شعبنا بين متعة الرياضة و الفن و السياسة
#الشبكة_مباشر_بغداد_ د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم
يقال ان موازنتنا العامة تم تقدير ايراداتها بمبلغ 134 ترليون دينار، طبعا من النفط بشكل خاص لان ” نفطنا ليس لنا “. رقم الايرادات هذا بالرغم من عظمته فانه لايحقق اي متعة للشعب، مجرد رقم لايقدم ولايؤخر، فكم من مليارات خلال عقدين من الزمن ، صرفت ، وحالنا كما هو عليه، لم يتحرك فيها البلد خطوة نحو التحضر وفقا للمؤشرات العالمية.
تتفق اغلب قيادات الدول المتقدمة والمترفهة على ان تحقق لشعوبها المتعة والبسمة وراحة النفس بحيث تعيش شعوب تلك الدول في جو بعيد عن منحدرات الفساد والتأقلم مع بيئة متعجرفة في كافة ميادينها.فمن يقرأ رقم الايرادات الترليونية لموازنتنا وهو يعيش في اليابان او السويد وغيرها، يقول مايقول عن مستوى الرفاهية التي يعيشها شعبنا لانه لايعلم شيئا عن الظلام الدامس الذي يدخل في جميع ثنايا وميادين البلد،فلا صناعة ولازراعة ولاتعليم ، كل شي يعتمد على منافذ العملة ومانستورده من الدول وخاصة دول الجوارالتي تعيش في نعيم من جراء تخلف قطاعاتنا. ولهذا فأن مايتمتع به شعبنا ليس له علاقة بالمصانع والمزارع والمدارس والجامعات ، بل نجد الشعب دائما يتفحص ويستقصي عن الميادين التي تدخل الراحة الى نفسه وهذا الميادين بعيدة عن السياسة وفقرات الطائفية التي تموضعت في نفوس البعض من جراء رؤوس وعقول تعيش متعتها من ذلك ولايهمها متعة ورفاهية الشعب المغلوب على أمره.
وليس من الغريب ان يجد اي متفحص مقدار الاستهزاء الذي يرافق اي حديث بين اشخاص حول حجم الايرادات وحجم الفساد المرتبط به وعندما يتفق جميع المتحدثين على مقولة مشهورة ” وشنو قبضنا من تلك الايرادات “، ولكن لو كان الحديث عن مجال غير الملايين لوجدت الشعب باغلبيته يرتاح ويتمتع ويحلق عاليا وينسى جميع مأسيه. فلو اخذنا مجال الفن مثلا ، فاغلب الشعب يتفقون على ان الفن بمختلف مجالاته يقدم لهم البسمة وما اسهل البسمة التي يرسمها الفن على البائسين، هذا الفن سواءا كان باغنية او مسرحية او لقاء ثقافي او فيلم سينمائي او حوار كوميدي ، ما ان يتم عرضه حتى ترى جموع الشعب يتلذذ به كل حسب ثقافته، وما تجده في الافراح والمناسبات العامة هو خير دليل لأن بسمة الفن سهلة لراحة النفس عكس البرامج الحزينة والمقولات الخيالية التي تبثها العقول الحاكمة التي تترك الانسان ينام حزينا تطارده اشباح المصاريف والديون وتكاليف الحياة. فما اسهل ان تدخل الراحة الى نفوس الشعب عند متابعته لمسلسلات حجي راضي وعبوسي وخليل الرفاعي وسماعه لناظم الغزالي وسعدون جابر وفاضل عواد ومائدة نزهت وغيرهم كثيرين،او عند سماعه لأسم الجواهري ونازك الملائكة ومعروف الرصافي وجواد سليم ومنصته في الباب الشرقي،او علي الوردي وجواد علي وطه باقر او سماعه للقبانجي الذي قال ” دوما انادي تحيا بلادي ، انا المغني بنغمة شرقية ، انا العراقي نفسي ابية” هذه الأسماء الطنانة والرنانة ليست مستوردة من دول الجوار ،عاشت وماتت ودفنت وهي عراقية ،ولهذا تجد العراقيين يحلقون بقلوبهم المشتركة حولها ،لافرق بين حيدر او بكر او خوشناو،،يشتركون ولايهمهم ايرادات الموازنة والفساد،وهكذا تتحقق المتعة والفنية.
وهناك مجال اخر يتفق فيه العراقيين وهو الرياضة،فمتعة الرياضة ليس لها حدود ،وهذا ماوجدناه في مباريات كأس اسيا مؤخرا ،فالمقاهي والنوادي والتجمعات في الشوارع والازقة كلها تهتف للفريق العراقي ، ولافرق بين عمر وزين العابدين ورزكار، الكل يهتف عاش العراق.
والان نسأل ايهما اهم توفير الترليونات التي تذهب لجيوب المنتفعين، ام تخصيص تلك الايرادات لتحقيق المتعة للشعب عن طريق ميادين الفن والرياضة والثقافة، فعلى الاقل فأن فريق كرة القدم حقق المتعة لملايين تابعوا المباريات داخل وخارج العراق ، ولكن رقم الترليونات لايحقق سوى البؤس والحزن والاكتئاب ،، ايهما اهم كأس البطولة الرياضية واغنية ” هلا باليلعب جوبي ” أم متابعة خبر فكاهي يبدأ بــ “” وقال المتحدث الرسمي …. “”” .
د. نـمـيـر نـجـيـب نـعـوم