروبية ضمن ما تنص عليه معاهدات الاتحاد الأوروبي.
وينبغي أن تحصل المفوضية الأوروبية على وثائق تثبت توافق سياسات كييف مع معايير الاتحاد الأوروبي بشأن سيادة القانون. ومحاربة الفساد فضلا عن آليات أخرى، تتعلق بالسياسة الاجتماعية والاقتصادية وهي التي تحدد شروط الانضمام إلى التكتّل، ذلك أن طلب الترشح ينبغي أن يحظى بموافقة رسمية من المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي والدول الأعضاء، قبل أن تتم المصادقة عليه بالإجماع من قبل المجلس الأوروبي.
أوكرانيا ترتبط حالياً بشكل وثيق وحيوي بالمؤسسات الأوروبية، وقد وعد رئيس المجلس الأووبي شارل ميشال في هذا الإطار، بدعوة الرئيس فولوديمير زيلينسكي للمشاركة بشكل منتظم في قمم رؤساء الدول والحكومات الأوروبية.
كما وعد القادة بالمساعدة في إعادة بناء أوكرانيا في فترة ما بعد الحرب “على افتراض أن البلاد لا تزال قائمة” حسب بيان المجلس الأوروبي الذي أشار إلى أن قادة الاتحاد الأوروبي طلبوا من المفوضية الأوروبية إصدار “تقييم” بشأن طلبي العضوية للاتحاد الأوروبي الذي تقدمت بهما مولدوفا وجورجيا الأسبوع الماضي.