أقدار مكتوبة
في إحدى المرات التي تعودت جدتي أن تذهب بها إلى البستان المجاور لبيتنا عند بزوغ الفجر، بقصد الأعتناء بأشجار الحمضيات المثمرة والزيتون سمعت من بين الأشجار صوت بكاء طفل متقطع، يرادفه صوت كلب يعوي بأنين وجروا صغير ينبح عليه بقوة…
كان الصغير يحاول الرضاعة من ثدي أم الجرو الصغيرالمولود حديثاً.. والجرو يمنعه من سرقة حليب أمه..
المنظر الذي رأته جدتي بأن الطفل الرضيع يحاول أن يرضع من ثدي الكلبة أثار دهشتها و أعتلى وجهها الغضب والحيرة بأسئلة متكررة صعب تفسيره في لحظتها أو أن تجد له جواب يبرء ما كانت تتوقعه أو أن تراه يوما ما في حياتها، حملت الجدة العجوز الطفل وجاءت به إلى منزلنا وهي تردد بسخط وشحب أن الكلاب أرحم من الإنسان …
كان الجرو سيكون أخ هذا الصغير في الرضاعة وأم الطفل الرضيع الغبية تتركه في العراء لتأكله الكلاب الشاردة…
انظروا لحال هذا الطفل المسكين أين وجدته، في العراء بين الأعشاب والأشجار…
لو أن له أم عاقلة لكانت بكت عليه من تلك الأم الفاجرة التي رمته طعاما للأفاعي والحيوانات المفترسة بين الأشجار…
أحمر وجه أبي وبدأ يتململ ويشطات غضبا…
وهو يبتعد عن جدتي والطفل إلى الوراء…
كانت جدتي تحاول الأقتراب من أبي الذي خبرناه بأنه أب طيب وعطوف، لتخبره كيف وجدت الصغير الخدج واحضرته للبيت..
بينما الفزع بحالة الهلع وصراخ أبي يشتد حدة ويعلوا بتصاعد وتهجم على جدتي بأعلى صوته..
لماذا أحضرتي إبن الفاجرة إلى منزلي؟!..
أصاب الصمت المكان بين الجميع، وأصبحنا في حالة ذهول ودهشة ليس من وجود ضيف صغير وغريب بيننا بل من ردت فعل أبي المتعالية… بالرفض لوجود طفل كأنه قنبلة موقوتة ستنفجر في وجه أبي في إي لحظة…
بعد مرور الوقت كبر الصغير بيننا، وأصاب والدي بالخرف…
كان ينده عليه.. أمك ذهبت مع عشيقها إلى نيجيريا وأنا ابتليت بك أيها الفاجر مثل أمك..
ثم علمت أنه أخي من أبي وقد رماه في البستان المجاور لبيتنا لأن عشيقته رفضت الاحتفاظ به وهاجرت مع رجل آخر إلى نيجيريا…
ليلى الحسين سورية