رحيل المحقق الأستاذ الدكتور محي هلال السرحان العقيلي ( رحمه الله) ( 1932 – 2024 )

من الانصاف أن نثمنَ جهد العلماء ممن بذلوا أرواحهم من أجل رفعة العلم والعلماء والتذكير بدورهم الريادي في الكرم بتعليم ما تعلموه
وقد منَّ الله عليَّ بأن أحظى بمشرفٍ لأطروحة الدكتوراه هو علم عراقي موسوعي في علوم العربية لغةٍ ونحواً وبلاغة وعروضا ، وعلوم القرآن وعلوم الحديث ،والفقه ،والتاريخ
ألا وهو الاستاذ الدكتور محيي هلال السرحان العقيلي وقد كان موضوع أطروحتي يتطلب مشرفا في هذه الصفات الجامعة لان فيهالكثير مما يتعلق بعلوم العربية وفيها الاستشهاد بالقرآن وفيها الكثير من الحديث النبوي الشريف ،وفيها مادة التاريخ وموضوعي هو

( المادة التاريخية في الامثال العربية مجمع الأمثال للميداني ت ٥١٨هـ أنموذجا )

وقد اختارتْ لي موضوعي الأستاذة الدكتورة ظمياء محمد عباس السامرائي ( رحمها الله ) وأملتْ عليَّ خطة الموضوع وكان ظني وظنها أنها هي المشرفة على الاطروحة ، وحين قُبِل العنوان صدر معه اسم المشرف وهو الاستاذ الدكتور محيي هلال السرحان ، فأخبرت الدكتورة ظمياء ( رحمها الله) فقالت : يمكنك أن تطلب تغيير المشرف ولكنها استدركت … وقالت الدكتور محيي أفضل مني أوسع علماً ومعرفةً في هذا المضمار فابقَ معه خيراً لك لأنك ستتعلم من خبرتِه الطويلة الشيء الكثير ، وقد أصابت في ذلك فما إن ذهبت إليه والتقيته في الاكاديمية العليا للدراسات العلمية والانسانية وجدت فيه الاستاذ الدكتور المحترم على الرغم من سعة علمه وكبر سنه كان يزينه حسن الاستقبال والتواضع

قلت له : بلَّغوني أنك المشرف على أطروحتي وذكرتُ له موضوعها . فرحب أحسن ترحيب وقدمني لمن معه من الاستاذة المتحلقين حوله
وكما ذكرت فالميداني في مجمع الامثال يعتني في بعض الاحيان باعراب المثل وقد يتناول المثل ويوضح مفرداته اللغوية أو تصريف مشتق فضلا عن السرد القصصي ، والروايات التاريخية لمناسبة المثل
هذا إلى أن هنالك أمثلة لآيات من كتاب الله المجيد وأحاديث نبوية شريفة وكل ذلك يتطلب مشرفاً موسوعياً محققاً ملمّا بعلوم العربية والقرآن والحديث والتاريخ .
وقد حقَّ القول على الاستاذ الدكتور محيي هلال السرحان أن يلقب بشيخ المحققين في العراق فقبل الشروع ببحثي في جمع مادة الاطروحة وجهني إلى مفاتيح سهلت عليَّ ما أنشده

وبعد الكتابة التي بلغت ستمائة صفحة
وجدت أن ما وضع عليها من ملاحظات تدلل على أنني أمام بحرٍ لجيٍّ خاض غمار البحث والتوثيق عقودا فمن أين أتيته لا يبارى نحوا ولغة وبلاغة وعروضا وحديثا وتاريخا فعلى الرغم من تجربتي المتواضعة في مرحلة البحث الادبي في مرحلة الماجستير ،وما كتبته من مؤلفات بعد رسالتي مثل غرض العتاب في الشعر العربي وأثر الشعر في القرار السياسي ، وكتاب خمسة أجزاء في دراسة ملامح الصورة الفنية الاحاديث النبوية وغيرها ، وجدتني صغيرا أمام مدرسة علمية مترامية في سعتها ودقتها، وأمانتها ، ومحبتها للعلم والعلماء
ألا وهي مدرسة الاستاذ الدكتور محيي هلال السرحان وجدت العناية الفائقة والدقيقة في تتبع الاطروحة حرفا حرفاُ و أواخر الكلمة وإملائها ، وجدت عنده عدم الرغبة في التكرار هذا إلى المنهج الدقيق في تخريج الاحاديث وترجمة الاعلام
وقدرته الفائقة على استخلاص المعاني والعبر في كل فصل فمهما تحدثت عن وفائه الكبير وإخلاصه لمهمته العلمية لن أستطيع أن أفيَه حقه
أسأل الله تعالى لشيخ المحققين العالم الموسوعي الفذ الاستاذ الدكتور محيي هلال السرحان أن يتغمده برحمته الواسعة ويغفر له ويحسن إليه وينزله منازل الصديقين والشهداء والأولياء الصالحين في جنات النعيم وحسن أولئك رفيقا

