مقالات

كلنا خسرانين الوطن إذا بقينا على عشوائيتنا وفوضويتنا…

#الشبكة_مباشر_بيروت_ خلود وتار قاسم

كان زميلي بالجامعة اللي جاية من ضيعة مش واصلها شي من الحياة المدنية، يعتبر إنه التلفزيون من أهم الاختراعات التثقيفية والعلمية للانسان…. كنت أضحك وأعتبره مسكين لأنو ما بحياته ما شاف تلفزيون وهو شي عادي بحياتنا هدفه التسلية مع شوية عِلم وشوية أخبار……. لم أفكر حينها بأن هذه الوسيلة من التواصل مع الناس وُجِدت لهدف أساسي…. “السيطرة والتوجيه والتحكم”…

خلال مراحل حياتنا وتاريخنا الحديث إذا كنّا نريد أن نقول منذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية وحتى الآن ونحن نُلقّم المعلومات والأفكار التي تُغذي نار الحقد وتؤجج الطائفية وتُعزز استمرار الحرب…. واللي زاد الطين بلّة توسع التكنولوجيا وكثرة قنوات التواصل وصارت المعلومات تأتي الى الناس من كل حدب وصوب هدفها التشويش والجهل والإضاءة على أمور سطحية سخيفة لكي تضيع الناس عن حقيقة وجودها وأهمية حقوقها التي تُسلب منها بشكل يومي من قِبل سُلطويين يدّعون حماية الطائفة ……

نشطت وتوسعت وتطورت المؤسسات الإعلامية الحزبية التي سببت الحرب على حساب التلفزيون الوطني مما سبب بانهياره وكان لذلك هدف أصيل وهو كتم الصوت الوطني الجامع وتغذية الأصوات الطائفية المنافقة التي تدّعي التحدّث بإسم الوطن بينما هدفها الأساسي تعزيز وجودها على حساب الآخرين……

بعد اغتيال الحريري “رحمه الله” في 2005 قررتُ اعتزال التلفزيون واتخذتُ الكتاب صاحباً وصديقاً لأن التلفزيون سبّب الكثير من سوء التفاهم واختلاف وجهات النظر حتى في داخل منزلي “وكان حالُنا كحال معظم الناس”… كما أن نوعية البرامج التي يُدمن عليها الناس هي برامج سخيفة سطحية غريبة عن حياتنا ومجتمعنا واعتبار أن استعمال الكلام البذيء وترداد كلام الجنس هو الحضارة بعينها.. بالنسبة لي هذا كلّه لا يعني حضارة وانفتاح إنما فساد وتدمير فكر… تستطيع أن تعرف الشعب الحضاري من طريقة تعامله مع نفسه وتعامله مع الغير وتعامله مع بيئته وأكيد تعامله مع وطنه….
هي أفكار أتتني عندما قمت بغلطة وقررت مشاهدة التلفزيون وتابعت بعض مقاطع من عادل كرم #بيت_الكل … في بادئ الامر شدّني النقد السياسي لبعض الأمور ولكن تحولت الحلقة الى كلام بذيئ يعكس عُقد كل من يشارك في إعداد هذا البرنامج . غيّرتُ المحطة فكان الوضع أسوأ ومن ثم محطة أخرى لم تكن أفضل فمن باب الدفاع عن الثورة تُسرّب المحطات التلفزيونية رسائل لكي تشوش المشاهدين فإذا كانت مقصودة فهي مصيبة كبيرة وإذا كانت غير مقصودة فالمصيبة أكبر باعتبار بأنهم نافذة داخل بيوت الناس تقذف أمور إلى عقول الناس مما تؤدي إلى دمارهم من الداخل من غير التصرف بمسؤولية …… ويللي ناطرنا بكرة المنظرين والمنجمين عُلماء الغيب يللي صار عندهم اتباع شريحة كبيرة من شعبنا الضايع التائه ……
دمار الفكر هو الدمار شامل……..الأعداء لا تحتاج إلى قنابل نووية لتدمير المجتمعات…. الحرب على بلادنا من الخارج ومن الداخل على السواء هدفها تفكيكنا … لذا كنّا لبنانيين ……وأصبحنا سنيين وشيعيين ومسيحيين ودروز وعلويين مقسّمين جماعات جماعات وعصابات وقبائل ….
شكرًا للإعلام والذي علينا أن نتذكر بأن كل محطة إعلامية تابعة لجهة سياسية نحن نحاربها ونقول بأننا نريدهم “كلهم يعني كلهم برّا” أم أننا ننافق؟؟؟🤔 هذا الإعلام الذي نتابعه بشغف خلال هذه المرحلة نجده يستضيف أيّ صوت من دون مسؤولية كما أنه يستضيف أي إشاعة وأي خبرية لكي يسبب الفوضى العارمة على الأرض. صحيح أننا نريد الحرية وحقوقنا المسلوبة من يوم وُجِدنا على هذه الأرض ولكننا لسنا منظمين لكي نقوم بحركة جامعة تؤدي إلى التغيير المنشود.
نحن مشرذمين مشتتين كل واحد فينا له رأيه الخاص وينظر إلى الأمور من منظوره الخاص أيضا، فكيف لنا أن نصل إلى أرضية جامعة.
هذه الثورة لم تفرز حتى الآن شخصيات يُتّفق عليها لذا حتى الآن موقفنا متأرجح وآيل إلى السقوط. علينا أن نأخذ نفسا عميقاً ونصلي على النبي أو المسيح أو مين ما إنتو بتصلّوا له وخلينا نشوف وين مصلحة الوطن الجامعة.
كلنا خسرانين الوطن إذا بقينا على عشوائيتنا وفوضويتنا…
إذا لم تنكشف بصريتنا ونرى بعين ثاقبة إلى أين نحن ذاهبين أحب أن أبشرّكم بأن بلادنا تاريخنا ترابنا تراثنا و وجودنا على المحك والى الزوال…. كل إنسان فينا مسؤول

خلود وتار قاسم قبل آخر يوم بسنة 2019

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى