قبل أكثر من أحد عشر عامًا، اتفقت زوجتي وأولادنا الثلاثة على اقتناء كلب كصديق للعائلة. لم أوافق بدايةً، وكنت رافضًا تمامًا للفكرة. ففي ثقافتي العربية، كنت أجد صعوبة في قبول فكرة وجود كلب في المنزل. لقد نشأت على قناعة بأن الكلاب نجسة وغير مناسبة للتواجد داخل البيت. كان استخدام كلمة “كلب” في مجتمعي يأتي غالبًا كإهانة، وعزز ذلك تصوري بأن الكلب مخلوق غير طاهر.
كنت في حيرة. من جهة، أردت أن أتمسك بثقافتي، ومن جهة أخرى، أردت أن أظهر لعائلتي أنني أحترم الطريقة السويدية في النظر إلى الحيوانات الأليفة. بعد أشهر من النقاش العائلي، رضخت لرغبتهم. في النهاية، كان العدد أربعة ضدي، وتركنا الديمقراطية تحسم القرار.
اختيار نوع الكلب لم يكن سهلاً أيضًا. بفضل صديقي وزميلي في العمل، بوسه هيلستن، حصلت على نصائح وإرشادات. أعطاني كتابًا عن رعاية وأمان الكلاب في السويد، إلى جانب قرص مضغوط يحتوي على فيلم وثائقي عن تدريب الجراء.
أخيرًا، وجدنا مربيًا لنوع “بيشون فريزي” في منطقة بعيدة عن المدينة تدعى فاستغارده. ذهبنا جميعًا للقاء المربي وطرح أسئلتنا. في النهاية، وافقت المربية على بيعنا جروًا صغيرًا أسميناه “سيمبا”. ولكنني صدمت بسعره – فقد كان يكلف أكثر من السيارة التي كنت أملكها في ذلك الوقت!
كانت هذه خطوة أخرى في عملية اندماجي في المجتمع الجديد. وصل سيمبا إلى بيتنا وهو بعمر أحد عشر أسبوعًا. وضعت له قواعد صارمة منذ البداية: لم يكن مسموحًا له بدخول غرفة نومي، وإن تبول أو تبرز داخل المنزل، كنت أهدد بطرده مباشرة.
قضى سيمبا ليلته الأولى معنا وهو يئن ويحاول خدش باب المنزل – كان يفتقد والدته وإخوته. شعرت بشيء من الشفقة عليه وبدأت بمداعبة ظهره بلطف لتهدئته. بدا وكأنه يفهم أنه ليس مرحبًا به في غرفة نومي. لكن في الليلة التالية، استيقظت لأجد أنه تبول في وسط الغرفة، وكان مختبئًا تحت الدرج يراقبني بعينيه الصغيرتين، يترقب رد فعلي.
شعرت بالغضب وقلت إنه يجب أن يغادر البيت. هرع الجميع للمساعدة – أحدهم نظف المكان، وآخر رش معطر الهواء، وزوجتي حملت سيمبا بين يديها تهدئه وتقول: “إنه مسكين، مجرد جرو صغير يفتقد أمه”. هنا بدأت مشاعري تلين، وبدأت علاقتي مع سيمبا تتطور ببطء.
بدأنا نقضي الوقت سويًا في الغابة، وسجلنا في دورة تدريبية للجراء لأتعلم كيفية التعامل معه وفهمه بشكل أفضل. مرت أحد عشر سنة مليئة بالحب والضحك والصداقة المخلصة. لم يتركني سيمبا وحدي أبدًا، لا ليلًا ولا نهارًا. عندما أمرض، كان يبقى بجانبي ويرفض الأكل حتى أتحسن. وعندما أسافر، كان يجلس بجانب النافذة يراقب الطريق حتى أعود. وعندما أكون في المنزل، كان يقفز فرحًا مثل طفل يستقبل والده العائد.
لكن في أغسطس 2024، تغير كل شيء. أصيب سيمبا بورم في ساقه، وبعد زيارات عديدة للطبيب البيطري والفحوصات، تبين أن الورم غير قابل للشفاء. بدأ يواجه صعوبة في المشي ويعاني من آلام شديدة. اتخذنا القرار الصعب بإنهاء معاناته ووداعه، لنغلق الفصل الأخير من أحد عشر عامًا من الحب والإخلاص.
سيمبا، صديقي ورفيقي، لم يعد هنا. لكن ذكرى إخلاصه ستبقى دائمًا محفورة في قلبي.