١- ولد محي هلال سرحان العقيلي في تكريت سنة 1932 وحصل على شهادة الدكتوراه (بمرتبة الشرف الأولى) من كلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر وقد تخصص في الفقه المقارن، وقام بتحقيق الكثير من المخطوطات التي كان أولها كتاب أدب القاضي للماوردي (المتوفى 450هـ)، وآخرها كتاب طبقات الحنفية لعلي بن أمر الله الحنائي (المتوفى 979 هـ)، وألّف العديد من الكتب سواء كانت منهجية أو تعليمية، كما ساهم في بحوث متعددة داخل وخارج العراق، وأشرف على رسائل الدكتوراه والماجستير ومناقشتها، كما اسهم في نشاط كبير في عدد من الجمعيات والمؤسسات منها عضويته في اتحاد الكتاب والمؤلفين/بغداد / 1972، عضو الجمعية التأريخية / بغداد / ، 1981 عضو اتحاد المؤرخين / بغداد / 1984، عضو نقابة المعلمين، عضو نقابة الصحفيين، مدير تحرير مجلة الشريعة والقانون / 989، مدير تحرير مجلة الرسالة الإسلامية / 1991.[1]

تحقيقاته
أدب القاضي، تأليف الماوردي الذي طبع في حزئين عام 1971-1972
شرح أدب القاضي للخصاف تأليف الصدر الشهيد ابن مازة الحنفي وطبع باربعة اجزاء
تسهيل النظر وتعجيل الظفر للمارودي.
أدب القضاء لابن أبي الدم الحموي وطبع في جزاءين عام 1984.
أدب الفتيا للسيوطي، وطبع عام 1986.
أدب الشهور لابن سراقة العامري، وطبع عام 1990.
مرشدة المشتغلين في احكام النون الساكنة والتنوين للطبلاوي، طبع عام 2002.
تحفة نجباء العصر في احكام النون الساكنة والتنوين والمد والقصر لزكريا الانصاري، وطبع عام 1986.
طبقات الحنفية لعلي الحنائي، طبع عام 2004.
التلخيص في تفسير القران العظيم لموفق الدين الموصلي المعروف بالكواشي، وهو مطبوع في أربعة اجزاء.
وفي التاريخ اشترك في تحقيق كتاب سير اعلام النبلاء للذهبي، بالاشتراك مع الدكتور بشار عواد معروف.
وله مؤلفات عديدة، منها:
تحقيق مخطوطات العلوم الشرعية.
القواعد الفقهية ودورها في اثراء التشريعات الحديثة.
أصول تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية.
الشهادتان، معناهما وفضيلتهما واحكامهما والتوحيد بهما.
النظرية العامة للقضاء في الإسلام.
الوجيز في اللغة العربية لغير المتخصصين.
اصول البحث وتحقيق النصوص في العلوم الإسلامية.
اشترك في تاليف كتاب عن تحقيق مخطوطات العلوم الشرعية.
اشترك في تاليف كتاب عن المكتبة وأصول البحث، وهو كتاب منهجي.
اشترك في تاليف كتاب في الخطابة، وهو كتاب منهجي.
اشترك في تاليف كتاب عن مناهج المفسرين، وهو كتاب منهجي في كلية العلوم الإسلامية جامعة بغداد.
اشترك في تاليف كتاب دروس في قواعد اللغة العربية وادابها، وهو كتاب منهجي.
اشترك في تاليف كتاب في الفقه الإسلامي وهو كتاب منهجي مقرر تدريسه في المعاهد الإسلامية.