أدب وفن

صورة قديمة…

#الشبكة_مباشر_بغداد_ذكرى خالد الجنابي

صورة قديمة… ، يظهر فيها ثلاث رجال مصابون بالعمى يقودهم فتى ذو نظرات غاضبة

. العميان الثلاثة يؤمنون بأن الصبي هو زعيمهم القائد ويحملون له مشاعر

الامتنان والتبجيل ، بالرغم انه في كثير من الأحيان يعمد إلى إهانتهم والسخرية

منهم وتوبيخهم على اقل خطأ يرتكبونه ، وحتى لو لم يرتكبــوا خطأ فهو لا ينسى

أن يُشعرهم بقوته وسطوته ليؤكد ذاته الدنيئــة أمام ذلهم وانكسارهم .

الصعاليك والسفلة عندما يصبحون وبمحض الصدفة قادة ومسؤوليــن تستعر في أنفسهم

مشاعر الكراهية والاحتقار للآخرين من المستويات الادنــى ، لأنهم يذكرونهم

بحالهم السابق وما كانوا عليـــه من ذل وهوان …….

بعد انتهاء رحلة العميان اليومية في التسول يقودهم الفتى الشرس الى حيث

يُقيمون ، يجلسون في احدى زوايا المكان كاطفال هادئيــن ، ينصتــون لرنين

الدراهم المعدنية في يد القائد وهو يعدها . انهم يعرفون بأنه يسرقهم ، ويأخذ

اكثر مما يستحق ، لكنهم لا يجرؤون على الاعتراض ، فهم بحاجة ماسة لقائد يُعوض

فيهم النقص الذي يعانونه ، ويتحمل نيابة عنهم رؤية الطريق وما فيه من مطبات

وحفر ، حتى لو تعمد تجويعهم فسيزداد رضوخهم له ويتبعونه كما يتبع الطفل أمه ! .

وحالما يُلقي الفتى إليهم بأواني الطعام ، تمتد ايديهم اليها يتحسسون ما فيها

ثم يلتهمون طعامهم بشراهة وهم يرددون كلمات الشكر والعرفان لقائدهم العطوف .

إن العمى يولد الانقيــاد وهذا بدوره يمنحهم الشعور بالراحة والسكينة والأمان

ولذة الخضوع ! ……

العمى عبودية وتحنيط للارادة ، وله أشكال كثيرة ، فالتعصب الديني عمى ، والجهل

عمى ، والأيديولوجيات عمى والتحزب عمى والارتماء في قعر التأريخ عمى ، والغرور

والنرجسيـــة والنظرة الضيقة للأمور هي من الاوجه المتعددة للعمى ….

*الشيء الذي يشدني في الصورة ان العميان ينتعلون الاحذية والذي يقودهم حافي القدمين *

*الحليم تكفيه الاشارة#*

*ذكرى خالد الجنابي *

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى