یعتبر النوروز، أي “يوم جديد” العيد القومي للشعب الكوردي عيدا قوميا يحتفلون به في جميع أنحاء العالم و في الوقت نفسه عيد رأس السنة الكوردية الجديدة 2722والذي يصادف يوم الـ 21 من آذار، وفق التقويم الميلادي. إن عيد نوروز، إنما يتمثل في احتفالات موروثة عن الأسلاف تُقام بمناسبة حلول أول يوم في فصل الربيع وتَجدّد الطبيعة. لذلك يعتبر عيد النوروز من الأعياد القديمة التي يحتفل بها الكورد، حیث يعود تأريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد، وتحديدا منذ تأسيس أول دولة كوردية، “دولة ماد”. يحمل هذا العيد بعداً قومياً ولە صفة خاصة مرتبطة بقضية التحرر من الظلم حیث يعمدون الى اشعال النارعند قمم الجبال، كرمز لانتصار الكورد على الطغاة والتخلص من الظلم الذي كان يمارس ضدّهم . يذكر أنّ هذا العيد يصادف بداية شهر الربيع وهو شهر الخصب والتجدّد حيث تكتسي الطبيعة ثوبها الأخضر فتظهر بأبهى حلّلها ما يسمح بطريقة أو بأخرى للشعب الكوردي في الاحتفال بهذه المناسبة المميزة.ويحتفل بها بالاضافة إلى الكرد الفرس والآذريين وفي وسط آسيا والبلقان وحوض البحر الأسود والقوقاز والشرق الأوسط.
وفي كردستان العراق يعتبر عيد نوروز مناسبة رسمية تعطل كل الجهات الحكومية والاهلية اعتبارا من 20 اذار ولمدة اربع ايام ويتم ايقاد شعلة نوروز في كل المدن الكردية، والتي تسمى شعلة كاوه الحداد. يخرج الكورد خصوصآ في تلك الأیام، و بعدها عمومآ، إلى أحضان الطبيعة مرتدين الزيّ الكوردي، فيمارسون طقوس هذا العيد من خلال إيقاد شعلة النوروز، والتي يُطلق عليها شُعلة كاوا حداد، وفق الاسطورة وعقد حلقات الرقص الجماعي والغناء.وتشمل هذه الاحتفالات طقوساً، وحفلات وفعاليات ثقافية، فضلاً عن التمتع بتناول وجبات خاصة مع الأحبّاء. كما يرتدي المحتفلون بهذا العيد ملابس جديدة ويقومون بزيارة الأسر والأصدقاء وتبادل الهدايا، ولاسيما تلك التي تُقدَّم إلى الأطفال.
ولما كان هذا العيد يساهم في تعزيز التنوع الثقافي والصداقة بين الشعوب ومختلف المجتمعات، فإنه يتماشى على نحو وثيق مع ولاية اليونسكو. وقد أُدرج نوروز، وفقاً لاتفاقية 2003 الخاصة بصون التراث الثقافي غير المادي، باعتباره عنصراً من عناصر هذا التراث، في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث غير المادي للبشرية، في عام 2009، ومُدّد هذا الإدراج في عام 2016، وذلك بناءً على مبادرة مشتركة لأفغانستان وأذربيجان والهند وجمهورية إيران الإسلامية والعراق وكازاخستان وقيرغيزستان وباكستان وطاجيكستان وتركيا وتركمانستان وأوزبكستان.وفي عام 2010، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها A/RES/64/253(link is external)”يوم نوروز الدولي”. ويرحب هذا القرار بالجهود التي تبذلها الدول الأعضاء التي يُحتفل فيها بنوروز من أجل الحفاظ على الثقافة والتقاليد المتصلة بنوروز وتطويرها ويشجع الدول الأعضاء على بذل الجهود للتوعية بنوروز وتنظيم مناسبات سنوية احتفالاً به.
أسطورة النوروز
إنّ النسخةَ الكورديةَ للنيروز هي أسطورةُ كاوه الحداد الحداد الذي تشبه قصته القصّةِ في أسطورة الشاهنامة. تقول الأسطورة:
« في قديم الزمان كان هناك ملكُ شريّرُ سَمّى الضحاك وكان قد أصيب بلعنة هو ومملكته، فرفضت الشمس أن تشرق وكان من المستحيل نمو أي غذاء. كان لدى الملك الضحاك لعنة أخرى وهي إمتلاك أفعتين ربطتا بأكتافه، وعندما تجوع الأفاعي كان يشعر بألم عظيم، والشئ الوحيد الذي يرضي جوع الأفاعي كانت أدمغة الأطفال. لذا كان كل يوم يقتل طفلين من القرى المحلية المجاورة وتقدم أدمغتهم إلى الأفاعي. قتل الملك الضحاك 16 طفلا وبقى آخر طفلة في القرية وكانت إبنة كاوه حداد القرية، فوضع خطة لانقاذها. وبدلا من أن يضحي بإبنته ضحى كاوة بخروف وأعطى دماغ الخروف إلى الملك ولم ينتبه الملك للخدعة. وانتهج أهل القرية هذه الطريقة وكانوا يرسلون أطفالهم كي يعيشون مع كاوه في الجبال ليكونوا أكثر أمنا. وكبر الأطفال في الجبال ودربهم كاوه وعندما كبروا وصار عددهم عظيما نزلوا من الجبل بقيادة كاوه واقتحموا قلعة الملك الشرير وقضوا عليه. وكي يستطيع كاوه ايصال الخبر للبلدات المجاورة بنى مشعلا كبيرا أضاء السماء وطهر الهواء من شر الملك الضحاك، وفي ذلك الصباح أشرقت الشمس مرة ثانية ورجعت الخصوبة إلى أراضي القرية وكان بداية يوم جديد أو نه وروز كما يتهجى في بالكوردية.»