المرأة والطفلحقوق المرأةكلمة العددمقالات

الجندرة و عولمة الجنس البشري

#الشبكة_مباشر_سامراء_بقلم د. سهام السامرائي جامعة سامراء

مصطلح( الجندر ) من المصطلحات الغامضة والمراوغة والفضفاضة والمضللة والمغلفة بالصعوبات ، إذ لا توجد إلى الآن ترجمة معتمدة واحدة لهذا المصطلح ولم يتم استعمال رديفٍ مطابقٍ في اللغة العربية ، ولذلك أوجدوا له تعريبًا في اللغة العربية بـ ( النوع الاجتماعي )، والنوع الاجتماعي ( Sexes social ) وعلى خلاف ( الجنس ) ( Sexebiologue)الذي يعني الفوارق البيولوجية الطبيعية والتي تفرّق ما بين الذكر والأنثى من خلال الكروموسومات والصفات التشريحية ، الإيجابية والهرمونية ، وهي فوارق تولد مع الإنسان ولا يمكنه تغييرها ، وقد أوجدها ألله لأداء مهام وظيفية معينة في الإنسان ، فإنَّ( الجندر) هوية مكتسبة يتمّ تعلّمها وتتغير مع مرور الوقت وتتضمن تلك الصفات الاجتماعية والحضارية المرتبطة بالرجال والنساء في اطار محتوى اجتماعي زمني محدّد . وتتغير هذه الصفات بين ما هو ذكوري وما هو أنوثي مع تغيّر الثقافات والمجتمعات والأزمنة . وترى الانقسام الجنسي ليس أكثر من انقسام بيولوجي لا يترتب عليه أيّ اختلاف مهم في الوظائف والأدوار أو المسؤوليات داخل الأسرة أو داخل المجتمع . (( فالفرد من الذكور إذا تأثر في نشأته بأحد الشواذ جنسيًا ، فإنّه قد يميل إلى جنس الذكور ، لتكوين أسرة بعيدة عن الإناث ، ليس على أساس عضوي فسيولوجي وإنَّما على أساس التطور الاجتماعي لدوره الجنسي والاجتماعي ، وكذلك الأمر بالنسبة للفرد من الإناث ؛ أي : إنهم يرون أنه من الممكن أن تكون هوية جندرية لاحقة ثانوية _ جنس ثالث _ لتتطور وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية ، حيث يتم اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة ، إذ إنَّ أنماط السلوك الجنسي وغير النمطية منها ( بين الجنس الواحد ) أيضًا – تتطور لاحقًا )).

وقد عرفت الموسوعة البريطانية ( الجندر ) : (( هي شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى … ولكن هناك توافق بين الصّفات العضوية وهويته الجندرية ، إنَّ الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة ؛ بل تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهوية الجندرية ، وتتغيَّر وتتوسع بتأثر العوامل الاجتماعية ، كلما نما الطفل )) .
فيما عرّفت منظمة الصحة العالمية ( الجندر ): (( هو المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية ، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية والتركيب البيولوجي )) .

إذاً مصطلح ( الجندر ) يقصدون به النوع ، أي ازالة الفوارق بصفة عامة بين الذكور والإناث وعدم الاعتراف بها ، سواء كانت فروقًا بيولوجية من نتاج الطبيعة أو كلّ ما ينتج عن هذه الخصائص العضوية من توزيع لأدوار الحياة ، بحيث يكون ردّه إلى النوع الإنساني ، أي: أنَّ الذكورة والأنوثة عبارة عن نوع واحد ، بمعنى أن الإنسان يولد كإنسان فقط .

فتصبح كلمة ( الجندر ) بديلاً عن كلمة الرجل والمرأة . وهذا خلاف الأنوثة والذكورة كما جاءت في الخلق ، والدين والأعراف السوية ، فالإنسان إما ذكر أو انثى ، وهذه إرادة إلاهية ، فالله خلق الإنسان إما ذكرًا أو أنثى ، يقول تعالى ( فلما وضعتها قال ربي إنّي وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإنّي سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) آل عمران : 36 ، فالذكورة والأنوثة هي إرادة إلاهية ، وهي من مستلزمات الفطرة .

و (( مر الجندر بمراحل تطور مختلفة ، حتى نشأ على صورته الحالية ، مع نهاية القرن التاسع عشر بمفهوم المساواة المنصفة ، التي تمثلت بالمطالبة بتحسين واقع المرأة الاجتماعي والاقتصادي والأخذ بعين الاعتبار وظائف المرأة البيولوجية – من حمل وولادة ورضاعة وتربية أولاد …- ، ثم تطور المفهوم إلى المساواة الكاملة أو المطلقة الذي بدأ منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين ، وانتهى هذا القرن بالمطالبة بالتماثل بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات والخصائص والوظائف ، وهو ما يسمّى بالجندر ، حيث تكفلت بمطالب المرحلتين الأخيرتين المواثيق الدولية التي أصبح لها منظمات خاصة ، وأقيمت مؤتمرات عالمية تدعو إلى أفكارها)) .

وقد تبنت الأمم المتحدة مفهوم ( الجندر ) وعدّته مفهومًا مركزيًا في نشاطاتها ، واستهدافاتها ، وتحدثت في كتبها عن اثني عشر شكلًا ونمطًا من أنماط الأسرة .

وقد ظهر المصطلح في اتفاقية ( سيداو 18 كانون الأول / ديسمبر 1979 ) تلك الاتفاقية التي أقرتها الأمم المتحدة ( اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة من خلال تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لدور الرجل والمرأة في المجتمع وتحمل هذه الاتفاقية بذور المفهوم (الجندري) الذي باتت أكثر وضوحًا مع تقدم الوقت ) . وأثارت اتفاقية ( سيداو ) وبعض أنشطة وكالة الأمم المتحدة الخاصة بالمرأة تتعلق بالحق في الاجهاض وفي مفهوم الأمومة والصحة الإنجابية وشكل الأسرة ، ولا سيما العلاقات الخاصة بالجنس المثلي وتشمل النساء والرجال والذين يعيشون معًا بلا زواج أو النساء اللواتي ينجبن سفاحًا ويحتفظن بهم وينفقن عليهم ( الأسرة ذات العائل المفرد أو الأم المعيلة ) .

ممّا أثار ردّ فعلٍ في العديد من البلدان العربية والإسلامية التي تحفظت على بعض مواد اتفاقية ( سيداو ) ، المخالفة لسنن وقوانين الحياة الاجتماعية والطبيعية التي بات بنودها معتمدة دوليًا والتي لا تنسجم مع عاداتنا وتقاليدنا وديننا فالمجتمعات العربية والإسلامية تعتمد على الأسرة بعدها نواة المجتمع .

واعترف تقرير أعدّته وكالة المرأة في الأمم المتحدة العام 2004 بشكل رسمي بـ ( المثلية ) وحماية حقوقهم والسعي لقبولهم من المجتمع وعدّ ذلك تعبيرًا عن المشاعر ودعمًا لتعليم الممارسة الجنسية بمختلف أشكالها .
ورأى بعض الباحثين أنَّ استعمال المراكز الغربية وخاصة الأنغلوساكسونية لمسألة (المثلية الجنسية ) كشعار حقوقي وسياسي ، هو استعمال لها كأداة سياسية في الضغط على الحكومات والأنظمة التي لا تسير وفقًا للهوى الغربي ؛ بحيث يجري رفع هذه الورقة كلما دعت الحاجة لدفع الحكومات المستهدفة لتغيير سياستها ( وليس تلك المتعلقة بمسألة المثلية ، بل المتعلقة بالصراع الدولي والاصطفاف الدولي الجاري ) . وهذا الاستخدام امتدادٌ لاستخدام الغرب في نصف قرن مضى أو أكثر ـ لملف ( حقوق الإنسان ) كأداة ضغط وابتزاز وتحكم بالسياسات ، وقطعًا ليس للدفاع عن حقوق الإنسان .

