أدب وفن

الفائز بالمرتبة الثانية ……. عقيل العبود

الشبكة مباشر

الفائز بالمرتبة الثانية

عقيل العبود

المتسابقون لم يبق لهم الا بضعة أمتار، السماء كأنما راحت تنظر نحوهم، تحتضنهم بفضائها المفتوح، لتستوعب حضور تفاصيلهم.

الفضاء الذي أحاط بهم، كمثل كوكب راح يبحث عن ألوان زينته، ليثير إعجاب الحاضرين.

أما الغيم فقد أمضى رحلته فوق الأفق، لِيُعَبِّرَ عن تآلفه مع تلك الزرقة الشفيفة.

الهواء العليل كأنما راح يعانقهم، أويحمل نوبات التصفيق، باتجاه هذا البساط المفروش بالعشب، والمحاط بالأشجار، وحدائق الورد.

الساحة المعدة للسباق بطريقة مدهشة، تم ترتيبها لتكون أكثر جمالا.

لحظتئذٍ الأرض ابتدأت تضج بهتافهم، اللاعبون قلوبهم راحت تخفق بسرعة هائلة، الجمهور، البعض منه، بلهفة أمسى ينتظر نتيجة الإعلان عن الفائزين؛

الأول تجاوز خط العبور، الثاني خطواته التحقت، الثالث بإرادة لم يعهدها من قبل، بقي محافظا على النتيجة دون ان يعرف انه قد احرز الفوز بالمرتبة الثانية ذلك بعد عثور الثاني بطيات بقعة لم تتفق مع سطح استوائها.

اما تلك الفتاة فقد بقيت نظراتها عالقة تختطف قلبه حتى اللحظة الاخيرة-عيناها تسمرت في وجهه لتستحوذ على أنحاء مشاعره، بينما صيحاتها امتزجت مع دوي الأصوات، لتنفرد بذلك النوع من الإهتمام.

عندئذٍ شئ من قبيل همس رقيق راح يطرق مسامعه بقوة مؤثرة، يلهمه طاقة تكاد ان تشد قدميه بسرعة مضاعفة.

لذلك قلبه راح ينبض بحالة تقدمت على حدود ذلك الخفقان، ليقفز به نحو اخر ما تبقى من الشريط.

الفاتنة تلك بطولها الممشوق، وشعرها الأشقر المصفوف، وبعينيها الزرقاوين، مع ملامح ذلك الزهو الذي تمثل في فستانها الأنيق ، تميزت بذلك النوع من الإحتفاء بطريقة تكاد ان تكون أكثر لياقة من الآخرين.

رمقها بسرعة خاطفة، الأفكار راحت تجول في خاطره، دون أن يعرف أحد بسر ذلك النوع من الهيام؛

“فرحة الفوز سيعقبها مناسبات اخرى” انصرف مع تأملاته بثقة متجاوزا لحظة الغبطة تلك.

تسارعت خطواته مثل طائر يحلق في أجواء بعيدة، “الحياة فيها فرص اكثر، واجمل” قالها مستأنسا استجابة لتلك الأحاسيس.

ذلك النوع من الزهو انعكس على أسارير وجهه، أدرك انه بحاجة لمواكبة فرص أخرى للتألق.

بات اكثر غبطة عندما عادت به الذاكرة إلى مراسيم احتفال تخرجه من الجامعة قبل شهر مضى.

صوَّبَ نظراته ليس فقط نَحْوَها تلك الحبيبة التي الهمته لغة العزيمة،

انما نحو مشاعره التي راحت تدعوه لأن يكون اكثر روعة لتحقيق ما يسعى اليه مع اشواط حياته المقبلة.

الحفاوة، تلك اللحظة التي بقيت حاضرة في ذهنه، جعلته يمضي مرة اخرى مع تلك الصور التي بقيت تشع في نفسه،
 
بينما تلك الشابة التي بغبطتها فاقت إعجاب الآخرين، جعلته أكثر لهفة لإحراز نجاحات جديدة.

***
عقيل العبود

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى