عادة أسافر في الأيام الأخيرة لأي برنامج تدريبي للوقوف على المخرجات قبل التخرج. قبل الدخول في موضوع الرحلة كانت اخواتنا البرلمانيات في ذلك الوقت هن من يسعين إلينا للقيام بهذا العمل في
ولاياتهن ونعقد في البداية سمنار يحضره برلمانيو الولاية وبعض سيدات المنطقة وكانت من أبرز البرلمانيات اللائي ساهمن في إنجاح العمل الأخوات نائلة وفتحية وحياة الماحي. إقترح بعض الأخوان علينا أن
نبدأ الرحلة بالبطانة مدينة الصباغ وهي تبعد من الخرطوم ٦ ساعات وكذلك من القضارف وفي حالة عدنا لها من القضارف سيستغرق ذلك ١٢ ساعة. توكلنا ومعي د. فاطمة أحمد الحسن مديرة
المشروعات بالكرسي والسائق سليمان وكلنا ليس لديه فكرة عن الطريق ولكنها كانت مغامرة جميلة جدا. تحركنا من الخرطوم بعد صلاة الصبح ووصلنا ابوصالح وسالنا عن الطريق و دلونا على طريق
يوصلنا قرية قيلي والعربة تشق طريقا يبسا لا خضرة ولا حياة إلا القليل من القرى والفرقان المتباعدة ونسأل كلما نلاقي مارة في الطريق ووصلنا قيلي وجدنا مدرسة توجهنا صوبها لنصلي الظهر بها.
إستقبلنا المعلمين والمعلمات كأننا أهلهم الغائبين عنهم ترحاب فوق العادة واصرو ان نأكل معهم وجبة الفطور. في دقائق كانت أمامنا الصينية والكسرة والملاح والمكتب يعج بالتلميذات كل واحدة حاملة
اسئلتها لان الإمتحان قرب وكانت فترة مراجعة. تحركنا من قيلي بعد الشاي والقهوة وإتجهنا في طريق اوصفوه لنا ولكن لتقاطع عدد من الطرق دخلنا في طريق آخر ملئ بمناجم الذهب والطواحين وعدد
كبير من الشباب يحملون أجهزة الكشف عن الذهب وعدد من عربات التاتشر منتشرة هنا وهناك. وجدنا إعرابي يركب جمل اوقفناه لنسأله عن الطريق، نزل من الجمل واحضر قربة وكورية متوسطة وقال
إنتو دخلتو بطريق خطأ لكن قبل أن اوصف لكم الطريق لازم أكرمكم وما عندي غير هذا اللبن. فاطمة وسليمان فرحو جدا لأنهم يحبون لبن الإبل وانا لم اذقه يوما وشربو حتي إرتوو وطلبو ان يسكب لهم
نصيبي في كرستالة كبيرة. وقالو لي سنعملها روب يسمى القارص ونستمتع بها. وصلنا حوالي الثالثة عصرا. ذهبنا مباشرة إلى مراكز التدريب وكانو ثلاثة واحد في الصباغ وإثنان في البقعة الشرقية
والغربية. مركز الصباغ كان به عدة دورات تدريبية واميزها الصناعات الجلدية اما البقعة الشرقية كانت بها دورات السعف والتصنيع الغذائي الذي ابدع فيه العالم د. بيومي من جامعة النيلين. طلبت بعض
النساء زوجات المغتربين ان يعلمهن صنع الكيك والمخبوزات لان لديهن افران وهي لم تكن في البرنامج التدريبي ولكن المدرب الراقي ذو الخلق الرفيع تبرع لهن بوقته خارج زمن التدريب ودربهن على
الحلويات والمخبوزات. وجدت ان صنع ضفيرة السعف ستنقرض لأن الشابات الصغيرات لا يعرفن ذلك ويعتبرنه عمل شاق وبمساعدة إحدي النساء بالقرية قمنا بتدريبهن على ضفيرة السعف. إتجهنا صوب
البقعة الغربية حيث إبنتنا البارعة الأستاذة كوثر و كوثر هذه تحتاج كتاب لوحدها هي ورفيقتها مي مأمون نعم ما انجب السودان خبيرات دباغة الجلود والتعليم المجتمعي. وجدت كوثر داخل قطية كبيرة
صاحبها شيخ القرية وكعادتها مندمجة مع نساء القرية لدرجة تظن ان القرية قريتها هي والكل يتعامل معها كفرد منهم وأبهرني دباغة النساء للجلود وكانت التجربة الثانية لنا لكن نساء البقعة كن بارعات
ومبدعات. لكم الشكر والمرة القادمة نتوجه إلى القضارف.
بروفيسور الشفاء عبدالقادر حسن