و يمكن أيضًا إدراج ظاهرة المثلية والمثليين ومزدوجي الجنس والمتحولين جنسيًا LGBT تحت لائحة ( سياسة تحديد النسل ) إلا أنَّها غير مباشرة ،إذا تشكل عائقًا أمام الزواج والإنجاب. وهي طريقة مشابهة لسياسة ( الطفل الواحد ) التي اعتمدتها الصين ، هذه الظاهرة تدعمها مؤسسة Usaid , ومنتدى Davos ، فضلًا عن شخصيات شهيرة مثل (بيل غايتس ) . تقوم فكرة تحديد النسل على كبح النمو السكاني في العالم وخصوصًا دول الجنوب ، وبالتالي ، ستكون النتيجة الطبيعية للشذوذ الجنسي في خدمة هذا المشروع أو ما يُطلق عليه ( مشروع المليار الذهبي ) الذي تقوم فكرته الأساسية على أن موارد الأرض لا تستطيع أنْ تلبي حاجات سوى مليار نسمة من البشر ليعيشوا بمستوى دخل مناظر لما هو عليه الحال في الدول الغنية .لذا فإنّه من الضروري التحكم في التعداد السكاني العالمي ، بل وتقليصه إلى مليار نسمة ، وذلك لن يتم إلا عن طريق العديد من الإجراءات ، أهمها : دعم المثلية الجنسية والترويج لها في كل مكان ، في التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي وفي ماركات الملابس العالمية .

ويعد ( الجندر ) محورًا لمنظومة كاملة من المفاهيم والمصطلحات والتي تدور في فلكه ، ومن تلك المفاهيم : تمكين المرأة ( استقواء المرأة ) Womno. و تحرير المرأة ، Wmpowement،و الصحة الإنجابيةReproductive Health ،و الحقوق الإنجابية حقوق الشركاء والجنس الأمن ،و الإجهاض الأمن ،و العنف ضد المرأةVlolenceAjajnstWomen ، العنف الأسري Famil violence و مصطلح التمييز Discrimination ،و المساواة التامة بين الرجل والمرأة …إلخ .

وتعمل (الجندرة ) على تأسيس نوع جديد من المجتمعات البشرية ، أي: ( المجتمعات اللادينية ) وعلى تغيير المفاهيم والمصطلحات على مستوى الأسرة والمجتمع ، إذ أوصلت أنماط الأسرة إلى اثني عشر نوعًا بما في ذلك أسر الشذوذ الجنسي ـ يعني أسرة رجالية ( بين رجل ورجل ) ، وأسرة نسائية ( بين امرأة وامرأة ) ، وإيجاد حلول لغريزة حبّ الإنجاب لهذا الزواج المثلي ؛ بتأجير الأرحام أو التلقيح الاصطناعي وإلغاء الفروق بين الذكور والإناث ، وإخراجهما عن أصل الخلقة والفطرة والدور الوظيفي لكلّ منهما . ممّا يعني أنَّ فلسفة الجندر تتنكر لتأثير الفروق البيولوجية الفطرية في تحديد أدوار الرجال والنساء ، بل تدعو إلى التماثل بينهما في كل شيء ، دون مراعاة لكثير من الاعتبارات الدينية والأخلاقية والمنطقية والواقعية ، متجاهلين ما في دعواتهم من التعارض الصارخ مع الطبيعة البشرية والذوق السليم وتعاليم الأديان ، فدعاة الجندر يرون بأن الأسرة لها أنماط وأشكال مختلفة في المجتمع ليس بالضرورة أنْ تكون من أم وأب وأطفال ، وجاء في أدبيات الأمم المتحدة أنَّ الأبناء يمكن الحصول عليهم بالتبني أو الاستنساخ ، والشواذ والمثليين الجنسيين يجب عدّهم عاديين يمارسون حقا من حقوقهم ، والسماح لهم بتعميم ثقافتهم بناءً على المساواة الجندرية .

وهكذا نجد أنَّ مفهوم ( الجندر ) على الرغم من أنَّه في بعض مطالبه هو القضاء على التمييز ضد النساء والمطالبة بمساواتهن بالرجال في الحقوق والواجبات إلا أنَّ ما ينفذ حاليًا هو الجانب المظلم المخالف للفطرة والدين والمنطق والعقل لإعلان منظومة تبيح الشذوذ وتلغي الأسرة وترفض الاختلاف بين الذكر والأنثى .

و على أيّة حال نحن ندعو إلى العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات والقضاء على التمييز ولكننا نرفض رفضًا قاطعًا المفاهيم التي تتعارض مع ديننا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا والفطرة الإنسانية , فالاعتقاد بهذا المصطلح والعمل به هو كفر بالله تعالى وبالقرآن الكريم وما جاء ليوافق فطرة الرجل والمرأة وأنَّ هناك أحكامًا خاصة لكل منهما ، ومن غير الممكن أنْ يكون هناك تساوٍ مطلق بينهما وفقًا للأحكام الشرعية وللفطرة الإنسانية .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى