الحضور الجماهيري العراقي والعربي الواسع في بطولة كأس الخليج 25 المقامة على ملاعب البصرة الفيحاء والفرح المنتشر في كل مكان ، يدل على عمق العلاقة بين الشعب العراقي ومحيطه العربي .
كما ظهر معدن الشعب العراقي في اصالته وحبه للحياة ، اضافة الى كرمه المتجذر في التاريخ وعزة نفسه ووطنيته ، والاكثر من هذا وذاك وحدته الوطنية التي تسمو على مخططات التقسيم والتفرقة في صفوفه . التي حاول الاعداء المس بها لا بل تعميقها . خسئوا .
وقد ثبت ان وحدة العراق وامنه هو ضمانة للسلم الاقليمي والعالمي ، وان محاولة العبث بوحدته الوطنية قد تأكد فشلها وبطلانها .
كيف استطاعت امريكا قبل وبعد احتلال العراق من اقناع اعدادا من الشعب العراقي “نتيحة حملاتها الاعلامية المضللة” بان الاحزاب التي جاءت مع الدبابة الامريكية ستمثل حكم الاغلبية في العراق . ورسخت ايران ذلك من خلال دعمها لساسة العراق الفاسدين . وظهر زيف الاحزاب وزيف ادعائاتهم . وما هم الا لصوص لبسوا ثوب الدين والتقوى ، واضلوا كثيرا من الناس .
وكيف تم تدريب الارهابيين بعد اطلاق سراحهم من سجن ابو غريب
و سجن صيدنايا العسكري ليلتحقوا بالقاعدة ، ثم دولة الخرافة الداعشية ، واستقطاب عدد من الشباب وتضليل الناس بدعوى حكم الخلافة الاسلامية ، باسناد ودعم قوى دولية واقليمية .
ثم ظهر خداعهم وتخلفهم وماهم الا ارهابيين وبلطجية وقتلة مأجورين لبسوا ثياب الدين والتقوى لخداع الناس باعلان دولة الخلافة الزائفة .
ومن خلال هذا وذاك تمت الاساءة الى العراق والعراقيين كافة بالفساد تارة وبالارهاب تارة اخرى ، وليس لطائفة دون اخرى .
فهل كان ذلك حادثا عرضيا ام مخططا” تم الاعداد له طويلا ؟
فصول المخطط
فاذا استعرضنا تاريخ العملية السياسية منذ الاحتلال الامريكي للعراق الى يومنا الحاضر سنشهد كيف تم التمهيد للسيطرة على مقدرات الشعب بترسيخ التفرقة بين الطوائف والاثنيات لتفتيت المجتمع وافشال الدولة .
فقد عزز الدستور العراقي “الذي وضعه بريمر وازلامه” ، الطائفية السياسية لشق وحدة الشعب العراقي ، كما تم وضع الغام في مواد الدستور لتخريب العلاقة بين العرب والكرد لنفس الغرض .
ثم جرى العمل على مشروع لبننة العراق بتثبيت المناصب المهمة بأن يكون رئيس الجمهورية كردي ورئيس الوزراء شيعي ، ورئيس البرلمان سني .
وفي وقت لاحق اندلعت الحرب الطائفية التي ليس لها مابررها .
واستمرت الأحزاب الفاسدة على مدى سنوات طوال بنهب الدولة وخيرات الشعب دون وازع من دين او ضمير .
وانتفض الشعب في تشرين المجيدة للتخلص من الطغمة الحاكمة دون جدوى ، ولكنه حقق وحدته الوطنية ورفضه للتدخلات الخارجية . فتم قمعه بوحشية فاشية .
واصبحت التجربة الديمقراطية في العراق من اسوء التجارب في العالم ، بعد ان تحولت الى حكم استبداد الاحزاب وكبت الحريات
وبدلاً من تعزيز الحرية ، سرعان ما أصبح العراق انموذجًا مضادًا للديمقراطية في الشرق الأوسط .
ولم تكن ايران بعيدة عن هذه التوجهات والمخططات التقسيمية في العراق . فقد ساهمت بترسيخها ، سواء عن طريق ميليشياتها المسلحة المنتشرة في كل مكان ، او بواسطة اعلامها الديماغوجي ، حيث هناك اكثر من 50 محطة فضائية تبث سمومها على مدار الساعة .
ومن شدة كره ايران التاريخي للعراق وللعرب ، فقد اعترضت على تسمية الخليج العربي في مباريات كأس الخليج العربي 25 المقامة في البصرة ام العراق .
وطالبوا باعتذار رئيس الوزراء وبعض السياسيين عن هذه التسمية. ولم تلق دعوتهم هذه اذانا صاغية هذه المرة .
ان الوطنية العراقي متجذرة في وجدان وتاريخ الشعب . ولم ولن تنجح أي محاولات لاستهدافها مهما طال الزمن .
ويبدو ان مخططات اعداء العراق في تفتيت المجتمع العراقي قد فشلت ، او كادت .
ولكنها بالتأكيد قد افشلت الدولة بفساد السياسيين وتخلفهم . كما افرغ النهج الديمقراطي من محتواه في التبادل السلمي للسلطة وحرية الرأى والمعارضة .
وكان الهدف من تسليط هذه الفئة من السياسيين الجهلة ، اضعاف العراق الذي كان مصدر قلق وتخوف بعض الدول الكبرى والاقليمية من نهوضه .
وعودة العراق الى مكانته ، والى محيطه العربي غالبا ماكانت تصطدم بالنفوذ الايراني في العراق والميليشيات التابعة لها .
ولكن هل آن الاوان لتصحيح العملية السياسية باعادة العراق الى مكانته التاريخية ، والذي كان على الدوام محورا” اساسيا في المنطقة .
اننا على ثقة بان الايام القابلة ستشهد بوادر نهضة عراقية
خصوصا وان موازين القوى العالمية قد تغيرت بعد الحرب في اوكرانيا وماتبعها من استقطابات ومحاور جديدة .
يقول الدكتور باسكال بونيفاس ( Pascal Boniface) وهو أحد أبرز المحللين الإستراتيجيين الفرنسيين . أن الرياضة هي قضية جيوسياسية ، تشكل جزء” لا يتجزأ مما يسمى القوة الناعمة .
ولذلك فان نجاح بطولة الخليج العربي 25 . وتعاطف الشعب معه ومع المنتخبات العربية يجب ان يكون نقطة تحول في علاقة العراق مع محيطه العربي ، وان لايمر دون ترسيخ التوجهات الايجابية التي وجدناها في هذا العرس البصري الرائع .
والتأكيد على ترسيخ الوحدة الوطنية العراقية . وتصفير النفوذ الاجنبي من اي جهة كانت حفاظا على استقلالية القرار السياسي العراقي . والعمل مع الاشقاء العرب في مختلف المجالات ، لتجاوز سلبيات الماضي واخفاقاته ، وتحقيق التعاون الاقتصادي والسياسي ، لتعزيز التنمية البشرية والاجتماعية وتحسين مستويات المعيشة للشعوب العربية كافة .
ادهم ابراهيم