عقول تسبق التأريخ
وداد فرحان – سيدني
عقولنا أسراب مهاجرة تبحث عن مأوى للإبداع بعيدا عن أعشاشها، وكلما تمنينا اكتمال فرحتنا بنبوغ ما، تفاجئنا حقائب الرحيل وجوازات السفر، وأحيانا رحيل بلا جواز.
الرحيل بلا جواز خير من عشر جوازات كاتمة للصوت لا تبقي ولا تذر.
اليوم نبتعث أبناءنا إلى أفضل جامعات العالم، لأننا فقدنا أفضل الكفاءات، وما بقي منها تحيط به أسلاك شائكة من التقييد والمحاربة، كي تهزل العملية التربوية ويضعف هيكلها الرصين. الكفاءات لا يستميلها بهرج ولا لمعان ذهب كي تبدع، بل انها كالأرض تعشق المطر، ما إن يهطل عليها نمت وترعرعت.
إنها البيئة التي تولد الإبداع، وتتفتق فيها العقول بكل مناحي التقدم والتطور، ولذا يستقطبها العالم دون أن يغريهم سخاء العطاء.
إنها العقول التي تستلهم إبداعها من الإرث العتيق، ومما تبقى من آصرات التوق نحو الإنتاج.
تتزاحم النتاجات على مساحة المعمورة، وتشرق الابتكارات من كل الاتجاهات.
“عبدالله علاء”.. شاب استقطبته شركة (NIKE) فصمم لها نموذجا لأحذيتها الرياضية فاز به بالمرتبة الأولى، وتصدت صورته بوابة الشركة الالكترونية.
كم عدد الذين سيرتدون نموذجه الجديد في أرجاء العالم؟
وكم سيعرف أن مصمم أحذيتهم الرياضية عراقي بدمه ولحمه، إنه حفيد الإعلامي المخضرم محسن حسين مؤرخ صفحات من التاريخ في صحيفتنا بانوراما.
إنه التأريخ يكتبه المبدعون من عقول حضارة عمقها يسبق التاريخ.