يعد التنفس وظيفة من ارقى واهم الوظائف التي تؤديها جميع الاجناس الحية، البشرية وغيرها، فهي وظيفة متلازمة منذ الولادة وحتى انتهاء الصلاحية ، فبالنسبة للبشر يتم فيها تزويد الجسم بالأوكسجين الذي يتوجه نحو الرئتين ومن ثم يتم طرح ثاني اوكسيد الكاربون بعد سلسلة تفاعلات في الجهاز التنفسي ، اي استلام الأوكسجين الذي يستخلص منه الجسم حاجته ضمن الأوعية الدموية للأبقاء على الحياة الطبيعية ، ومن ثم اخراج ثاني اوكسيد الكاربون الناتج عن عملية الأكسدة في الخلايا .
منظومة التنفس هذه لو نظرنا اليها فانها هبة من الله سبحانه وتعالى لكي نتعض ونستفاد منها في حياتنا الاجتماعية ، فمادامت هي منظومة تعمل لفائدة وديمومة البشر ، فانها بالتأكيد منظومة يمكن الأستفادة منها في حياتنا الأجتماعية اليومية، فاذا كان معدل التنفس الطبيعي لدى البشر يتراوح بين 12 – 20 نفسا في الدقيقة ،فكم دقيقة يعيشها الفرد وكم يتنفس لكي يعيش. وبنفس الطريقة يأكل ويشرب الأنسان ويمتص جسمه حاجته ثم يتخلص من الزائد منها.
هذه المنظومة التي تقوم على تناول المدخلات والتخلص من الغير مفيدة منها ، تقوم عليها جميع منظومات العمل في المجتمع سواءا بالتعليم او التصنيع او الزراعة او الأسكان ، حيث يدخل الطلبة كمواد اولية في منظومات التعليم وينجح منهم ويتفوق البعض او يتم التخلص من غير المفيد منهم ، وفي الصناعة تدخل اشكال المواد الأولية وانظمة التكنلوجيا المتقدمة حيث تستخرج انواع البضائع والسلع ثم يتم التخلص من الأجزاء التي لافائدة منها.
عملية التنفس البشري على بساطتها هي قاعدة لابد من الاستفادة منها في كل ميادين الحياة ، فمادمنا نعيش فيجب ان ننتفع من كل مايحيط بنا من موارد لكي يتم استثمارها لخدمة ماقدمه لنا الوسط المجتمعي الذي نعيش فيه.
الا في قنوات ودهاليز السياسة والتكتلات والمحسوبية وتشعباتها في اعماق المجتمع ، فهناك مجتمعات تتمتع بصحة جيدة حيث تقرر ان تنتخب من يجيد عملية الشهيق ويستثمر الكنوز العقلية والثروات الطبيعية لخدمة المجتمع بكافة مرافقه والارتقاء بجسم المجتمع لكي يبقى جسما صحيا خاليا من الشوائب والمصائب والفواجع ، يتم استغلال الثروات الطبيعية لكي يتم تقديم منظومات تعليم راقية يتم التباهي بها امام الأخرين، وتقديم مشروعات اسكانية وزراعية وثقافية تقول للعالم اجمع ان البلد بصحة جيدة وجسمه سليم ويحسن عملية الشهيق لموارده بطريقة سليمة ولايخرج من عملية الزفير سوى بقايا مهملة لايمكن الانتفاع منها.
هذا في المجتمعات الناصحة والسليمة ، وفي المقابل هناك من المجتمعات البائسة والتي تقودها اجسام ترفل بالصحة والسلامة والابهة والعيش الرغيد في كل حياتها ، ولكنها تتعمد وتصر على ان تقود شعبها نحو انعدام التوازن وعدم قدرته على ممارسة عملية التنفس بشكل طبيعي ، قادة هذه المجتمع ونحن منه يقومون بعملية الشهيق للثروات والدولارات والامتيازات والقصور داخل وخارج البلد ، اما زفيرهم العميق للشعب فيكون على شكل تصريحات طنانة رنانة ووعود واكاذيب وقصص من الخيال الخرافي ، لكي يقوموا باقناع الشعب بأن الشهيق الصحي والصحيح هو القبول بالمأسي والتخلف وانحدار الثقافة الى اوطأ مستوياتها ، القادة يقومون بالهروب نحو مستقبل يضمن لهم حقوقهم وامتيازاتهم هم واتباعهم من الأموال الحرام ، بينما يقوم الشعب بالهروب نحو الماضي والقبول به ، القادة يشهقون انقى انواع الأوكسجين المطعم بثروات البلد ، بينما يشهق الشعب ثاني اوكسيد الكاربون عالي العفونة والمطعم بارقى انواع التخلف ، ويلقن اجياله اللاحقة بتلك الوجبة لكي يتم توريثها وتوظيفها الى مزيد من التخلف.